إرث الإخوان.. "العين الإخبارية" تقتفي أثر التونسيين العالقين في بؤر الإرهاب
عاد ملف تسفير الشباب إلى بؤر الإرهاب، ليطفو على واجهة المشهد السياسي بتونس، مطهرا عشرية إخوانية لوثت أحلام أجيال.
ملفٌ يجزم مراقبون أنه سيكتب نهاية إخوان تونس (حركة النهضة) في ظل معطيات وبراهين أطاحت بقياداتها من رأس الهرم وحتى القاعدة في دواليب القضاء التونسي.
محمد إقبال بن رجب، رئيس جمعية إنقاذ التونسيين العالقين بالخارج (مستقلة)، تحدث لـ"العين الإخبارية" عن تسفير الشباب إلى بؤر التوتر، متهما حركة النهضة بالتورط في هذا الملف الذي كشف فيه الكثير من الأسرار.
وفي حوار خاص أجرته معه "العين الإخبارية"، وصف ابن رجب العشرية الماضية من حكم الإخوان بـ"السوداء بعد أن أضرّت النهضة بالبلاد والعباد، ونشرت الإرهاب عن طريق توظيف تنظيم أنصار الشريعة الإرهابي (المحظور) بنفث سمومه وتدمير عقول الشباب".
والجمعية التي يترأسها ابن رجب، تهتم بحلحلة أزمة آلاف التونسيين في الخارج، في مناطق النزاع والتي تشمل ليبيا وسوريا والعراق، وتعمل منذ سنوات على معرفة مصير هؤلاء.
وتستقبل الجمعية التي تأسست عام 2013، بعض الأهالي الذين سافر أبناؤهم إلى سوريا وليبيا للمشاركة في القتال مع الجماعات الإرهابية، وتحرص على توثيق قصصهم.
وإلى نص الحوار:
س: ما حقيقة الأعداد التي تقول إن 6 آلاف تونسي سافروا إلى سوريا والعراق وليبيا للقتال؟
ج: الدولة التونسية صرحت منذ سنوات بأن 3000 شخص سافروا إلى بؤر التوتر، لكن لا توجد أي معطيات جديدة على مستوى الأرقام.
وسبق أن ذكرت السلطات التونسية بأنه تم منع 27.500 تونسي من التوجه إلى هذه الدول للقتال.
أما بالنسبة لتقرير الأمم المتحدة لسنة 2015 فيقول إن 5500 تونسي توجهوا للقتال إلى تلك الدول.
وقضية التسفير تواصلت منذ سنة 2012 وحتى 2017، ما يعني أن الأرقام يمكن أن تكون أكثر مما تم التصريح به.
وحسب المعطيات التي وصلت للجمعية فإن 150 طفلا تونسيا عالقون حاليا في سوريا، و22 طفلا في ليبيا، مع الإشارة إلى أن الأعداد ليست كاملة.
س: من أي جانب تنظرون لأهمية هذا الملف؟
ج: هذا الملف يهم الأمن القومي التونسي، ومن الضروري معرفة عدد التونسيين العالقين هناك، ومن ناحية أخرى هو ملف يحمل أبعادا إنسانية لأن الأطفال هم ضحايا الوالدين.
فمن الجانب الأمني، عندما يتربى هذا الطفل في بيئة داعشية وفي مخيمات متطرفة ينبني مستقبله على الإرهاب، وهنا تنشأ قنابل موقوتة في البلاد جرّاء الإهمال والتهاون والتراخي في إدارة هذا الملف، وسيعود هؤلاء بالبلاء على تونس.
س: البعض ينتقدكم ويتساءل لماذا تدافعون عن أشخاص ذهبوا للقتال إلى جانب جماعات متطرفة؟
ج: نحن كجمعية لا ندافع عن الإرهابيين وكل شخص يثبت أنه إرهابي ننسحب فورا.
هناك بعض الأشخاص توجهوا إلى بؤر التوتر لكنهم لم يرفعوا السلاح ولم يصلوا أصلا إلى بؤر القتال، نحن ندافع عنهم من أجل إعادتهم لتونس، وذلك لكسر هرم هذه الجماعات ومنحهم فرصة ثانية وإعادة تأهيلهم وإدماجهم في المجتمع لأن السجن لا يكفي وحده لإعادة إدماج الإرهابيين .
س: من تتهم في قضية التسفير إلى بؤر الإرهاب؟
ج: طبعا أتهم حركة النهضة الإخوانية، وبحسب أطوار القضية المرفوعة فإنهم متورطون وجميع القرائن والأدلة تدينهم أمام المحكمة.
ففي عهدهم، كان تنظيم أنصار الشريعة الإرهابي المحظور، يصول ويجول في تونس وكان زعيمهم أبوعياض يعتلي منابر المساجد لدمغجة الشباب التونسي.
ولا يمكن أن ننسى مسرحية تهريب "أبوعياض" من جامع الفتح وسط العاصمة التونسية في عهد وزير الداخلية الأسبق الإخواني علي العريض سنة 2012، بعد انسحاب قوات الأمن التي كانت تحاصر المكان لاعتقاله، ما يدل على التواطؤ الواضح معهم.
س: ما حقيقة سعيكم للتوجه إلى سوريا لطرح ملف التونسيين العالقين في السجون هناك؟
ج: نعم، تعمل الجمعية مع عدد من مكونات المجتمع المدني التونسي على ترتيب مسألة التوجه إلى سوريا لطرح ملف التونسيين العالقين في السجون هناك، لكن بعد النظر في القرارات التي ستنبثق عن القمة العربية التي ستنظم قريبا (في الجزائر)، لأنه لا يمكن التوجه إلى سوريا في ظل قطع العلاقات الدبلوماسية معها.
وأنا أعتبر أن قطع العلاقات مع سوريا خطأ فادح قامت به الدبلوماسية التونسية سابقا في فبراير/شباط 2012 بقرار من الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي.
لكن حاليا الرئيس التونسي قيس سعيد يعمل على إعادة هذه العلاقات خاصة بعد أن أجرى وزير الخارجية التونسي عثمان الجرندي لقاء بنظيره السوري فيصل المقداد في سبتمبر/أيلول 2021، وهناك بوادر لإرجاع العلاقات، وأتوقع أن يتم النظر في هذه المسألة تحت إشراف جامعة الدول العربية خلال القمة العربية المقبلة.
س: كيف تصف عهد المنظومة السابقة في ظل حكم الإخوان؟
أصف العشرية الماضية من حكم الإخوان بالسوداء بعد أن أضروا بالبلاد والعباد ونشروا الإرهاب عن طريق السماح لتنظيم أنصار الشريعة الإرهابي بنفث سمومه ودمغجة الشباب وتدمير عقولهم.
هنالك شهادة لوالد أحد الشباب الذين سافروا لبؤر الإرهاب، تحدث لي في مقر الجمعية، بأن ابنه كان طالبا أعطاه 20 دينارا (نحو 6 دولارات) لشراء دجاجة من المحل المجاور لمنزله، لكنه اختفى قبل أن يتصل به بعد ذلك بيوم من سوريا رغم أن جواز سفره كان بالمنزل ولم يكن معه أي أموال سوى ذلك المبلغ .
وحسب معلومات وصلتني، أن من يقوم بتسفير الشباب يتم منحه بين 3000 دولار إلى 7000 دولار على كل شخص، وتختلف الأسعار لأنه ليس كل المسافرين مقاتلين، هناك من يرفع السلاح وهناك من يتم توظيفهم في الجانب الإداري لتنظيم داعش.
س: ماذا تقترح الجمعية على السلطات التونسية لحل هذا الملف؟
ج: نقترح ضرورة التواصل مع القضاء السوري الذي عمل على الملف من خلال التونسيين الموجودين بالسجون السورية، والذين قدموا إفادات رسمية حول من جندهم وبعث بهم إلى هناك.
كما أدعو إلى ضرورة التواصل مع القضاء الليبي وتبادل المعلومات بخصوص التونسيين القابعين في السجون اللبيبة .
وأطالب الرئيس التونسي قيس سعيد بصفته وشخصه، بتشكيل لجنة مختصة تضم أمنيين وعسكريين وقضاة بغية التوجه إلى كل من ليبيا وسوريا والعراق وإيطاليا، لمتابعة حالة التونسيين العالقين في هذه البلدان وإعادتهم للوطن، والاستفادة من المعلومات التي لديهم.