محاكمة قتلة بلعيد بتونس.. تهديدات تؤثر على القضية وقرار غير متوقع
في الذكرى الـ12 لاغتيال القيادي اليساري التونسي شكري بلعيد، التي تحل الشهر المقبل، تتابعت التطورات في القضية التي تحوم حولها الشبهات بشأن تورط تنظيم الإخوان.
تحل ذكرى مقتل بلعيد في 6 فبراير/شباط المقبل، فيما بدأت محاكمة قتلته، لكن سير القضية دفع هيئة الدفاع عن القيادي اليساري الراحل إلى اتخاذ إجراء غير متوقع.
وأعلنت هيئة الدفاع عن بلعيد، أمس الخميس، تعليق مشاركتها في المحاكمة احتجاجا على منع الجمهور من حضور الجلسات، قائلةً إن الإجراء "يمسّ ركن علنية المحاكمة، الذي يُعدّ شرطا جوهريا من شروط المحاكمة العادلة، ويحرم الرأي العام من حقه في الاطلاع على الحقيقة".
كما انتقدت إجراء "المحاكمة عن بُعد"، بعدم إحضار المتهمين إلى مقر الجلسات، واستجوابهم عبر تقنية الاتصال السمعي البصري في قاعة خالية.
والأسبوع الماضي انطلقت جلسات استجواب المتهمين في قضية اغتيال بلعيد "عن بُعد"، بسبب تهديدات أمنية، وفقاً لما أفادت به السلطات القضائية.
وسبق أن قالت الوكالة العامة لدى محكمة الاستئناف بتونس، في بيان لها الأسبوع الماضي، إنها قررت أن تكون جلسة محاكمة المتهمين في قضية اغتيال شكري بلعيد "عن بُعد" بسبب خطر يهدد المحاكمة.
ورأت هيئة الدفاع أن القرار (الاستجواب عن بُعد) "حوّل ملف قضية الاغتيال إلى مجرد ملف حق عام، وجعل من المحاكمة محاسبة قضائية تقنية مفرغة من أبعادها الوطنية والتاريخية والسياسية".
وفي 9 يناير/كانون الثاني الجاري، دعا الرئيس التونسي قيس سعيد وزيرة العدل ليلى جفال إلى تسريع البتّ في ملفات جرائم الإخوان، وعلى رأسها ملف الاغتيالات السياسية.
وتشير وقائع القضية إلى دور الجهاز السري لجماعة الإخوان في اغتيال خصميها شكري بلعيد والقيادي القومي محمد البراهمي.
وقال سعيد "إن التأجيل الذي يتلوه تأجيل في بعض القضايا المنشورة منذ أكثر من عقد (يقصد قضايا الاغتيالات السياسية) يتحوّل إلى نوع من إنكار العدالة، وميزان العدل هو أهم ميزان في الحياة الدنيا وأمام من رفع السماء ووضع الميزان".
وأعرب المحلل السياسي التونسي عمر اليفرني عن اعتقاده بأن طول فترة التقاضي والتأجيلات المتتالية أمر غير مقبول، خصوصا في قضية الاغتيالات التي عاشت على وقعها البلاد.
وأكد لـ"العين الإخبارية" أن قضية الاغتيالات غيّرت العديد من المسارات السياسية في البلاد منذ عام 2013.
وأوضح أن اغتيال شكري بلعيد كان أول عملية اغتيال سياسي تشهدها تونس بعد عام 1956، مما مثّل صدمة في الشارع، وكشف عن الوجه الحقيقي لتنظيم الإخوان، ثم أعقبته عملية اغتيال البراهمي في 25 يوليو/تموز 2013، يوم ذكرى الاحتفال بعيد الجمهورية التونسية.
ورأى المحلل السياسي أن علنية المحاكمة "واجب"، لأن الرأي العام -الذي تابع القضيتين وخرج إلى الشارع يوم اغتيال شكري بلعيد ومرة أخرى يوم اغتيال محمد البراهمي- متعطّش لمعرفة الحقيقة وسماع المرافعات.
وأضاف أنه من غير المعقول إجراء استجوابات المتهمين "عن بُعد" من داخل السجن، مؤكدا أن "القرار السياسي ضروري في مثل هذه القضايا، خاصة أن رئيس البلاد عبّر مرارا عن استعداده للمساهمة في كشف حقيقة الاغتيالات".
وسبق أن أكد كثير بوعلاق، عضو هيئة الدفاع عن شكري بلعيد، أنه "تم توجيه الاتهام إلى قيادات عليا ومتوسطة في حركة النهضة في أكثر من ملف"، موضحا أن "قضية بلعيد تنقسم إلى عدة ملفات، أبرزها ملف مجموعة التنفيذ، وملف مجموعة الرصد والاستقطاب، وملف الجهاز السري (للإخوان)، وملف مجموعة التخطيط".
ووفق بوعلاق فإنه "تم إصدار الأحكام فيما يتعلق بمجموعة التنفيذ في 27 مارس/آذار 2024"، موضحا أن "قرار التصفية تم بأمر من رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي ونائبه علي العريض (رئيس الحكومة ووزير الداخلية الأسبق)".
وفي 22 يناير/كانون الثاني 2022، قررت السلطات القضائية التونسية فتح تحقيق حول "الجهاز السري" لحركة النهضة، المتهم بالتورط في اغتيال بلعيد والبراهمي، وفي ممارسة التجسس واختراق مؤسسات الدولة.
ووقعت جريمة اغتيال بلعيد في عهد رئيس الحكومة الإخواني حمادي الجبالي، ووزير الداخلية الإخواني (المسجون حاليا) علي العريض، ووزير العدل الإخواني نور الدين البحيري.
aXA6IDMuMTQ1LjExMC4xMjgg جزيرة ام اند امز