«الأملاك المصادرة».. صندوق الإخوان الأسود يبوح بأسراره في تونس
أطلق الرئيس التونسي قيس سعيد نهاية الأسبوع المنصرم إشارة البدء لفتح ملف فساد "مؤسسة الكرامة القابضة" ما يضع جماعة الإخوان أمام باب الجحيم، حسب ما يقول مراقبون.
وأكد مراقبون في تصريحات منفصلة لـ"العين الإخبارية" أن الملف يعدّ من أبرز ملفات الفساد في البلاد بعد 2011، متوقعين أن يغادر مرحلة الجمود بعد أن ألقى سعيد بثقله خلف تحريك القضايا التي يحفل ملف الأملاك المصادرة.
ويقصد بالأملاك المصادرة، تلك الأملاك التي تحصّلت عليها عائلة الرئيس الأسبق الراحل زين العابدين بن علي، بطرق وامتيازات غير قانونية من شركات وعقّارات وسيارات فاخرة ويخوت وطائرات خاصة.
وشركة كرامة القابضة هي مجموعة تونسية تأسست من نحو 20 شركة ومؤسسة في 2004 من قبل صهر الرئيس الراحل زين العابدين بن علي محمد صخر الماطري. وبعد في 2011 وهروب مؤسسها إلى الخارج، صادرت الدولة أسهمها، وفي 2012، قررت تغيير صبغتها وأوكلتها مهمة بيع كل الأملاك المصادرة من عائلة الطرابلسي وبن علي لفائدة الدولة، وأصبحت الكرامة القابضة الهيكل الوحيد الذي تمر من خلاله عملية بيع كل الأملاك المصادرة.
وحول ملف الشركة، قال البرلماني التونسي بدر الدين القمودي، إن قيادات من حركة النهضة وبعض رجال الأعمال استحوذوا على القصور التي كانت ملك الرئيس السابق زين العابدين بن علي وأصهاره بأسعار رمزية.
وأكد أن صفقة بيع شركة اتصالات وصفقات بيع أخرى مثل بنك الزيتونة ودار فولكسفاغن وعدة أملاك وشركات أخرى مصادرة تمت في ظروف مشبوهة وبطرق ملتوية، موضحا أن كل هذه العقود سيتم مراجعتها للتحقق من بيعها بقيمة حقيقية.
وأوضح القمودي أنه يعتقد أن الكثير من الأملاك التي تمت مصادرتها من عائلة بن علي جرى التفريط فيها بأسعار رمزية، مشددا على أن الملف بصدد المراجعة حيث سيجري تقييم القيم الحقيقية لما تم بيعه لمعرفة ما إذا كان ثمة تلاعب فيما جرى.
لكن القمودي أشار إلى مثال على طبيعة ما كان يجري من صفقات مشبوهة حيث قال إن "قصر خليج الملائكة في القنطاوي بمحافظة سوسة شرقي البلاد، وهو من أملاك ابن الرئيس الراحل زين العابدين بن علي (محمد) تمت مصادرته سنة 2011 وبيع سنة 2021 لرجل أعمال من نفس المحافظة بـ20 مليون دينار أي ما يعادل 7 ملايين دولار فقط".
وأوضح أن "قيمة الأرض التي بني عليها القصر وفق خبراء لا تقل قيمتها عن 200 مليون دينار أي ما يعادل 70 مليون دولار"، ولفت إلى أنه على مشتري القصر إما إعادته إلى الدولة أو دفع قيمته السوقية الحقيقية.
من جهته، قال عبد المجيد العدواني الناشط والمحلل السياسي إن مزادات الأملاك المصادرة كانت تتم بطريقة غامضة دون الإعلان عنها بشفافية من قبل الأطراف المشرفة على الأموال المصادرة.
وأوضح لـ"العين الإخبارية" أن الأحزاب الحاكمة في تلك الفترة وعلى رأسها الإخوان تلاعبوا بهذا الملف والذي تقدر قيمته بآلاف المليارات، مشيرا إلى أن قيادات بارزة في حركة النهضة تلقت رشاوى كبيرة من أجل التوسط في ملف الأملاك المصادرة وبيعها بقيم بخسة وبطرق غير قانونية.
وأكد العدواني أن 34 سيارة مصادرة بيعت خلال سنوات 2011 و2012 و2013 بأبخس الأثمان، مشيرا إلى أن رجال الأعمال الذين تم القبض عليهم مؤخرا غالبيتهم من المتورطين في ملف الأملاك المصادرة وعلى رأسهم ماهر شعبان ومروان المبروك والسياسي التونسي رياض بن فضل.
وأوضح أن قوات الأمن التونسي ألقت القبض، في مارس/آذار الماضي على وزير الزراعة السابق الإخواني محمد بن سالم، خلال محاولته اجتياز الحدود التونسية الليبية وبحوزته مبلغ مالي ضخم.
وأشار إلى أن "زوجة بن سالم تمتلك مزرعة ضخمة في محافظة زغوان شمال شرقي تونس، تم انتزاعها من علي السرياطي مدير الأمن التونسي السابق في عهد زين العابدين بن علي، بتواطؤ مع صهره وزوج ابنته سليم بن حميدان وزير أملاك الدولة سابقا، وتم تسجيلها باسم زوجة محمد بن سالم لاحقا".
وأشار إلى أن "الرئيس التونسي قيس سعيد دخل منذ إجراءات 25 يوليو/تموز 2021 في حرب تطهير للدولة من الفساد الإخواني، حيث بدأ في فتح ملفات السرقة والنهب ومن بينها الأملاك المصادرة والمنهوبة وملف القروض والهبات التي وصلت إلى تونس وتاهت في حقائب الجماعة".
وإجراءات يوليو/تموز هي قرارات اتخذها سعيد لمنع تغول جماعة الإخوان وحركة النهضة للقبض على مفاصل الدولة، حيث جمد عمل البرلمان وحله لاحقا وأعاد وضع العقد الاجتماعي في البلاد عبر دستور توافقي جرت بمقتضاه انتخابات برلمانية.
بدوره، أكد عبدالرزاق الخلولي السياسي التونسي وجود تلاعب كبير في ملف الأملاك المصادرة، ما نجم عنه خسائر مالية كبيرة للدولة التونسية.
وأفاد، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن الأبحاث ستشمل مسؤولين كبارا ووزراء ومديرين عامين سابقين وحاليين، خاصة بعد أن تم منذ يومين فتح تحقيق قضائي في ملف "شركة الكرامة القابضة" المكلفة بملف الأملاك المصادرة.
وأوضح أن رجل أعمال تم توقيفه مؤخرا (ماهر شعبان) كان قد اشترى قصرا مصادرا لصهر صخر الماطري في مدينة الحمامات الساحلية شرقي تونس بمبلغ قدره 800 ألف دولار، بينما كان السعر الحقيقي للقصر نحو 3 ملايين دولار.
وأكد أن الغطاء السياسي في تلك الفترة تدخل في الصفقة بما ساعد رجل الأعمال على تسمية 3 خبراء جدد عينتهم وزارة أملاك الدولة ولجنة التصرف في الأملاك المصادرة بطرق مشبوهة بعد تقديم اختبارات ووثائق مدلسة ومفبركة وتم الحط من قيمة العقار.
وأوضح أنه بعد إتمام الصفقة باع رجل الأعمال القصر لرجل أعمال أجنبي بمبلغ يقدر بـ70 مليون دينار ما يعادل 22 مليون دولار".
ويشار إلى أنه بعد الإطاحة بنظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، أصدر الرئيس الانتقالي فؤاد المبزع، في 14 مارس/آذار 2011، مرسوما صادرت الدولة بموجبه أملاك 114 شخصا، هم الرئيس التونسي الراحل، وزوجته ليلى الطرابلسي وعائلتيهما، إضافة إلى عدد من كبار معاونيه.
aXA6IDMuMTQ0LjExNC4yMjMg جزيرة ام اند امز