خريف إخوان تونس.. المحاسبة أول طريق اللاعودة
يواجه إخوان تونس تحديات صعبة منذ سقوط منظومتهم الحاكمة، انطلقت بفتح كم هائل من الدعاوى القضائية ضدهم
بشأن جرائم تتراوح بين الإرهاب والفساد، إضافة للفظ شعبي ضخم ظهر جليا بانتصار التونسيين لدستور بلادهم الجديد الذي عرض على الاستفتاء يوم 25 يوليو/تموز الماضي.
حركة النهضة الإخوانية تتحمل مسؤولية العشرية الماضية التي وصفت بالسوداء وبتخريب البلد ما أدت إلى مسار 25 يوليو 2021.
المحاسبة هي خطة الرئيس التونسي قيس سعيد لتطهير البلاد حيث فتح ملفات الفساد المالي والإرهاب الذي ضرب تونس خلال العشر سنوات الأخيرة.
وتنظر الدعاوى القضائية أمام مكاتب التحقيق في شبهات حول تجاوزات مالية لجمعيات خيرية محسوبة على الإخوان، علاوة على ملف الجهاز السري المتهم بالتورط في الاغتيالات السياسية.
وانطلقت عملية المحاسبة في انتظار الإدانة النهائية، بإصدار قرارات منع السفر على قيادات إخوانية بارزة ووزراء ومسؤولين تورطوا مع النهضة.
أبرز الأسماء الممنوعة من السفر زعيم إخوان تونس راشد الغنوشي ونور الدين الخادمي وزير الشؤون الدينية الأسبق وعضو بالهيئة التيسيرية لاتحاد علماء المسلمين، إضافة لجميع نواب الإخوان بالبرلمان المنحل.
ومنذ 25 يوليو/تموز 2021، منعت السلطات التونسية، قيادات إخوانية بارزة من السفر بسبب تورطها في قضايا إرهاب وفساد مالي وغسل أموال، ومن ذلك منع الغنوشي من السفر في إطار التحقيق في قضية الاغتيالات السياسية للمعارضين السياسيين شكري بلعيد ومحمد البراهمي في 2013، والتي يتهم فيها الجهاز السرّي لحركة النهضة.
ويقتضي القانون التونسي لاتخاذ قرار منع السفر قرارا قضائيا واضحا وليس مثلما يدعي إخوان تونس بأن هذا القرار يأتي من أجل التشفي والانتقام.
وفي مايو/آيار الماضي صدر قرار من محكمة أريانة (محافظة تقع شمال تونس العاصمة) يقضي بمنع السفر لجميع المشمولين بالتحقيق فيما يعرف بقضية “الجهاز السري”؛ حيث اُتّهِمَ قياديون من حركة النهضة بإدارة جهاز أمني موازٍ خلال فترة حكمها بعد انتخابات 2011.
وترتبط هذه القضية بالتحقيق في قضايا اغتيال السياسيين محمد البراهمي وشكري بلعيد.
قرارات منع السفر لم تصدر في ملف الاغتيالات السياسية والجهاز السري للإخوان فقط، بل تعددت الملفات القضائية المتهمة فيها الحركة ومن أبرزها قضية شركة "استالينغو"، وقضية جمعية "نماء تونس" ذات الصبغة الإرهابية والمتعلقة بالتخابر على أمن الدولة.
وعلمت "العين الإخبارية" أن أكثر من 80 إخوانيا ممنوعا من السفر بحكم قضائي في انتظار محاكمتهم حيث سبق وأن قرر القضاء التونسي حظر السفر في قضية الجهاز السري للحركة، في حق 34 متهماً اخوانيا على رأسهم رئيس حركة النهضة.
كما تم منع أكثر من 20 إخوانيا آخرين من السفر، و33 متهما آخرين أدرجوا في التفتيش في القضية التي تعرف باسم "انستالينغو" والتي تخضع لتحقيق قضائي منذ عام 2021، ووجهت إليها تهم أبرزها "التآمر على أمن الدولة" و"التحريض على العنف".
واعتبر مراقبون للمشهد السياسي التونسي أن قرارات منع السفر لإخوان تونس مؤقتة في انتظار المحاكمة وإصدار بطاقات بالسجن.
ويرى البشير العبيدي، الناشط والمحلل السياسي التونسي، أن صفحة الإخوان قد طويت نهائيًا في تونس بعد انكشاف وجهها الإرهابي الحقيقي وقرارات حظر السفر مؤقتة في انتظار المحاسبة.
وقال العبيدي لـ"العين الاخبارية" إنه بحسب الأدلة والبراهين التي بحوزة القضاء والتي جمعتها هيئة الدفاع عن شكري بلعيد ومحمد البراهمي فإن حركة النهضة متورطة في الاغتيالات السياسية ومن بين ضحاياها السياسيان شكري بلعيد ومحمد البراهمي.
وأكد أن جميع الأشخاص الذين أجرموا في حق البلاد وأوصلوها إلى هذه الحالة الصعبة لا بد من محاسبتهم قانونيا قائلا: "إخوان تونس كانوا ينظرون إلى تونس على شكل غنيمة وفريسة انقضوا عليها واستنزفوها".
واعتبر المحلل التونسي أن تطبيق القانون لم يكن مفعّلا في السنوات الماضية حيث كان الإخوان وحلفاؤهم يسيطرون على القضاء، لذلك تم تأجيل فتح تلك الملفات.
وأشار إلى أن القضاء الآن أمام مسؤولية كبيرة لفتح ملفات الاغتيالات السياسية والتمويل الخارجي خاصة بعد محاولات قيس سعيد تطهير القضاء من براثن الإخوان بعزل57 قاضيا من مهامهم.
والجمعة،دخل وزير الشؤون الدينية الأسبق والقيادي في حركة النهضة نورالدين الخادمي في اعتصام مفتوح في مطار تونس قرطاج، ردا على قرار السلطات منعه وعائلته من السفر، بسبب تتبّعات قضائية.ورغم تلقيه تعليمات بمغادرة المطار لعدم قانونية وجوده فيه، يستمر اعتصام الخادمي، بدعم من حركة النهضة الذي أدى وفد منها زيارة تضامنية له وكذلك من "جبهة الخلاص" المعارضة للرئيس قيس سعيد، وسط تذمرّ واسع من المسافرين، ومطالب بضرورة تدخل السلطات لفض الاعتصام وفرض القانون وحفظ النظام.
كانت وزارة الداخلية، قد أعلنت أن الوزير السابق نورالدين الخادمي المعتصم بالمطار، صدر بحقه أمر قضائي بالمنع من السفر، بينما زعمت حركة النهضة أن قرار منعه من السفر يأتي في سياق "التنكيل" بالمخالفين والمعارضين.
ووفق مراقبين، يستغل الخادمي قرار منعه من السفر للتواجد بمطار قرطاج بالعاصمة في انتظار بداية توافد الوفود الأجنبية على تونس للحضور بمؤتمر طوكيو الدولي لتنمية أفريقيا "تيكاد 8" الذي تستضيفهُ تونس يومي 27 و28 أغسطس/آب الجاري، لأولّ مرة من أجل تشويه صورة تونس وإحداث الفوضى والبلبلة.
وسبق أن قال الرئيس التونسي قيس سعيد إن "حرّية التنقل مضمونة ولا نيّة للمساس بها".
وتابع: "لو كانت النية تتجه فعليا لحرمان التونسيين من السفر إلى الخارج لتم إغلاق الحدود الجوية والبرية والبحرية، لكنه لم يتم اللجوء لذلك لأن الأمر يتعلق بتطبيق القانون".
وشدد سعيد على أن "حرية التنقل مضمونة بنص الدستور" وأنه لم يتم المساس بها إطلاقا باستثناء "بعض التدابير الاستثنائية لأشخاص مطلوبين للعدالة" داعيا إياهم لتسوية وضعيتهم لدى القضاء.
aXA6IDMuMTQ3Ljg2LjE0MyA= جزيرة ام اند امز