وزير تونسي أسبق لـ"العين الإخبارية": النهضة الإخوانية أصبحت من الماضي
قال ناجي جلول، وزير التربية التونسي الأسبق رئيس حزب الائتلاف الوطني، إن الدستور الحالي في حاجة لإعادة تعديل وليس للتغيير.
وأكد وزير التربية التونسي الأسبق، في مقابلة مع "العين الإخبارية"، أن تونس تعيش حاليا في نظام برلماني، واصفا إياه بـ"نظام أزمات ومحاصصات حزبية ولا يصلح للبلاد".
وأوضح أن كل الأطياف السياسية تطالب بتعديل هذا النظام الهجين باستثناء حركة النهضة لذلك يجب التخلي عن هذا النظام، قائلا: "لسنا في حاجة إلى دستور جديد وإنما بحاجة إلى تعديل دستور 2014 خاصة في باب السلطات".
وتابع: "لسنا في حاجة إلى انتخابات جديدة واستفتاء جديد وإنما بحاجة إلى حوار وطني حقيقي تشارك فيه كل الأطياف باستثناء الأحزاب التي ثبت تمويلها من الخارج".
وأضاف: "يجب أن يكون الحوار حول مسائل جوهرية كالصحة والتعليم والمديونية والبطالة والأسعار وتنبثق عن هذا الحوار حكومة إنقاذ وطني حقيقية بكفاءات حقيقية لأن البلاد تعج بالكفاءات".
ومضى في حديثه: "لا بد أن نبقى في الشرعية ولا ندخل في تجاذبات لأن مقاربة عزل الرئيس خطيرة جدا وإلغاء الأحزاب خطير جدا".
ووفقا لخارطة الطريق التي أعلنها الرئيس قيس سعيّد، ستجرى انتخابات برلمانية مبّكرة يوم 17 ديسمبر/كانون الأول المقبل على دورتين، يكون فيها نظام الاقتراع على الأفراد وليس على القوائم.
وسيتم تنظيم استفتاء شعبي يوم 25 يوليو/تموز المقبل على النظام السياسي الحالي (شبه برلماني).
تدجين الإسلام السياسي
وعن توصيف العشرية الأخيرة بالسوداء، قال وزير التربية التونسي الأسبق: "أنا كنت وزيرا في العشرية السوداء والتي كان فيها الكثير من المشكلات لكن لديها الكثير من الإيجابيات لأنها حافظت على الانتقال الديمقراطي والديمقراطية".
ولفت إلى أن العشرية الأخيرة كانت عشرية الانتصار على الإرهاب وكانت معركة حقيقية ضد التطرف وهي عشرية تدجين الإسلام السياسي في البلاد؛ حيث ساهم فيها اليسار وحزب نداء تونس الذي كان ينتمي له "حزب الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي".
وتابع: "لدينا تراث إصلاحي من عهد الباي حمودة باشا (1782 - 1814)، وهذا البلد لن يقبل الفكر الثوري ولن يقبل الماركسية ولن يقبل الإخوان"، موضحا أن الفكر السياسي الوحيد المتجذر في أعماق التونسي هو الفكر الإصلاحي.
جلول قال أيضاً: "أنا لا أحب معارك الماضي وأنا لا أدعو لاستئصال أيديولوجي وإنما لمنع كل الأحزاب الممولة من الخارج والتي وجدت في محاور أجنبية وأحترم القضاء التونسي النزيه وأدعوه إلى تطبيق قرار إلغاء وحل الأحزاب الممولة من الخارج".
وأشار إلى أن "النظام الرئاسي هو الأقرب إلى تفكيري وهو ليس حكم الفرد وإنما هو نظام توازن السلطات، وهو من أحسن الأنظمة التي توجد في العالم".
وذكر أن "ما يجب الدفاع عنه هو قيم الجمهورية ونحن أقدم جمهورية أسسها البشر وهي (جمهورية قرطاج) في 814 قبل الميلاد، ونحن أقدم جمهورية وأقدم دستور".
وهنا ذهب الوزير الأسبق إلى أن الدفاع عن قيم الجمهورية ضد دعوات الخلافة هو دفاع عن هوية تونس وقرطاج.
لكن رغم ذلك يعتبر ناجي جلول أن مدنية الدولة غير مهددة في تونس بصراحة رغم بروز ما أسماها "الجماعات والفقاقيع الإرهابية في فترة تفكك الدولة"، قائلا: "جاءتنا جماعات بدلا من أن تبني على الجمهوريات القديمة جاءت بفكرة الورقة البيضاء بإلغاء الماضي وهذا أضعف البلد".
وذهب إلى أنه لا خوف على مدنية الدولة أو الجمهورية أو الديمقراطية في تونس اليوم، مضيفا: "مدنية الدولة أصبحت جزءا من هوية الشعب التونسي".
وشدد على أنه لا للعودة إلى ما قبل 25 يوليو/تموز 2021 ولا للعودة لما قبل 14 يناير/كانون الثاني 2011، موضحا أنه لا للعودة للحكم الفردي "ولو أن نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي لم يكن حكما فرديا وإنما شموليا".
خلاف واضح
واعتبر ناجي جلول أن الخلاف الذي صار بينه وبين وزارة التربية كان واضحا حول من يربي الأطفال.. "ما بين تربية على قيم الجمهورية ومؤسسها الحبيب بورقيبة أو فكر آخر متطرف".
وتابع: "خضت معركة معهم حينها لأن نائب رئيس حركة النهضة عبدالفتاح مورو قال آنذاك: نحن في حاجة لأبنائهم.. وأنا رددت: إن أبناءنا ستقع تربيتهم على قيم الجمهورية وعلى التونسة وأنا أؤمن بالأمة التونسية وأنا من دعاة الأمة التي أعطت في تاريخها إمبراطورية قرطاج وإمبراطورية الفاطميين".
ولفت وزير التربية التونسية الأسبق إلى أن الخلاف بينه وبين "مورو" كان عميقا حول "من نحن وماذا سيكون أبناؤنا؟".
وسبق أن قال عبدالفتاح مورو: "نحن لسنا بحاجة لهؤلاء.. نحن بحاجة لأبنائهم وأحفادهم" في إشارة إلى أطفال تونس، وذلك خلال لقائه الإخواني المصري وجدي غنيم لطمأنته بعد أن وجد رفضا قويا من قبل الأغلبية الساحقة من التونسيين.
جلول في سطور
وناجي جلول هو وزير التربية التونسي الأسبق، في واحدة من أصعب الفترات السياسية لبلاده، وتحديدا خلال المدة ما بين فبراير/شباط 2015 وأبريل/نيسان 2017.
كما أنه أستاذ في التاريخ الإسلامي في جامعة منوبة، حيث تلقى دراسته الأولى في تونس ثم أكمل دراسته العليا في السوربون بفرنسا.
وجلول هو عضو مؤسس للجنة الوطنية للتاريخ العسكري وعضو مؤسس للمجلة التونسية للتاريخ العسكري، ولديه العديد من المؤلفات أهمها «التحصينات الساحلية لايالة تونس في العهد العثماني» و«الرباطات البحرية بأفريقية في العصر الوسيط» وعشرات المقالات حول التاريخ العسكري والتحصيّنات والمعاقل والمعارك في العصر الوسيط.
وكان عضوا في المكتب السياسي لحزب الجمهوري، قبل أن يستقيل من هذا الموقع في سبتمبر/أيلول 2013. وفي فبراير/شباط 2014، قبل أن يعلن عن انضمامه إلى حركة نداء تونس وشغل منصب وزير تربية ثم مستشارا لرئيس البلاد الباجي قائد السبسي.
aXA6IDMuMTQyLjI1NS4yMyA=
جزيرة ام اند امز