"جبهة الخلاص".. ذراع الإخوان لبث الفتنة في تونس
تحاول "جبهة الخلاص" الموالية لتنظيم الإخوان بتونس، يائسة إثارة الرأي العام حول قضية سجناء الإخوان وعلى رأسهم راشد الغنوشي، بتنفيذ وقفات احتجاجية أسبوعية.
لكن هذه الوقفات الاحتجاجية كانت جميعها فاشلة، وفق مراقبين،حيث لم تستطع جمع سوى عدد ضئيل من الأشخاص، بسبب أن غاياتها هي بث الفتنة ومحاولة خلق الفوضى في البلاد التي تحاول جاهدة التخلص من تركة الإخوان.
وكل مطالب هذه الجماعة تتمثل في إخراج سجناء الإخوان وحلفائهم من السجون التي دخلوها منذ فبراير/شباط 2023 أي منذ انطلاق قطار المحاسبة، وهم متهمون بجرائم تآمر على أمن الدولة وقضايا إرهابية واغتيالات وتسفير الإرهابيين إلى بؤر التوتر، والتخابر على أمن الدولة.
ووفاء لتكتيك الإخوان بالتمويه للتشويش على الحقائق، تزعم الجبهة أنهم معتقلون سياسيون، وتطالب بإطلاق سراحهم ووقف المحاكمات التي تدعي بأنها سياسية.
ويقبع أغلب قيادات جبهة الخلاص حاليا في السجون بتهمة التآمر على أمن الدولة، بعد أن أطاحت بهم السلطات التونسية في منتصف فبراير/ شباط الماضي إثر محاولة فاشلة للانقلاب على الرئيس قيس سعيد، بعد التخطيط لتأجيج الوضع في البلاد.
وتضم جبهة "الخلاص" 10 مكونات سياسية إخوانية، أو موالية للجماعة (5 أحزاب و 5 تنظيمات).
ومن بين أعضاء الجبهة، حركة النهضة، وقلب تونس (حزب نبيل القروي) وائتلاف الكرامة الإخواني، وحراك تونس الإرادة (حزب الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي) وحزب الأمل، بالإضافة إلى 5 مجموعات سياسية أخرى منها "مواطنون ضد الانقلاب" و"توانسة من أجل الديمقراطية" (أنصار الإخوان).
وهذه الأحزاب المشكلة للجبهة، هي التي كانت ممثلة في البرلمان الذي تم حله يوم 30 مارس/آذار 2022، وأعضاؤها متهمون بفضائح فساد مالي، وجرائم إرهاب، وغسل الأموال والسرقة.
وأمام مقصلة العدالة تقف قيادات الإخوان في تونس لتحصد أشواك سنوات حكم فتح طرقات الموت أمام الشباب، وإغلاق منافذ الحياة بوجه شعب بأكمله.
ومنذ مارس/آذار الماضي، تنظم الجبهة أسبوعيا وقفة مساندة للمساجين بحضور لا يتعدى 10 أشخاص يتزعمهم أحمد نجيب الشابي، ودون حضور أنصار الإخوان الذين تعودوا المشاركة في مظاهرات التنظيم زمن النفوذ لكن بأموال مدفوعة مسبقا.
ومن أبرز قيادات جبهة الخلاص الذين يقودون مخطط عودة الإخوان للحكم: أحمد نجيب الشابي وسمير ديلو وعبد اللطيف المكي.
الشابي..قائد "الخلاص"
وأحمد نجيب الشابي هو رئيس جبهة الخلاص الموالية للإخوان، ويجمع في أفكاره السياسية بين القومية والاشتراكية، وكان من أبرز المعارضين لنظام الرئيسين الراحلين الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي.
ولد الشابي في 30 يوليو/تموز 1944 في العاصمة تونس، وكان والده المنحدر من جنوب غرب تونس (ولاية توزر) من مؤيدي صالح بن يوسف خصم بورقيبة.
شغل الشابي موقع العضو المؤسس وعضو المكتب السياسي في “الحزب الديمقراطي التقدمي”، وتقلد منصب رئيس الحزب بين 1983 و2006. كما عمل الشابي، وهو محام، ومدير للنشر في الصحيفة الأسبوعية “الموقف” المعارضة في عهد بن علي، والتي تحولت إلى فضاء لنشطاء المعارضة وخاصة من الإخوان.
وكان الشابي حليفا قويا للإخوان، وتحالف معهم منذ عام 2005، من خلال "تحالف 18 أكتوبر"، حيث عمد إلى بعث حركة سياسية ساهمت بشكل كبير في تطبيع العلاقة بين الحركة الإخوانية والمجتمع التونسي وفتح حزبه “الحزب الديمقراطي التقدمي” أمامهم ليحولوه إلى غطاء لنشاط حزبهم المحظور وقتها.
وخاض الشابي المعركة عوضاً عنهم ضد نظام الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي.
وبعد 14 يناير/ كانون الثاني 2011، تنكرت حركة النهضة لنجيب الشابي، حليفها التاريخي بأن فضلت أن تدفع بالمنصف المرزوقي إلى قصر قرطاج، بعد أن أطلقت عليه ذبابها الإلكتروني في حملات مستمرة لتقزيمه والاستهانة بتاريخه.
وقد كان الشابي يتوقع مكافأة من حركة النهضة على تضحياته لأجلها ولأجل قادتها الذين بقوا في تونس خلال حكم بن علي، بأن تدعم ترشيحه للرئاسة.
هذا الأمر جعل أحمد نجيب الشابي، يعارض حركة النهضة لفترة، قبل أن يعود بعد إجراءات 25 يوليو/تموز 2021، التي أعلن عنها الرئيس قيس سعيد، لمغازلة الإخوان وطرح نفسه بديلا لتعويض خساراتها.
وفعلا، تطوع الشابي خدمة لمصالح التنظيم وأصبح متحدثا باسمهم بالرغم من أن أفكارهم السياسية مختلفة، لكن يجمعهم حب واحد وهو حب السلطة.
نجيب الشابي الذي كان يعتبر سابقا أن راشد الغنوشي زعيم إخوان تونس "يسعى لمصلحة طائفته فقط مما أنتج تدمير كل مكونات الأمة التونسية منذ دخول النهضة إلى الحكم"، كما اعتبر سابقا أن النهضة لم تقطع مع العنف وهي قادرة على ممارسته وأن الغنوشي وحزبه لم يقدما شيئا لتونس، أصبح يزعم اليوم بأن الغنوشي بطل حيث كتب تدوينة اعتبرها التونسيون مخجلة.
وقال الشابي في تدوينته "أشعر بالخجل حينما أرى رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، رئيس أهم حركة في تونس، والشخص الأكثر إشعاعا عالميًا، أحب من أحب وكره من كره.. اليوم هو وراء القضبان بتهمة أنه قال إن الاستئصال مسار للفتنة يجد نفسه منذ 27 رمضان إلى اليوم في السجن".
وأضاف الشابي: "إلى متى؟ نحن لا نعرف؟ ومعه علي العريض الذي قضى 14 عاما في السجن، وهو رئيس حكومة سابق وبرلماني ومعه عدد لا بأس به من القيادات التاريخية لأهم حركة سياسية" .
والعريض تولى وزارة الداخلية بين عامي 2011 و2013، ثم تم تصعيده إلى رئاسة الوزراء في تونس من 2013 إلى 2014، وهي الفترة التي نشطت فيها شبكات التسفير للخارج وتنامى فيها عدد الإرهابيين.
ويلاحق القضاء التونسي العريض في ملف التسفير والتورط في دفع الشباب إلى الالتحاق ببؤر التوتر والإرهاب خارج البلاد.
ويرى حسن التميمي المحلل السياسي التونسي أن نجيب الشابي أصبح متحدثا باسم الإخوان راميا تاريخه السياسي وراءه وأصبح يبيض جرائم الإخوان.
وأكد التميمي في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن المحطات السياسية التي مرّ بها الشابي لم تكن مدروسة، حيث يحاول دائما لعب دور القيادة لكنه يفشل دائما في اختيار التوقيت المناسب.
وقال إن "حركة النهضة تستغل دوما نقاط ضعف الشخصيات السياسية مثل نجيب الشابي التي تعرفه جيدا بأنه يطمح لتقلّد مناصب مهمة في السلطة، عبر الإيهام بأنهم سيعودون للحكم وبأن حكم قيس سعيد متجه نحو الزوال وبأن العالم الغربي سيسانده وهذا لم ولن يحدث".
وأضاف أن "حركة النهضة استنزفت بعد 10 سنوات من الحكم رصيد المظلومية الذي استندت إليه في انتخابات 2011، إلى جانب استفادتها من شيطنة النظام السابق وقادت البلاد بأنانيتها وجهلها للهاوية خدمة لمصالح التنظيم".
سمير ديلو..التشويه
ومن أبرز الوجوه الإخوانية النشيطة في جبهة الخلاص هو سمير ديلو الذي يريد التسويق لصورة تبرئة الإخوان.
وشغل ديلو منصب وزير حقوق الإنسان، والمتحدث باسم الحكومة في حكومة الإخواني حمادي الجبالي، ثم عين في نفس المنصب في حكومة علي العريض بين عامي 2013 و2014.
انضم ديلو في وقت مبكر إلى الحركة الإسلامية، وهو محام معروف بالدفاع عن المتشددين من الإخوان المتهمين بجرائم إرهابية، وحكم عليه في عام 1991 لمدة 10 سنوات في السجن دون إطلاق سراح مشروط.
ومددت عقوبته في وقت لاحق لمدة شهرين و8 أيام، وفي أول خروج له من السجن، انضم إلى حركة النهضة وأصبح عضو المكتب السياسي لها ومسؤول العلاقات الخارجية فيها.
وبعد تجميد عمل برلمان الإخوان، في 25 يوليو/تموز 2021، قدم سمير ديلو استقالته رفقة أكثر من 100 قيادي من حركة النهضة، كما صرح ديلو قائلا "قرار استقالتي نهائي ولا تراجع عنه".
وكانت تصريحاته تأتي من أجل إعادة خلط الأوراق واللعب من جديد بوجوه جديدة وبواجهة جديدة.
ديلو وهو المكلف بالدفاع عن جماعة الإخوان القابعة في السجون يسعى إلى تشويه صورة السلطة عن طريق توصيل رسائل كاذبة للخارج بأن نظام قيس سعيد ينكل بالمعارضة، ويعذبهم في السجون وهو ما كذبته الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب، حيث يروج ديلو لأكاذيب أبرزها أن لا يتم توفير مياه شرب للمساجين وأنهم لا يتلقون العلاج في السجون.
وسبق أن كشفت المحامية التونسية وفاء الشاذلي عن فتح وزيرة العدل تحقيقا بخصوص تحويل مبلغ مالي ضخم من ليبيا إلى تونس بين عامي 2014 و2018، ويتهم فيها كل من سمير ديلو وراشد الغنوشي وكل من سيكشف عنه البحث.
وأكدت أن تفاصيل الملف تتمثل في تقديم البنك المركزي تقريرا لهيئة الرقابة العامة لرئاسة الحكومة مفاده أن هناك مبلغا بمئات الملايين تم تحويله من ليبيا إلى تونس بين سنوات 2014 و 2018 لصالح شركات وهمية بتونس.
عبداللطيف المكي..من صقور الإخوان
أما عبداللطيف المكي ، القيادي الإخواني التونسي فيعد من أبرز الوجوه الإخوانية في البلاد، وقد بدأ نشاطه منذ ثمانينات القرن الماضي.
وخرج المكي من السجن بعفو تشريعي عام على غرار رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي وشريكه قبل 2011 في قيادة تنظيم الإخوان .
ويُعتبر المكي، أحد أبرز القيادات العليا لـ "حركة النهضة" الإخوانية ، فهو أحد نوابها في البرلمان وكان وزيراً للصحة، ويُعرف بأنه من الصقور داخل الحركة، وكان أحد المرشحين النهضويين لرئاسة الحكومة، وكذلك لخلافة راشد الغنوشي على رأس الحركة لولا إجراءات 25 يوليو/تموز 2021 التي عصفت بالحركة الإخوانية.
وبعد إجراءات 25 يوليو/تموز، استقال المكي من حركة النهضة رفقة 113 من أعضاء الحزب، مطلع أغسطس/آب 2021، ليهرب من السفينة الغارقة، بعد ان تأكد من نهاية الإخوان .
وبرر المكي استقالته بأنها تأتي بسبب ما وصفه بـ"السياسات الفاشلة وتمسك راشد الغنوشي برئاسة النهضة، الذي يتحمل المسؤولية كاملة عن الفشل السياسي الذي لحق بالحركة على مدار السنوات الماضية".
وفي يونيو/حزيران 2022، أعلن المكي رسميا عن تأسيس حزب ''العمل والإنجاز'' ،وهو فصيل سياسي يسجل دخوله بمشهد يقف على رمال متحركة بالنسبة لتنظيم أقصاه أداؤه وتطرفه من خارطة السلطة في تونس، بموجب إرادة الشعب والدستور.
المكي ذلك الإخواني الذي ينتمي إلى صقور النهضة زعم مؤخرا بأنه لم يكن يوما إخوانيا ولن يكون منهم، وقال "لم أقرأ حتى أدبياتهم بل درست أكثر الأدبيات الشيوعية والقومية".
وأضاف أن "الفكر الإخواني دخل إلى تونس في عهد الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة بعد أن استقبله إخوان مصر".
افتراءات المكي لم تتوقف هنا فقط،حيث تنكر لآلاف الدنانير التي تحصل عليها من التعويضات لجماعة العفو التشريعي العام، بعد أن قام بإنشاء مشاريع من بينها مصحة، ليعيش في رغد من العيش، حيث زعم مؤخرا قائلا "أعيش من راتب زوجتي الموظّفة ومن تحويلات ابني المقيم في فرنسا، بالإضافة إلى قيامي بتعويضات في مناوبات بعيادات طبية وأيضا أتلقى مساعدات من إخوتي".
وكان عبد اللطيف المكي من أبرز المتمتعين بتعويضات العفو التشريعي العام من جماعة الإخوان.