الإخوان والتعديل الوزاري والانتخابات.. سياسي تونسي يشخِّص لـ"العين الإخبارية" الداء والدواء
لم يكن حكم الإخوان لتونس مجرد غيمة أربكت مسار شعب لكنه شبيه بورم يتمدد بجسد الدولة حتى اليوم ويتطلب "علاجا كيميائيا" مكثفا لهزيمته.
عصام بن عثمان، الأمين العام المساعد لـ"حراك 25 جويلية (يوليو)" المؤيد للرئيس التونسي قيس سعيد، يفتح عدة ملفات ساخنة تشخص داء أكثر من عقد وتستشرف نهاية النفق.
وفي مقابلة مع "العين الإخبارية"، تطرق بن عثمان إلى الأزمات التي تعيشها تونس والانتخابات الرئاسية المقبلة وتطهير المؤسسات الحكومية من براثن الإخوان.
وأكد السياسي التونسي أن الأزمة التي تعيشها بلاده مفتعلة، ودعا إلى تشكيل "حكومة حرب وطنية" لمجابهة هذه الأزمات والعراقيل.
وقال إن "تونس في حالة حرب ضدّ قوى الجذب إلى الوراء ولا بدّ من تكاتف الجهود للخروج بها من أزمتها".
وأضاف أن "هناك تراكمات قديمة كان سببها المنظومة السابقة (الإخوان)"، معتبرا أن "اليوم، للأسف نحن نجني تلك التراكمات لكن وقوف الشعب التونسي مع القيادة والرئيس قيس سعيد رغم كل الأزمات لأنه يعلم أنها فترة وستمر".
وحذر من وجود أياد تعبث وتحتكر المواد الغذائية الأساسية وتعمل على افتعال الأزمات، كاشفا عن وجود أشخاص قال إن من مصلحتهم "تجييش الشارع وتجويع الشعب كي يثور على الرئيس قيس سعيد".
وقال إنهم "يريدون إعادة التاريخ وإعادة أحداث الخبز لسنة 1984، ولكن هيهات لأن الشعب التونسي هو شعب واع ويعلم جيدا الملعوب الذي يتم خلقه".
وأحداث الخبز، تعود لأواخر ديسمبر/كانون الأول 1983 وأوائل يناير/كانون الثاني 1984، حيث انطلقت شرارتها الأولى في مدينة دوز التابعة لمحافظة قبلي (جنوب) وصولا إلى تونس العاصمة.
وشهدت تلك الأحداث مظاهرات أسفرت عن مواجهات بين المتظاهرين وقوات الأمن وأودت بحياة 150 شخصا في عهد الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة، إضافة إلى اعتقال عدد كبير بينهم طلبة وتلاميذ.
تعديل وزاري ضروري
في استشرافه للخطوط العريضة التي يمكن أن تنقذ تونس من ارتدادات حكم الإخوان، دعا عصام بن عثمان، الرئيس قيس سعيّد إلى إقالة الوزراء الذين لم يجدوا حلولًا لمشاكل الشعب ويعطلون المسار الاجتماعي والاقتصادي.
وقال إن "رئيس الحكومة التونسية الجديدة أحمد الحشاني بدأ العمل يوم 1 أغسطس (آب) الجاري خلفا لنجلاء بودن ومن الضروري إجراء تعديل وزاري فوري"، مطالبا بأن يشمل التعديل وزارات النقل والتجارة والزراعة والصحة.
كما طالب بن عثمان حكومة "أحمد الحشاني"، الاطلاع عن كثب عما يشغل التونسيين والالتصاق بالمواطنين، وقال إن "تونس تحتاج إلى أشخاص أكفاء يتحملون المسؤولية خاصة في هذه الظروف".
ودعا السياسي الرئيس التونسي قيس سعيد لحث المسؤولين والوزراء على ضرورة العمل الميداني لمعرفة أماكن الضعف والخلل من أجل الإصلاح.
استحقاقات انتخابية
بالمقابلة نفسها، عرج وبن عثمان إلى الاستحقاقات الانتخابية المقبلة في بلاده، قائلا إن "تونس مقدمة على مرحلة مهمة فيها استحقاقات انتخابية وخاصة اقتصادية".
وأشار إلى أن "حراك 25 جويلية (يوليو)" يساند الرئيس قيس سعيّد في مكافحته للفساد وإدارة البلاد، كما يُسانده أيضًا للترشح للانتخابات الرئاسية القادمة المقررة في أكتوبر/تشرين الأول 2024.
وبرر بن عثمان هذا التأييد بأن الرئيس قيس سعيد "منكب على ملفات حارقة ويسير في طريق الإصلاح لإنقاذ البلاد".
وأوضح أن المحطات السياسية القادمة التي سيشارك فيها "حراك 25 جويلية" ستبدأ بانتخابات مجلس الجهات والأقاليم (ديسمبر/كانون الأول 2023) ، التي سترسم السياسة الوطنية الاقتصادية والاستثمارية للدولة.
واعتبر بن عثمان أن تونس تمرّ بفترة صعبة تتطلّب اقتراحات وتصوّرات للخروج بها من أزمتها وهو ما يسعى حزبه للقيام به إثر دراسته للمشهد السياسي وتشخيصه له.
ودعا إلى تجميع مختلف الأطراف المساندة للرئيس سعيد وتنظيم منتدى اقتصادي يشارك فيه كل الخبراء ذوي الكفاءة لوضع خطة اقتصادية جديدة للنهوض بشكل عاجل بالاقتصاد التونسي.
تطهير الإدارة
وأشاد عصام بن عثمان بالقرار المتعلّق بتكوين لجان للتدقيق في الشهادات العلمية والتعيينات بالمصالح الحكومية التي تمت منذ سنة 2011 وطالب بنشر الأرقام المتعلّقة بنتائج عمل هذه اللجان.
ودعا الرئيس قيس سعيّد إلى الإسراع في تطهير الإدارة الحكومية التونسية التي وصفها بأنها "مخترقة".
وقال إن "الإدارات الحكومية التونسية تعاني من فساد أشخاص تم زرعهم منذ سنوات، يعملون فقط على تعطيل مختلف المسارات".
ومؤخرا، دعا قيس سعيد إلى ضرورة الإسراع في تطهير الإدارات الحكومية التونسية "من كل من يعمل على تعطيل أي مرفق عمومي"، مشيرا إلى أن "هذه الظاهرة تفاقمت خلال الأسابيع الأخيرة، ويجب تطهير المؤسسات منها في أقرب وقت".
وتتجه تونس لإصدار أمر رئاسي يتعلق بمراجعة التعيينات في المؤسسات الحكومية التونسية، في خطوة جديدة للإصلاح وتطهير الدولة من أدران الإخوان الإرهابية.
ومنذ عام 2011، عاثت حركة النهضة الإخوانية فسادا في تونس وانقضت بأنيابها تنهش الدولة لتقسم أجزاءها بين أنصارها، وفق ما لاحظ مراقبون للشأن السياسي التونسي.
ولتحقيق ذلك الهدف، عمدت الحركة إلى إصدار تعليماتها بإخراج عناصرها المتورطين في قضايا إرهابية من السجون وتقديم تعويضات طائلة لهم، ما أثر على استقرار موازنة الدولة التونسية.
وفي خطوة لاحقة، جرى تعيين هؤلاء الأشخاص في مناصب مهمة بالدولة، ومن لم تكن لديهم شهادات علمية، تزور الحركة له واحدة وتضمن له الوظيفة.
ومكّن مرسوم عرف بـ"العفو التشريعي العام" في 19 فبراير/شباط 2011، الحركة من انتداب نحو 7 آلاف موظف أغلبهم من تنظيم الإخوان وأنصاره، في المؤسسات الحكومية.