تونس في أسبوع.. غضب شعبي يتصاعد ضد "الإخوان" ودعوة لتغيير دستور 2014
تونس شهدت الأسبوع الماضي أحداثا كانت أبرزها مظاهرات طالبت بسقوط الإخوان ورحيلهم ودعوات لتغيير الدستور
شهدت تونس، خلال الأيام الماضية، أحداثا سياسية بارزة بينها تصاعد غضب شعبي تجاه تنظيم الإخوان الإرهابي، ودعوات برحيله، فضلا عن دعوة الرئيس الباجي قايد السبسي لتغيير دستور 2014.
- السبسي يدعو إلى تغيير الدستور التونسي وتوسيع صلاحيات الرئيس
- مسيرات بتونس لإسقاط "الاستعمار الإخواني" في ذكرى الاستقلال
والأحد الماضي، رفع أهالي مدينة بن قردان، التابعة لمحافظة مدنين على الحدود الشرقية مع ليبيا شعار "ارحل"، في وجه زعيم حزب النهضة الإخواني راشد الغنوشي، الذي نظم اجتماعا حزبيا هناك، اضطر إلى قطعه بعد تصاعد الاحتجاجات ضد وجوده بالمنطقة.
وندد الأهالي بالحزب ورئيسه كونه المسؤول الأول عن الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تعرفها تونس منذ عام 2011.
وخلال الجولة التي كان يقوم بها الغنوشي إلى "بن قردان" استعدادًا للانتخابات الرئاسية والتشريعية حاول بث خطاب تقسيمي بين أهالي الشمال والجنوب، بعدما أدلى في تصريحات إذاعية بأن مدن الجنوب هي مناطق تتبع تلقائيا حزبه.
ولم يكتف الغنوشي ببث سموم الفرقة فقط بل وصف معارضيه في تصريح لإذاعة "اوليس أف ام" المحلية بـ"الشياطين"، قائلا إن قطع الطريق أمام حركته يعني تفجير الألغام وإعلان الاغتيالات السياسية.
وتلك ليست المرة الأولى التي يطرد فيها الغنوشي من المدن التونسية، حيث طرد من مدينة المكنين الواقعة في ساحل البلاد في 17 فبراير/شاط الماضي، من قبل الأهالي وبالطريقة نفسها، رافعين شعار "يحيا بورقيبة" في إشارة إلى الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة (1956-1987).
ومطلع الشهر الجاري، أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بتونس إجراء الانتخابات التشريعية في 6 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، والرئاسية في 10 نوفمبر/تشرين الثاني.
سياسيون اعتبروا أن الخطاب التقسيمي هو الملجأ الوحيد لحركة النهضة من أجل التغطية على فشلها الاقتصادي والاجتماعي من خلال الحكومات المتتالية منذ عام 2011 ومن خلال تحالفها مع رئيس الحكومة يوسف الشاهد الذي بلغت مرحلته كل المؤشرات القياسية في مستوى الانهيار الاقتصادي.
دعوات لإسقاط حكم المرشد
والأربعاء، نظمت جبهة السيادة التونسية ( ائتلاف شبابي) وشبكة "تحالف نساء من أجل تونس" (ائتلاف لجمعيات مدنية مدافعة عن حقوق النساء) مسيرة بشارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة تونس للمطالبة بإسقاط حكم المرشد والإخوان، بمناسبة الذكرى الـ63 لإعلان استقلال تونس من الاستعمار الفرنسي الموافق الـ20 من مارس/آذار 1956.
وجابت المسيرة شارع الحبيب بورقيبة ورفعت شعارات مثل "يا غنوشي يا سفاح يا قاتل الأرواح" و"الإخوان سارقين بلادنا قاتلين لأولادنا".
سارة الصغير، إحدى ناشطات المجتمع المدني، قالت، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن الاحتفال بعيد الاستقلال هذا العام كان مناسبة للضغط جماهيريا على المنظومة الحاكمة المكونة من تحالف (يوسف) الشاهد (رئيس الحكومة) والإخوان، مؤكدة أن تونس تخلصت من الاستعمار الفرنسي عام 1956 ووقعت تحت الاستعمار الإخواني في 2011.
واعتبرت الناشطة أن راشد الغنوشي هو المحرك الأساسي للفتنة بين التونسيين، حيث قسم الشعب طائفيا.
وأشارت إلى أن هذه الرؤية التي تستبطن بث الفتنة هي إحدى الأوراق السياسية التي تملكها حركة النهضة للبقاء في السلطة.
ودعت الناشطة التونسية القوى الديمقراطية والحداثية إلى تكوين جبهة واسعة تضم كل الأحزاب المناهضة للإخوان في الانتخابات المقبلة التي ستقام نهاية العام الجاري.
وطرحت مناسبة الاحتفال بالذكرى الـ63 لعيد الاستقلال التونسي جدلا حول النظام السياسي الذي أقره دستور 2014، والذي أنتج نظاما برلمانيا بعد أن كان رئاسيا لمدة 55 عاما.
تغيير الدستور 2014
وإلى جانب المسيرات المطالبة بإسقاط حكم المرشد ورحيل الإخوان، دعا الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي، الأربعاء، إلى ضرورة التفكير في تغيير الدستور، لأنه يقلص من صلاحيات رئيس الدولة لصالح رئيس الحكومة.
ودعوة السبسي اعتبرها مراقبون تونسيون بأنها جاءت في وقتها؛ لأن النظام السياسي الحالي لا يخدم إلا مصلحة تنظيم الإخوان، حيث إنه لا يتيح للقوى التونسية الديمقراطية القيام بمحاسبة الحكومات المتتالية منذ وصول حزب النهضة إلى السلطة في عام 2011.
أستاذ القانون الدستوري، صالح قريع، قال، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن دستور 2014 يحمل في طياته ثغرات عديدة، أولها أنه لم يحدد بشكل علمي هرمية السلطة في تونس، مؤكدا أن حالة التشتت والصراع بين رأسي السلطة التنفيذية المتمثلة في رئيسي الجمهورية والحكومة هي نتيجة الدستور الحالي.
واعتبر قريع أن النظام السياسي الأكثر تلاؤما مع الثقافة والإرث السياسي هو النظام الرئاسي على الطريقة الفرنسية، حيث إنه من غير المقبول أن يقع انتخاب الباجي قايد السبسي من الشعب، في حين أن كل صلاحيات الحكم بيد رئيس الحكومة.
حراك سياسي مناهض للنهضة
كما شهدت تونس الأيام الماضية حراكا سياسيا من أجل تجميع القوى الديمقراطية، حيث ظهر على الساحة "ائتلاف قادرون"، وهو مجموعة من الأحزاب والشخصيات السياسية التي تبحث عن موقع جيد في البرلمان المقبل لدعم أسس الدولة المدنية، بعيدا عن المخاطر التي يطرحها تنظيم الإخوان المتمثل في حركة النهضة.
الطاهر بن حسين، رئيس حزب المستقبل (ليبرالي) وأحد قيادات "ائتلاف قادرون"، قال، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن الائتلاف يعمل على بناء قوة سياسية جديدة تكون قادرة على الانتصار في الانتخابات المقبلة، وتكوين كتلة نيابية تدافع عن مكاسب الدولة التونسية التي أسسها الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة.
وأكد على أن الشعب التونسي لا يرى في تنظيم الإخوان عنوانا لتحقيق التقدم والتطور الاقتصادي، فالسياسات التي ينتهجونها منذ وصولهم إلى السلطة في 2011 أدت إلى تدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في البلاد وأفقرت الشعب.
وترى المعارضة السياسية في تونس أن حزب النهضة هو الرأس المدبر لانتشار الإرهاب وتغلغله في البلاد، حيث يمتلك جهازا سريا ينفذ الاغتيالات السياسية التي عرفتها تونس سنة 2013، ويقف وراءها، وراح ضحيتها المعارضين البارزين شكري بلعيد، ومحمد البراهمي.
وتحاول القوى السياسية في تونس مؤخرا توحيد أوراقها لخوض الانتخابات المقبلة، لمجابهة تغلغلهم، ووضع حد لنفوذهم في المؤسسات التونسية، والتي يعدها العديد من المراقبين السبب الرئيسي لتعمق الأزمة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.
aXA6IDMuMTM4LjE3NS4xNjYg جزيرة ام اند امز