تونس تجني ثمار رفضها إملاءات صندوق النقد.. كيف خرجت من عنق الزجاجة؟
"تحسن الأوضاع الاقتصادية وتجاوز العقبات والصعوبات" هذا ما أكده الرئيس التونسي قيس سعيد، الجمعة، خلال لقائه محافظ البنك المركزي فتحي زهير النوري بقصر قرطاج.
وخلال اللقاء، قدم محافظ البنك المركزي لقيس سعيد القوائم المالية للبنك لسنة 2023 وتقرير مراقبي الحسابات.
وقال الرئيس التونسي قيس سعيد "إن النتائج التي حققتها تونس بناء على اختياراتها الحرة النابعة من إرادة شعبها فنّدت كل التوقّعات التي كانت عديد الدوائر تروّج لها، في إشارة إلى تعثر المفاوضات مع صندوق النقد الدولي بخصوص قرض بقيمة 1.9 مليار دولار".
وأكد سعيد خلال اللقاء ذاته أن "الأرقام المتعلقة بنسبة التضخم وسداد الديون والاحتياطي من العملة الصعبة وغيرها من المؤشرات خير دليل على أنه يمكن تجاوز عديد العقبات والصعوبات".
وأشار سعيد إلى أن" تونس اليوم تدفع باهظا ثمن الأخطاء والاختيارات التي يرتقي عدد غير قليل منها إلى مرتبة الجريمة، هذا فضلا عن وضع عالمي وأزمات اقتصادية ومالية على المستوى الدولي لم تكن تونس ولا الدول النامية سببا فيها".
- أرامكو السعودية تستحوذ على حصة 10% في شركة هورس باورترين العالمية
- انهيار في الأسهم الأوروبية بسبب شركة مستحضرات تجميل.. ماذا حدث؟
ويرى خبراء الاقتصاد في تونس أن المؤشرات الاقتصادية تحسنت في تونس دون اللجوء إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي.
من جهته، قال أستاذ الاقتصاد سمير بوجليدة إن جميع المؤشرات تظهر تحسن الاقتصاد في البلاد خاصة مع تحسن أرقام السياحة ونجاح موسم تصدير زيت الزيتون وعودة إنتاج الفوسفات وتصديره للأسواق العالمية، إضافة إلى أرقام عائدات التونسيين بالخارج.
وأكد لـ"العين الإخبارية" أنه مع تضافر جميع الجهود في البلاد تمكنت تونس من الصمود في وجه جميع التوقعات التي أظهرت عجز الاقتصاد في البلاد.
وأشار الى أنّ "التعويل على الذات هو قرار انتهجه الرئيس التونسي قيس سعيد بعد رفضه شروط صندوق النقد الدولي التي اعتبرها إملاءات تهدد السلم الأهلي في البلاد".
وتابع: "لكن في الوقت ذاته، تونس ما زالت في حاجة ماسة إلى تمويلات خارجية، خاصة أن التوجه إلى الأسواق المالية العالمية مرتبط في الأساس بالترقيم السيادي للدول".
وأشار إلى أنه على المدى القصير، تونس غير قادرة على الخروج إلى الأسواق المالية العالمية، لكن على المدى المتوسط فإن المسألة مرتبطة بمدى التزام البلاد في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية التي يطلبها صندوق النقد.
وترفض تونس الشروط التي فرضها صندوق النقد الدولي، وتعتبرها إملاءات من شأنها أن تهدد السلم الأهلي في البلاد، خاصة أن تونس احتفت هذه السنة بمرور 40 سنة على أحداث الخبز التي اندلعت بسبب شروط كانت قد فرضها الصندوق على الحكومة التونسية التي كان يرأسها محمد المزالي في 3 يناير/كانون الثاني 1984، التي أسفرت عن سقوط 89 قتيلاً والمئات من الجرحى في صفوف المتظاهرين.
وسبق أن قال الرئيس التونسي قيس سعيد إن "الدولة التونسية لن تتخلى عن دورها الاجتماعي، لأن الفقراء والبؤساء في تونس هم الذين قاموا بالثورة وانتفضوا ضد الظلم والاستبداد".
ويشترط صندوق النقد الدولي على تونس مقابل منحها القرض إصلاحات تتمثل في خفض الدعم وتقليص تكلفة الأجور العامة وخصخصة المؤسسات الحكومية التي تعاني أزمات مالية.
تحسن السياحة
من جهة أخرى،أكد مدير عام الديوان الوطني للسياحة حلمي حسين أن تحسن أرقام السياحة في البلاد وارتفاع عدد السياح القادمين إلى تونس يصب في خانة الاستقرار الاقتصادي.
وأضاف حسين لـ"العين الإخبارية" أنه تم خلال العام الماضي تسجيل توافد أكثر من تسعة ملايين زائر إلى تونس، موضحا أن الهدف حاليا هو تسجيل توافد 10 ملايين سائح.
كما لفت حسين إلى أن استراتيجية الوزارة مبنية على 4 أعمدة، أهمها تنويع المنتج السياحي حتى يصبح متوافقا مع الطلبات الجديدة، موضحا أن السياحة الشاطئية تظل من أعمدة السياحة.
وسبق أن قال محافظ البنك المركزي التونسي فتحي زهير النوري إن الاقتصاد التونسي قد "أثبت قدرة ملحوظة على الصمود"، مضيفا "حتى إن كانت التوقعات ترجح تسجيل نسبة نمو في حدود 1.4 في المئة، فإن آفاق التحسن الاقتصادي ستمكن من تجاوز هذه النسبة المقدرة".
واعتبر النوري أن الوضعية هي بمثابة "مسار استعادة للنمو"، وأن جهود البنك المركزي التونسي لضمان مستوى مطمئن للمدخرات من العملة ولاستقرار العملة والتحكم في التضخم، تتنزل في إطار هذا المسار.
ومنذ أسبوع أعلن البنك المركزي، في بيان له، استقرار نسبة التضخم في مستوى 7,2% في شهر مايو/أيار الماضي مقابل 9,6% قبل ذلك بسنة.
وبلغت الموجودات الصافية من العملة الأجنبية 24177 مليون دينار أي ما يعادل 111 يوم توريد، وفق آخر إصدار للبنك المركزي التونسي.