خطوة تسبق الانتخابات.. إخوان تونس «يتسللون» من الباب الخلفي بمفتاح «المكي»
سجله الحافل في مسيرة "النهضة" الإخوانية بتونس، يُبقي الأنظار شاخصة حوله، حتى ولو غيّر جلده.
إنه عبداللطيف المكي، الذي يتردد اسمه في بنك أسماء حركة النهضة في رحلة العبور للقصر، في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
ولأن التونسيين اختبروا لدغة التنظيم مرتين (الحكومة والرئاسة)، فهم عازمون على عدم تكرار هذه اللدغة في الانتخابات الرئاسية المقبلة، في ظل محاولات حركة النهضة التسلل إلى السباق بوجوه جديدة.
وأمس الأحد، أُعيد انتخاب القيادي السابق في حركة النهضة، عبداللطيف المكي، أمينا عاما لحزب "العمل والإنجاز"، وذلك خلال ختام أشغال المؤتمر الأول للحزب الذي تناول إمكانية الترشح للانتخابات الرئاسية.
وقال المكي خلال انعقاد المؤتمر، إن "هناك بدايات مبشرة لحوار جدي داخل مختلف المكونات السياسية بينها جبهة الخلاص الوطني(إخوانية) لإيجاد أرضية تمكن من تقديم مرشح توافقي للانتخابات الرئاسية المقبلة".
ويرى مراقبون أن عبد اللطيف المكي، قد يكون مرشح الإخوان للانتخابات الرئاسية لذلك تم التعجيل في تنظيم المؤتمر الأول لحزبه الذي تأسس في 28 يونيو/حزيران 2022.
وهو ما ذهب إليه الناشط السياسي التونسي سعيد الميداني، بقوله إن المكي سرّع في إنجاز مؤتمر حزبه الأول "من أجل التحضير للانتخابات الرئاسية".
وفي حديثه مع "العين الإخبارية"، أضاف الميداني "إخوان تونس يعلمون جيدا أن حزب النهضة قد انتهى وإمكانية حله واردة في أي وقت، لذلك بدأت عناصر الإخوان في الانضمام إلى حزب "العمل والإنجاز" الذي أسسه قبل عام الإخواني عبد اللطيف المكي".
ورأى أن المكي "يريد تجميع جميع قواعد الإخوان والأطراف المعارضة لنظام (الرئيس) قيس سعيد كي يكون مرشحهم للرئاسية"، مؤكدا أن "الشعب لفظ الإخوان خاصة بعد أن انكشف تورطهم في ملفات الإرهاب والتهريب والاغتيالات السياسية، ناهيك عن الفساد المالي والإداري".
وفي 12 فبراير/ شباط الجاري، أكد الرئيس التونسي قيس سعيد، أن الانتخابات الرئاسية المقبلة ستتم في موعدها (خريف 2024)، مشيرا إلى أن المعارضة التي قاطعت الاستحقاقات السابقة “تُعد العُدة لهذا الموعد”.
"صقور" الإخوان
ووفق الميداني، يُعتبر المكي "من القيادات البارزة للنهضة ، فهو أحد نوابها في البرلمان وكان وزيرا للصحة، ويُعرف بأنه من صقورها، وكان أحد مرشحيها لرئاسة الحكومة، وكذلك لخلافة راشد الغنوشي على رأس الحركة لولا إجراءات 25 يوليو/تموز 2021 (الرئاسية) التي عصفت بالحركة".
وتابع " المكي يعود اليوم مع اقتراب الانتخابات الرئاسية ليتلون من جديد مدعيا أن حزبه ينتمي إلى الأحزاب الديمقراطية والاجتماعية الوطنية في حين أنه حزب يضم أكثر الأسماء الإخوانية تشددا".
وأكد أن "تاريخ هذا الشخص خطير فهو تورط في عدة قضايا أبرزها قضية الدعامات القلبية الفاسدة التي دخلت لتونس عندما كان يشغل منصب وزير الصحة وتسببت في موت العشرات من التونسيين."
وقضية الدعامات القلبية، هي فضيحة تفجرت بتونس عام 2016، أي في عهد الإخوان، حيث تم اكتشاف أن ما لا يقل عن 151 مريضا خضعوا لعمليات جراحية لزرع "لوالب قلبية" كانت منتهية الصلاحية، في قضية لا تزال مفتوحة حتى اليوم.
وفي 28 يونيو/ حزيران 2022، تم إعلان تأسيس حزب “العمل والإنجاز” من قبل عدة شخصيات منشقة عن حركة النهضة.
ودعا الحزب الذي تأسس على بقايا النهضة إلى الحوار مع السلطة، في خطوة اعتبرها مراقبون "مناورة إخوانية من أجل التموقع من جديد".
ويضم الحزب الجديد، الذي يعرف نفسه بأنه حزب وطني محافظ اجتماعي ديمقراطي، وجوهاً مستقيلة من حركة النهضة على غرار زبير الشهودي، ومحمد بن سالم، ومعز بلحاج رحومة، إضافة إلى ريم التومي.
وكانت حركة النهضة، قد خسرت منذ حوالي عام دعم أكثر من 100 قيادي، استقالوا منها، بعدما أقرّوا بمسؤوليتها في الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها البلاد ومسؤولية قيادتها ممثلة في راشد الغنوشي في العزلة التي وصلت لها الحركة في المشهد السياسي.
واعترف المنشقون بفشلهم في إصلاح الحركة من الداخل.
من هو المكي؟
بعد 25 يوليو/تموز 2021، حينما بدأت إجراءات الرئيس التونسي تجاه الإخوان، استقال المكي من حركة النهضة رفقة 113 من أعضاء الحزب، مطلع أغسطس/آب.
وبرر القيادي الإخواني استقالته بأنها تأتي بسبب ما وصفه بـ"السياسات الفاشلة وتمسك راشد الغنوشي برئاسة النهضة،الذي يتحمل المسؤولية كاملة عن الفشل السياسي الذي لحق بالحركة على مدار السنوات الماضية."
وكان المكي أحد مؤسسي الاتحاد العام التونسي للطلبة (اتحاد طلبة الإخوان) الذي كان بين يناير/كانون الثاني 1989 وديسمبر/كانون الأول 1990 ثاني أمنائه العامين بعد عبد الكريم الهاروني.
وقد أدى صدام بداية التسعينيات بين السلطة والنهضة إلى اعتقاله في مايو/أيار 1991 والحكم عليه بالسجن 10 سنوات، قبل أن يُطلق سراحه عام 2001.
ومع رفض السلطات طلب إعادة تسجيله في كلية الطب بتونس لمواصلة دراسته خاض عام 2004 إضرابا دام 57 يوما.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2011 انتخب نائبا في المجلس الوطني التأسيسي. وعين في ديسمبر/كانون الأول في العام نفسه وزيرا للصحة في حكومة حمادي الجبالي، وحافظ على نفس المنصب في حكومة علي العريض (كلتاهما إخوان).
وظهر المكي بعد 2011 كأحد أبرز قياديي النهضة فانتخب رئيسا لمؤتمرها التاسع المنعقد في يوليو/تموز 2012 ، ومع عجز الجبالي عن تشكيل حكومة في فبراير/شباط 2013 برز اسمه كأبرز مرشح لخلافته قبل أن يقع اختيار علي العريض.
كما ترشح في الانتخابات التشريعية التونسية 2014 وفاز بمقعد في البرلمان.
وتم اختياره وزيرا للصحة ضمن تشكيلة الحكومة التي ترأسها إلياس الفخفاخ في 28 فبراير/شباط 2020.
ويملك شهادة في الكيمياء الحيوية.