المخرج التونسي الفاضل الجعايبي لـ«العين الإخبارية»: مسرحية «آخر البحر» هي تساؤلات عن الإنسان والإنسانية
في عرضها الأول احتضنت قاعة المسرح الرابع بتونس مسرحية "آخر البحر" للمخرج التونسي الفاضل الجعايبي ضمن الدورة الرابعة والعشرين من مهرجان أيام قرطاج المسرحية.
وكتب نص المسرحية وأخرجها قيدوم الفن الرابع بتونس الفاضل الجعايبي وجسد أحداثها مجموعة من الممثلين وهم صالحة النصراوي ومحمد شعبان وريم عيّاد وسهام عقيل وحمادي البجاوي.
المسرحية مقتبسة من المسرحية التراجيدية اليونانية التي كتبها يوربيديس استنادًا إلى أسطورة جازون وميديا، والتي تم إنتاجها لأول مرة عام 431 قبل الميلاد.
تتمحور المؤامرة حول تصرفات ميديا، الأميرة السابقة لمملكة كولشيس «البربرية»، وزوجها جازون؛ حين وجدت أن موقعها في العالم اليوناني مهدد حيث يتركها لأجل أميرة كورنث اليونانية. وهنا تنتقم ميديا بقتل أطفالها وقتل زوجته الجديدة، ثم الهرب إلى أثينا لبدء حياة جديدة.
أما في مسرحية الفاضل الجعايبي، فقد غادرت أسطورة "ميديا" قاتلة ابنيها ، و"جازون" جغرافيّا وتاريخيّا، من بلاد الإغريق في القرن الخامس قبل المسيح إلى أرض العرب، حيث التوحّش قد بلغ أقصاه، لتحاكي ما يجري فيه من عنف وألم وظلم وغطرسة.
وطرحت المسرحية تساؤلات عدة أبرزها: "ماذا لو امتنعت ميديا عن الفرار ومثلت أمام مؤسسات العدالة الصّارمة، ومن سيحاكمها عن كلّ جرائمه، ومن له شرعيّة الحكم بالحياة أو الموت أمام ما يحدث حولنا وأمامنا من مجازر وحشيّة يوميّة يقترفها الإنسان رغم تبجّحه بالإنسانيّة، وهل استطاعت "ميديا" وهي اليوم بيننا مواجهة الوحش السّاكن فينا دون إحساس بأيّ ذنب متحدّية كلّ الممنوعات؟".
تلامس الواقع
وقال الفاضل الجعايبي مخرج العمل، إنه اختار أن يعرض أول عرض المسرحية في هذا المهرجان الذي يحتفل هذه السنة بمرور 40 سنة على تأسيسه.
وأوضح لـ"العين الإخبارية" أن منطلق هذه المسرحية كان خرافة وأسطورة "ميديا" التي سبق واشتغلت عليها سابقا رفقة الفنانة المسرحية جليلة بكار لتشاء الأقدار هذه المرة، بعد 10 سنوات وفُرضت عليا من جديد لأنها بقيت مسكونة في داخلي وحركت مشاعري وطرحت لي الكثير من الأسئلة.
وتابع: "في هذه المسرحية تحدثنا عن الآن وهنا وعلى الإنسان التونسي ولماذا أسطورة ميديا التي كتبها إنسان عبقري هو يوربيديس في القرن الخامس قبل الميلاد، ما زالت إلى اليوم تحاكي واقعنا مثل مسرحيات شكسبير وبرشت".
وزاد: "كيف لمسرحيات قادمة من من التاريخ تلامس واقعنا؟ الإجابة كانت لأنهم يتحدثون عن الإنسان بمشاكله وتناقضاته عبر التاريخ الذي لم يتغير".
وأضاف: "أشتغل على المسرح الإنثروبولوجي إن صح التعبير والذي يتجاوز السياسي والاجتماعي والثقافي، لأن الوحش والخير الموجود في الكبير والصغير والغني والفقير وفي المرأة والرجل ما زال نفسه من غابر التاريخ إلى اليوم لم ينقطع".
وتابع: "نحن نعيش حاليا في فاجعة أخرى اسمها غزة في عالم تنهار فيه القيم يوما بعد يوم، والإنسان عندما تعتدي عليه يرد الفعل وأحيانا يعتدي عليك وينتظرك كي ترد الفعل لأن العنف في الإنسان مثل الخوف لا ينقطع".
وعن اعتماده على تقنيات مسرحية جديدة، قال الجعايبي إنه لأول مرة يستعمل تقنية الفيديو في مسرحياته، موضحا أنه فُرض عليه لأن ميديا في الأسطورة تذبح أولادها وأنا اخترت طريقة أخرى لأنها امراة متشبعة بالطبيعة وبالكون وبالماورائيات، فأردت أن يموت أولادها في البحر غرقا لأن في ذلك تواصل مع الطبيعية، لذلك استعملت تقنية الفيديو التي تجسد صوت ومنظر البحر بهدوئه وجبروته".
من جهة أخرى، قال الجعايبي إن "أعمالي تخاطب الإنسان دائما وأبدا لذلك تستقطب جماهير كبيرة من كل الأجيال.. وهذا ما يجعلني أشعر بالفخر والرضا".
والفاضل الجعايبي هو مخرج ومؤلف مسرحي ذو مسيرة مسرحية تتجاوز 40 سنة، درس المسرح بالجامعة الفرنسية، وشارك في تأسيس وإدارة عدة فرق مسرحية في تونس وفرنسا.
في سنة 1976كان أحد مؤسسي فرقة «المسرح الجديد»، وقدم طيلة مسيرته أهم الأعمال المسرحية التونسية التي أصبحت مرجعا لأهل المسرح ولعل أبرزها "يحي يعيش" و"تسونامي" و"العنف" و"الخوف" و"جنون" و"مارتير" و"غسالة النوادر".
aXA6IDMuMTQuMTM0LjE4IA== جزيرة ام اند امز