"النظام الداخلي".. برلمان تونس يحسم خلاف رئاسته و"المعارضة" عالقة
مهد البرلمان التونسي لمرحلة جديدة من مساره في جمهورية تتأسس بحسب مراقبين، على أرضية "لا مكان فيها للمتلاعبين بالدين في ميدان السياسة".
وقاد الرئيس التونسي قيس سعيد قبل نحو عامين عملية إصلاح سياسي شامل بدأ بتعليق عمل البرلمان الذي هيمن عليه تنظيم الإخوان المصنف إرهابي في عدد من الدول الإقليمية، قبل حله في وقت لاحق، في خطوات شملت أيضا وضع دستور جديد للبلاد وإجراء انتخابات برلمانية.
وفي استكمال لهذا المسار صدّق البرلمان التونسي على 11 فصلا في مشروع قانون النظام الداخلي للمجلس ليحسم خلافات بين نوابه بشأن مدة ولاية رئيس المجلس، فيما لم يحظ تنظيم المعارضة بالمجلس بالأغلبية لتمريره.
ويتكون مشروع النظام الداخلي للبرلمان الجديد الذي انطلقت أعماله في 13 مارس/آذار الماضي، من 171 فصلاً موزّعة على 13 باباً، يقوم على تطبيق أحكام دستور 2022.
وتشمل بنود القانون الداخلي الجديد تنظيم "الأحكام العامة" للوظيفة التشريعية، و"العضوية والكتل النيابية والحصانة"، و"هياكل المجلس"، و"النظر في المبادرات التشريعية"، إضافة إلى "النظر في اللوائح"، و"مراقبة العمل الحكومي"، و"الحوار مع الهيئات"، و"تمثيل المجلس في الهيئات والمجالس الوطنية والعلاقات الدولية"، "والعلاقة مع الإعلام والمواطنين والمجتمع المدني"، و"اقتراح تنقيح الدستور"، و"التدابير الاستثنائية"، و"قيم ومبادئ العمل البرلماني"، إضافة إلى جملة من "الأحكام الانتقالية والختامية".
حسم الرئاسة
وصادق مجلس نواب الشعب، خلال جلسة عامّة، الثلاثاء، على الفصل 32 من النظام الداخلي والذي ينصّ على أن انتخاب رئيس المجلس ونائبيه لمدة نيابية كاملة، وتُعقد جلسة انتخابية عند كلّ شغور في منصب رئيس المجلس أو أحد نائبيه وذلك في أجل أقصاه خمسة عشر يوما من تاريخ معاينة الشغور.
وحسم التصويت انقسام بين النواب بشأن مدة ولاية رئاسة المجلس حيث رأى نواب ضرورة إجراء الانتخابات مع بداية كل دور انعقاد، فيما رأى آخرون أن الانتخابات تجري في بداية دور الانعقاد الأول مع دعوة المجلس للانعقاد على أن يستمر في المنصب طوال مدة البرلمان المنتخب والمقررة بخمس سنوات.
ونص القانون الداخلي على أن الكتل البرلمانية تتكون من 15 عضوا أو أكثر مع منع النواب من "السياحة الحزبية" أي التنقل من كتلة إلى أخرى داخل البرلمان، وهو ما كان يحصل في برلمانات الإخوان السابقة حيث يقول الفصل الجديد إنه "إذا انسحب نائب من الكتلة النيابية التي كان ينتمي إليها عند بداية المدّة النيابية لا يجوز له الالتحاق بكتلة أخرى".
ولم يحظ الفصل عدد 22 من مشروع النظام الداخلي الذي يعرف المعارضة داخل البرلمان بالأغلبية المطلوبة خلال تصويت النواب بالجلسة العامة المنعقدة اليوم الثلاثاء.
وينص الفصل الخاص بالمعارضة على أنه "يُصنّف ضمن المعارضة النائب الغير المنتمي أو الكتلة النيابية الذين يصرحون في بداية الدورة النيابية انتماءهم للمعارضة بموجب إعلام كتابي يُوجّه إلى رئاسة المجلس ويقع الإعلان عنه في الجلسة العامة الموالية للتصريح".
كما تمت المصادقة على الفصل الذي يقر بأنه "لا يُمكن تتبّع النّائب أو إيقافه أو محاكمته بسبب آراء يُبديها أو اقتراحات يتقدَّم بها أو أعمال تدخل في إطار مهام نيابته داخل المجلس."
وبحسب النظام الداخلي "لا يتمتّع النّائب بالحصانة البرلمانيّة بالنسبة إلى جرائم القذف والثّلب وتبادل العنف المُرتكبة داخل المجلس أو خارجه، ولا يَتمتّع بها أيضا في صورة تعطيله للسّير العادي لأعمال المجلس."
ويتمّ النظر في رفع الحصانة على أساس الطلب المُقدّم من الجهة القضائية مصحوبا بالمؤيّدات اللازمة إلى رئيس مجلس نواب الشعب.
كما يمنع على النواب الاستعانة بمساعدين من بين الأجراء لدى المنظمات الأجنبية المنتصبة بالجمهورية التونسية أو الممولين من قبلها.
نقلة نوعية
وأكد رئيس مجلس نواب الشعب إبراهيم بودربالة أن المجلس واصل النظر في مشروع نظامه الداخلي والمصادقة عليه .
وعبر في تصريحات لـ"العين الإخبارية" عن أمله في أن يحقق البرلمان الجديد النقلة النوعية التي ينتظرها الشعب التونسي خاصة من خلال اضطلاعه بوظيفته التشريعية في انتظار تكوين مجلس الجهات والأقاليم وتنظيم العلاقة بين المجلسين لخدمة المصلحة العليا للوطن والإعداد لمستقبل زاهر وأفضل لهذا البلد لكي تسوده الطمأنينة والأمل الذي ينتظره الجميع.
وأشار إلى المسؤولية الجسيمة الملقاة على عاتق المجلس الذي ينبغي أن يبذل كل ما في وسعه ليكون في مستوى تطلعات التونسيين جميعا.
وعبّر عن يقينه في أن المجلس سيعمل على تذليل كل الصعوبات لتحقيق الأهداف المرجوة وإنجاح أشغاله ولاسيما عبر تسريع النظر في مشروع النظام الداخلي والمصادقة عليه.
aXA6IDMuMTQyLjEzMS41MSA= جزيرة ام اند امز