بعد رئاسة دامت أكثر من أربعين عاما، عيّنت حركة النهضة الإخوانية بتونس، منذر الونيسي، رئيسا مؤقتا لها، بعد إيداع زعيمها راشد الغنوشي السجن؛ بتهمة التآمر على أمن الدولة الداخلي.
ووفق مصادر لـ"العين الإخبارية" فإنه من المنتظر أن تصدر حركة النهضة بيانا حول قرار تعيين الونيسي رئيسا مؤقتا لها، مع تشكيل مكتب مصغر للقيادة يضم عددا من القيادات البارزة.
وكان الونيسي قد أشرف على المؤتمر الصحفي للحركة في أعقاب توقيف الغنوشي الإثنين الماضي، قبل صدور قرار سجنه صباح الخميس.
وأصبح الونيسي الرئيس الـ 14 في تاريخ حركة النهضة، التي ترأسها راشد الغنوشي عند تأسيس الحزب في نيسان/ أبريل 1972، إلى حدود كانون الأول/ ديسمبر 1980.
ثم انتقلت رئاسة الحركة إلى القيادي عبد الرؤوف بولعابي، قبل أن يستعيدها الغنوشي ثانية في أبريل/نيسان 1981، فيما تداول عليها منذ يوليو/تموز 1981 كل من فاضل البلدي وحمادي الجبالي وصالح كركر وجمال العوي ومحمد القلوي والصادق شورو ومحمد العكروت ومحمد بن سالم والحبيب اللوز ونور الدين العرباوي ووليد البناني.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 1991، عاد راشد الغنوشي إلى رئاسة الحركة، إلى حد اعتقاله يوم 17 أبريل/نيسان الجاري؛ بتهمة التحريض على الأمن القومي والدعوة للعنف والتآمر على أمن الدولة.
والأسبوع الماضي، أصدر القضاء التونسي مذكرة توقيف في حق راشد الغنوشي بتهمة التحريض على الأمن القومي والدعوة للعنف على خلفية تصريحات له يقول فيها إن تونس دون الإسلام السياسي والنهضة مشروع حرب أهلية"، وأن اجراءات قيس سعيد بحل البرلمان وإزاحة الإخوان يجب أن ترمى بالحجارة.
من هو الونيسي؟
ومنذر الونيسي (56 عاما)، وُلد بمدينة الدهماني بمحافظة الكاف، شمال غربي تونس، وهو قيادي بارز في الإخوان وهو طبيب مختص في طب وزرع الكلى.
انتمى الونيسي إلى الإخوان عام 1984 وظل ينشط داخلها، ثم تم انتخابه عضوا بمجلس الشورى خلال المؤتمر العام العاشر الذي تم تنظيمه عام 2016.
كما تقلّد الونيسي عضوية المكتب التنفيذي للحركة منذ 2021-2022، وتم تعيينه في منصب نائب رئيس حركة النهضة، منذ أغسطس/آب 2021.
وسبق لمنذر الونيسي أن تقلد منصب مستشار وزير الصحة التونسي عبد اللطيف المكي بين عامي 2012 و2013، في حكومة حمادي الجبالي، وهي أول حكومة تشكلها النهضة بعد انتخابات 2011 عقب سقوط نظام زين العابدين بن علي.
قاتل مأجور
ويرتبط ماضي أغلب قيادات اخوان تونس بالإرهاب وبالقتل وبسفك الدماء حيث سبق أن تم اتهام الونيسي في تورطه بقضية قتل رجل الأعمال التونسي والبرلماني الأسبق في عهد زين العابدين بن علي، الجيلاني الدبوسي بتهمة "إعداد وفاق إجرامي من أجل القتل العمد مع سابقية الإصرار".
وتورط في هذه القضية وزير العدل الإخواني الأسبق نور الدين البحيري ووزير الصحة الأسبق عبد اللطيف المكي ومستشاره منذر الونيسي، والقياديين مصطفى اليحياوي والسيد الفرجاني وطبيبة بسجن المرناقية ومدير سجن المرناقية حينها عماد الدريدي.
وتعود تفاصيل القضية إلى تورط المكي والبحيري في تعذيب رجل الأعمال الجيلاني الدبوسي، الذي كان نائباً سابقاً في عهد الرئيس التونسي الأسبق زين العابدين بن علي، باعتباره كان خصما بارزا ضد الإخوان في السابق.
وقد تم الإعلان عن وفاة رجل الأعمال التونسي الدبوسي بعد مغادرته السجن في فترة حكم الإخوان عام 2012.
وفي يناير 2022، فتحت وزارة العدل التونسية تحقيقا في جرائم محاولة القتل العمد مع سابقية القصد والتعذيب وسوء المعاملة بخصوص وفاة الدبوسي .
وسبق أن أكد نجل الجيلاني الدبوسي، في تصريحات له, أن العائلة قدمت شكوى لدى المدعي العام منذ يوم 7 مارس/آذار 2013 أمام ما كان يتعرض له والده من أفعال بشعة وتعذيب وسوء معاملة داخل سجنه من قبل كل من وزيري العدل والصحة آنذاك نور الدين البحيري وعبد اللطيف المكي والمنذر الونيسي، وفق قوله.
وأوضح أن القضية التي قدمتها العائلة ظلت في الرفوف بعد وفاة والده في عهد وزير العدل نورالدين البحيري وتواصل تجاهلها طيلة السنوات الماضية لأن وزارة العدل كانت دائما تابعة لحركة النهضة وهو ما اضطر العائلة لتدويل القضية، حسب قوله.
وقال الدبوسي: "وأخيرا النيابة العامة تحركت اليوم وأخذت على عاتقها هذه الشكوى"، مضيفا أن العائلة قدمت شكوى أخرى موجودة حاليا في محكمة باريس باعتبار أن والده يحمل جنسيتين تونسية وفرنسية، ويجب أن يتواصل قاضي التحقيق بتونس مع نظيره في باريس من أجل احترام الإجراءات القانونية والاتفاقيات المبرمة بين البلدين".
وأضاف أن هناك شكوى ثانية ضد الدولة التونسية في الأمم المتحدة التي تنظر في جرائم الدولة، معتبرا أن الدولة ارتكبت جريمة ضد الجيلاني الدبوسي عندما قضت محكمة التعقيب ببراءة والده من القضايا المرفوعة ضده وتم الضغط عليها لعدم تنفيذ الحكم الصادر عنها بأوامر سياسية من وزير العدل آنذاك.