الاغتيال السياسي ليس ظاهرة جديدة بحد ذاتها عبر التاريخ، لكن الجديد فيها، بالنسبة لبلعيد والبراهمي هو ما كشفته هيئة الدفاع عنهما من تفاصيل خطيرة.
المعطيات الجديدة التي فتح بموجبها ملف اغتيال القياديين في الجبهة الشعبية التونسية شكري بلعيد ومحمد البراهمي، تستحق عدم المرور عليها مرور الكرام، ذلك أن الاغتيال السياسي آفة قادرة على تدمير أية دولة وتمزيق أي مجتمع.
المفارقة ستكون كبيرة إذا أثبت القضاء وجود جهاز سري موازٍ للحركة، وإذا قادت خيوط التحقيق القضائي إلى مقتل القياديين بأسلوب الاغتيال المنظّم؛ إذ إن حركة النهضة قادت ائتلاف الترويكا الذي أمسك بمقود الحكم بعد رحيل بن علي، ثم شاركت في ائتلاف مع حزب نداء تونس
الاغتيال السياسي ليس ظاهرة جديدة بحد ذاتها عبر التاريخ، لكن الجديد فيها، بالنسبة لبلعيد والبراهمي، هو ما كشفته هيئة الدفاع عنهما من تفاصيل خطيرة. فالاغتيال، وفق هذه المعطيات لم يتم بمبادرة فردية أو ردة فعل ناجمة عن أجواء ما لا تروق لشخص متطرف، إنما عبر جهاز سري موازٍ، تابع لحركة النهضة، الفرع التونسي لحركة الإخوان.
القضاء التونسي تحرّك في ضوء هذه المعطيات، وعنوان تحرّكه كشف خفايا هذا «الجهاز السري» ومعالجته كي لا تتحوّل تونس إلى ساحة تخريب باسم «الربيع العربي»، كما حصل ويحصل في دول عربية أخرى. ولذلك فإن فتح التحقيق القضائي يعني أن تونس تتّجه إلى مزيد من المكاشفة والضوء.
لكنه يعني في الوقت نفسه أن حزب الإخوان غير قادر على تركيب جنزيره على مسنّنات الديمقراطية، وأن أسلوب العمل السري بات بحكم قوة العادة منهجاً ناظماً لفروع هذا التنظيم. فالاتهام الصادر عن الهيئة القضائية التونسية، لم يتحدّث بعموميات قابلة للتشكيك، إنما استند لوقائع وأدلة وأسماء ووثائق وتسجيلات، وها هي تأخذ طريقها في المسار القضائي.
الاغتيال السياسي في بلد شهد ثورة حملت اسم «الياسمين»، ينذر بعواقب وخيمة على مستقبل تونس ونظامها السياسي المتشكّل حديثاً، وطبيعة ديمقراطيتها التي تحاول أن تتشرّب من عصارة الخصوصية التونسية، من خلال تجربة فريدة لم تغلق الباب أمام حزب «النهضة» رغم ارتباطاته المعروفة بحركة الإخوان.
المفارقة ستكون كبيرة إذا أثبت القضاء وجود جهاز سري موازٍ للحركة، وإذا قادت خيوط التحقيق القضائي إلى مقتل القياديين بأسلوب الاغتيال المنظّم، إذ إن حركة النهضة قادت ائتلاف الترويكا الذي أمسك بمقود الحكم بعد رحيل ابن علي، ثم شاركت في ائتلاف مع حزب نداء تونس.
والمفارقة الكبرى أن قيادات حركة النهضة يتحدثون باستمرار عن معاناتها في عهد ابن علي من الاضطهاد، ومنه النفي إلى الخارج.
وعود على بدء، ودونما استباق للمسارِ القضائي، بل من باب الافتراض الذي يصب في خدمة الشعب التونسي، فإن ثبوت الاتهام يعني أن المسار الديمقراطي التعددي لا يرضي جشع التطرف الذي بات يسعى لركوب الديمقراطية كجسر للوصول إلى السلطة أولاً، وكغطاء على عمل حزبي تنظيمي، يتناقض مع منهج الدولة والحكم أو المشاركة فيه.
نقلا عن "البيان"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة