مرشح رئاسي تونسي سابق لـ"العين الإخبارية": "النهضة" تغرق
أحمد الصافي سعيد يطالب راشد الغنوشي بـ"التوقف عن التفتيش عن مظلة يحمي بها نفسه وجماعته"
اعتبر المرشح الرئاسي التونسي السابق، أحمد الصافي سعيد، أن حركة "النهضة"، الذراع السياسية لجماعة الإخوان الإرهابية بالبلاد، ليست قوية كما قد تبدو، مشيرًا إلى أن ضعف المناخ السياسي، هو ما جعلها تبرز.
- سياسي تونسي: الإخوان وفروا غطاء سياسيا وقانونيا للإرهاب
- قيادي بـ"اتحاد طلاب تونس": منفذة تفجير العاصمة إخوانية
جاء ذلك في مقابلة مع "العين الإخبارية" بالعاصمة التونسية، تطرق فيها سعيد، وهو من أشهر الكتاب والصحفيين ببلاده والعالم العربي، إلى أبرز نقاط التوقف في المشهد السياسي ببلاده.
وقال سعيد إن "النهضة لا تضم عباقرة ومفكرين، والحركة ليست قوية، لكن ضعف المناخ هو الذي جعلها تبرز".
واعتبر أن "مشكلة الأحزاب في تونس تكمن في أنها تتخذ دائما من النهضة مرجعية لها، فتتساءل: هل أنا ند لها أم أقل أم أكبر؟، وهذا الأمر بدأ منذ 2011، حين حصلت النهضة على 80 أو 85 مقعدا بالبرلمان، وبادرت بتشكيل حكومة، واختارت رئيسا (المنصف المرزوقي) وفرضته على بقية الأحزاب".
وتابع سعيد: "لم تفكر الأحزاب في تشكيل تحالف مناهض للنهضة، وإنما رضخت لاقتراحات الحركة ولحكومتها، مع أنه كان بالإمكان تجاوز النهضة بخطوة مماثلة، لكن الجميع انقادوا وراء هذه الحركة مثل القطيع".
وأوضح أن "النهضة هي التي بادرت وفرضت قواعد اللعبة، وقواعد الاشتباك، ولذلك ظلت عائقا كبيرا أمام الأحزاب، تضعف فلا يرون ضعفها، بل يرون أنفسهم هم يضعفون".
وخلص السياسي إلى أنه "من هنا، جاء هذا العائق الذي تشكله النهضة أمام الأحزاب، وفي الواقع فإن الأخيرة تمثل عائقا فقط لأن الآخرين ضعفاء".
وحول الجناح العسكري السري للحركة الإخوانية، والذي أعادته للواجهة مؤخرا، هيئة الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، تابع سعيد: "سمعت، وأنا غير متأكد من ذلك، أن ملف البراهمي وبلعيد عبارة عن وثائق وكراتين أمنية سلمها الرئيس الباجي قائد السبسي، أو خرجت من يديه أو من القصر الجمهوري".
وأردف أن تلك الوثائق "وصلت اليسار أو الجبهة الشعبية (ائتلاف يساري)، لإحراج وتخويف النهضة".
وأشار سعيد إلى أن "هذه حركة، إن صحت فإنها تستبطن، مسعى لتدويل القضية"، بمعنى أن "المحكمة الجنائية الدولية سيكون بإمكانها، حينذاك، أن تطلب أي شخص للتحقيق، وأولهم (راشد) الغنوشي (زعيم حركة النهضة) (…)، وفي هذا ضربة قاصمة للحركة التي من المرجح أن تصبح العديد من قياداتها ممنوعة حتى من الحكم، في حال وصول القضية للمحكمة الجنائية الدولية".
وأعرب سعيد عن قناعته بأن "النهضة ليس لديها مفكرون، وهي أيضا غارقة دون أن يفطن أحد لغرقها".
وأوضح أن "الحركة في حال كان لديها مفكرون، لفكرت قبل كل شيء بتغيير اسمها وبعض قياداتها، وعقد مؤتمر استثنائي من أجل الانتقال لقيادات أخرى أكثر شبابية وأقل تورطا في أحداث سابقة فيها الصحيح والخطأ".
وتابع: "على راشد الغنوشي زعيم الإخوان في تونس أن يفكر بطريقة أخرى. كفى من هذه الألاعيب".
وتابع: "كفاك تفتيشا عن مظلة تحمي بها نفسك وجماعتك. الديمقراطية باتت في البلاد لعبة جامدة، لقد أعطونا أردأ نسخة من نسخ الديمقراطية".
وأكد سعيد أنه من المبكر جدا القول بأن حزب "نداء تونس" عاد أو استرجع عافيته، بعد الاندماج الذي أعلنه مؤخرا مع "الاتحاد الوطني الحر"، وهما من الأحزاب الليبرالية، في خطوة ترمي لتوحيد صفوف الديمقراطيين والتقدميين قبيل الانتخابات الرئاسية المقررة نهاية 2019، وفق تصريحات متفرقة لقيادات من الحزبين، ولرأب الصدع اللاحق بـ"نداء تونس".
وأوضح أن "الشعلة التي أخذها أو الضخ الذي حصل عليه نداء تونس في البداية تبخر، ما يعني أنه حتى هذا الاندماج لن يمنحه أي قوة، ربما قوة شكلية، أي أن الأمر عبارة عن لعبة شطرنج أو أقل من ذلك بكثير".
واعتبر أن "الجميع يقومون بشحذ سكاكينهم لـ2019، لكن الذئاب لا تزال سائبة، والأحزاب في تونس ذئاب منفردة.. مخاتلات في الظلام، وألعاب صبيانية، لأنه لا يوجد من يضبطهم، والذئاب لا تنضبط إلا مع الفجر، والفجر يبدو بعيدا، والفجر يتطلب سيدا، وفي الفجر تستيقظ الأسود، والذئاب مازالت تلعب لعبتها، لكنها لعبة الوقت المفتوح لأنه لا يوجد تهديد"، بحسب تعبيره.
وردا عن سؤال حول إنهاء التوافق بين "نداء تونس" و"النهضة"، وما إن كان الأمر من منطلق إدراك الحزب الأول أن الحركة الثانية كانت المستفيد الوحيد من هذا التوافق، قال سعيد إن "النهضة تلعب على لحظة الاستقرار لكي تستفيد منها وتنتعش منها، وربما تحلبها في المستقبل لتستفيد منها أيضا".
وبناء على ذلك، تخطط النهضة لوضع يدها بيد شاب وشخص مؤهل لأن يقود في المستقبل، وهذا ما يحصل من خلال دعمها لرئيس الحكومة يوسف الشاهد في معركته ضد الرئيس الباجي قائد السبسي ونجله حافظ.
واختتم بالقول: "في النهاية، وفي الأعماق، لا يوجد ود بين النداء والنهضة وبين الرئيس الباجي والغنوشي وإن أكثرا من التمثيل. حتى حين يسلمان على بعضهما يفعلان ذلك بدون روح أو تفاعل، كما أنه لا وجود لأي حديث صريح بينهما".