تعديل وزاري مرتقب بتونس.. الطريق مسدود بين "القصبة" و"قرطاج"
يعتزم رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي الإعلان خلال الأيام المقبلة عن تعديل وزاري يشمل إعفاء وزراء محسوبين على الرئيس قيس سعيد.
وتعكس الأسماء المرشحة للخروج من الوزارة الحالية أن الطريق بين مقر مجلس الوزراء في القصبة والقصر الرئاسي في قرطاج.
وعلمت "العين الإخبارية" من مصادر مطلعة أن وزير الداخلية توفيق شرف الدين المحسوب على الرئيس سعيد على رأس قائمة المستبعدين في التعديل المرتقب.
ومن الأسماء المرشحة لإبعادها أيضا من حكومة المشيشي مجموعة الوزراء المقربين من الرئيس التونسي؛ وزير الصحة فوزي المهدي ووزير العدل محمد بوستة، ووزير الإسكان كمال الدوخ.
وبحسب المعلومات التي حصلت عليها "العين الإخبارية"، من المتوقع تعيين وليد الذهبي على رأس الداخلية، والقاضي يوسف الزواغي على رأس وزارة العدل، ومدير معهد باستور الهاشمي الوزير على رأس وزارة الصحة، والممثل التونسي فتحي الهداوي على رأس وزارة الثقافة.
وتعرف الحكومة التونسية شغورًا في كل من وزارة الداخلية، ووزارة الثقافة منذ أن تم إعفاء الوزير السابق وليد الزيدي من منصبه في شهر نوفمبر/تشرين الثاني.
ويرى متابعون أن التعديل المرتقب في حكومة المشيشي دون التشاور مع قيس سعيد سيؤدي إلى تعميق الشرخ بين الطرفين، خاصة بعد اقتراب المشيشي من التحالف البرلماني (حزب النهضة وقلب تونس وائتلاف الكرامة).
ويرى مراقبون بأن هذا الشرخ انطلق منذ اليوم الأول لجلسة نيل الثقة، عندما راهن رئيس الحكومة على الحسابات العددية للأغلبية البرلمانية دون مراعاة لموقف الرئيس المضاد للتنظيم الإخواني وحلفائه.
وحذرت رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي، في فيديو نشر على صفحتها الرسمية بموقع "فيسبوك"، من سياسة المقايضة التي تسعى لها المنظومة الإخوانية لفرض وزراء حكومة الحبيب الجملي (التي تم اسقاطها في 10يناير/كانون الثاني 2020)، أو بسحب الثقة عن المشيشي، مشيرة إلى أن صبر الشعب التونسي قد نفد من هذه المنظومة غير المستقرة.
وقالت موسي، مساء الأحد، إن تصريح الغنوشي بأن الحزام السياسي للحكومة يطالب بإجراء تحوير وزاري وأن "البديل عن الحوار هو القتال"، يدخل في منطق المقايضة.
واعتبرت موسي، أنه من الممكن القول اليوم أن تونس دخلت بصفة رسمية لتنصيب حكومة كل 3 أشهر، وهذا ما يؤكد عدم الاستقرار السياسي وما وصفته بـ" الاستهزاء بالتونسيين"، و التخبط في إدارة الدولة.
كما تساءلت موسي، في ذات السياق، عن إجراء تحوير وزاري قبل عقد جلسة عامة بالبرلمان، لتقييم 100 يوم من عمل الحكومة.
صراع السلطة.. مسار التنمية المعطل
وسيكون هذا التعديل المرتقب بمثابة القادح الجديد في معركة أجنحة السلطة في تونس، فإن اختار المشيشي الاقتراب من الحزام البرلماني فإنه سيجد صعوبات في التنسيق مع قيس سعيد، وهو ما يؤشر لمزيد التصدع بين "القصبة و"قرطاج".
ويعتبر الكاتب السياسي محمد بوعود في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن عدم الاستقرار الحكومي يعطل مسار التنمية في البلاد، مشيرا إلى أن الهزات السياسية التي عرفتها البلاد منذ 10 سنوات أضاعت بوصلة التنمية".
وتعيش تونس على وقع أزمة اقتصادية وصحية غير مسبوقة، حيث بلغ عجز الميزان التجاري أكثر من 6مليار دولار، مع نسبة مديونية تجاوزت 100% من الناتج الداخلي الخام ونسبة بطالة تجاوزت 18%، حسب احصائيات المعهد التونسي للإحصاء.
وتابع بوعود قائلا "سيناريو الشاهد وقائد السبسي (خلافات حول الصلاحيات) تعيد نفسها في العلاقة بين قيس سعيد وهشام المشيشي، رغم أن المشيشي كان من ضمن الطلبة الذين درسهم قيس سعيد في كلية الحقوق.
واعتبر أن عالم السياسة ومقتضياته جعلت من الطالب يتمرد على أستاذه، ويعمل على عزله وتجريده من صلاحياته (طرح فكرة التعديل الحكومي دون التشاور معه.
وفي بلد أرهقته التهديدات الإرهابية وسرعة انتشار فيروس كورونا وتعطل محركات الإنتاج الأساسية على غرار الفوسفات والنفط يفتح التعديل الوزاري أبوابا جديدة من الصراعات.