تونس والسعودية.. نياشين تعاون تزين علاقات تاريخية
جولة حالية يقوم بها ولي العهد السعودي لدول عربية بينها تونس التي من المقرر أن يزورها غدا، والأخيرة تؤكد أهمية دور المملكة في المنطقة
ما لا يعرفه الكثيرون، وحتى التونسيون أنفسهم، هو أن المملكة العربية السعودية دعمت ـ معنويا وماديا ـ الحركة التونسية في نضالاتها ضد الاستعمار الفرنسي.
علاقات أخوية دافئة، قال الدبلوماسي التونسي السابق، أحمد مصطفى، إنها تعود إلى عهد الملك المؤسس للمملكة عبدالعزيز آل سعود، الذي استقبل عام 1951، زعيم الحركة الوطنية التونسية الحبيب بورقيبة، في إطار جولة كان يقوم بها الأخير لتدويل القضية، وجمع المال للمقاومة المسلحة ضد الاستعمار.
مسيرة دعم تكملها أجيال المملكة نحو هذا البلد، تتجسد هذه الأيام، في جولة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، لدول عربية بينها الإمارات والبحرين وتونس التي من المقرر أن يزورها غدا الثلاثاء.
وفي هذا الإطار، أكدت الرئاسة التونسية، أهمية دور المملكة العربية السعودية في المنطقة، مشيرة في بيان لها إلى متانة العلاقات التاريخية التي تربط البلدين.
- محمد بن سلمان وملك البحرين يبحثان سبل تطوير التعاون
- محمد بن سلمان يشكر محمد بن زايد في ختام زيارته للإمارات
ولفت مصطفى، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن المملكة لم تبخل حينها على بورقيبة بالدعم المعنوي والمادي، ما شكل لاحقا منطلقا لتسليح المقاومة ضد الاستعمار الفرنسي في تونس.
ومباشرة فور حصول تونس على استقلالها عام 1956، بدأ التبادل الدبلوماسي مع السعودية، وكان محمد العروسي المطوي، أول سفير تونسي لدى المملكة، فيما كان عبدالرحمن البسام أول سفير سعودي لدى تونس.
وبعدها بعام، زار تونس الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود، وقد كان حينها أميرا، ليشارك التونسيين احتفالات الذكرى السنوية الأولى للاستقلال.
وتخلل زيارته لقاء ببورقيبة، ويبدو أن العلاقة بين الرجلين توطدت منذ الزيارة التي أجراها الأخير للسعودية مطلع خمسينيات القرن الماضي، وأصبحا صديقين مقربين.
إثر ذلك، وتحديدا عام 1965، أجرى بورقيبة زيارة للسعودية تعتبر الأولى له بصفته رئيسا لبلاده، وبعدها بعام زار الملك فيصل تونس في جولة أفريقية شملت دولا أخرى.
وكان من أهداف الجولة تعزيز العلاقات بين الدول الإسلامية، وإنشاء مؤسسة دولية تقوي العلاقات بين هذه الدول، في فكرة لاقت ترحيبا من قبل بورقيبة.
تعاون اقتصادي
علاوة ما شكله دعم المقاومة المسلحة لنيل الاستقلال عن فرنسا، وما تلاها من علاقات وثيقة بين الجانبين، رغم بعض الفتور الذي لا تخلو منه العلاقات بين الدول في بعض الأحيان، والذي تفرضه المعطيات المحلية والإقليمية وحتى الدولية، شكل التعاون الاقتصادي جانبا مهما في العلاقات السعودية التونسية.
ففي 27 يوليو/ تموز 2017، جرى على هامش افتتاح الدورة التاسعة للجنة التونسية السعودية المشتركة، توقيع 8 اتفاقيات تعاون وتمويل، في إطار مذكرة تفاهم بين تونس والصندوق السعودي للتنمية، حول برنامج لتصدير سلع وخدمات لصالح مشاريع حكومية بالبلد الأول، بقيمة إجمالية بـ200 مليون دولار.
ووفق ما أعلنه، وقتها، وزير التجارة والاستثمار السعودي ماجد بن عبدالله القصبي، في تصريحات لإعلام محلي، جرى التوقيع على برنامج عمل مشترك بين الهيئة السعودية العامة للاستثمار، والوكالة التونسية للنهوض بالاستثمار الخارجي (حكومية).
وفي إطار الاتفاقيات الموقعة، تحصل تونس أيضا على قرض لتمويل المرحلة الثانية من مشروع للسكن الاجتماعي، بقيمة 85 مليون دولار، وقرض آخر بقيمة 40 مليون دولار، للمساهمة بتمويل مشروع تشييد وتجهيز مستشفى.
ونظرا لأهمية المعالم التاريخية بالقيروان التونسية، جرى أيضا التوقيع على اتفاقية تحصل بمقتضاها تونس على منحة بقيمة 15 مليون دولار، لتمويل مشروع ترميم مسجد عقبة بن نافع والمدينة القديمة بالمحافظة.
التعاون العسكري والأمني
في ديسمبر كانون أول 2015، وقعت تونس والسعودية اتفاقيتي تعاون في المجالين العسكري والأمني.
وبحسب ما صرح به وزير الدفاع التونسي حينها، فرحات الحرشاني، تهم الاتفاقية الأولى التعاون في المجال العسكري، وتنص على إنشاء لجنة عسكرية مشتركة بين البلدين.
أما الاتفاقية الثانية، فتشمل دعم التعاون الثنائي في المجال الأمني على مستوى التدريب وتبادل الخبرات.
وأكد الحرشاني، في حينه، أن التعاون الثنائي مستمر على مستوى المدارس الحربية ومدرسة الأركان التونسية التي أشار إلى أنها تستقبل، سنويا، عددا هاما من السعوديين لتدريبهم في المجال الحربي.
وفي الثاني من أكتوبر/ تشرين أول الماضي، تناول لقاء جمع وزير الدفاع التونسي حينها، عبد الكريم الزبيدي، بالسفير السعودي بالبلاد، محمد بن محمود العليفي، تعزيز علاقات التعاون العسكري وتطويره.
ووفق بيان لوزارة الدفاع التونسية، أشاد الزبيدي بالتمرين العسكري المشترك بين القوات الجوية بالبلدين، مشيرا إلى أن المناورات ستعقبها أخرى على مستوى القوات الخاصة والإسناد الصحي.
كما استعرض اللقاء الروابط الأخوية المتينة والتاريخية القائمة بين البلدين، ومساعيهما من أجل النهوض بالتعاون العسكري الثنائي، وفق وكالة الأنباء التونسية الرسمية (وات).
وفي الثامن من الشهر نفسه، انطلقت بالقاعدة العسكرية بـ"سيدي ثابت" بمحافظة بنزرت (أقصى الشمال)، مناورات مشتركة بين جيشي الطيران التونسي والسعودي، تواصلت على مدى 4 أيام، في إطار تفعيل التعاون العسكري الثنائي بين البلدين.
وقالت وزارة الدفاع التونسية، في بيان، إن التمرين المشترك يرمي إلى رفع الجاهزية القتالية للطيارين، وتبادل الخبرات في مجال الإمداد والإسناد.