خبراء: قانون المساواة بالإرث.. اختبار عصيب لإخوان تونس
المحلل السياسي التونسي وسام حمدي يرى أن مصادقة الحكومة على مشروع قانون المساواة في الإرث "جعل الإخوان في ورطة".
بمصادقة الحكومة التونسية، الجمعة، على مشروع قانون للمساواة في الإرث بين الرجل والمرأة، وإحالته للبرلمان، يضيق الخناق أكثر حول حركة "النهضة" التي تجد نفسها في زاوية ضيقة.
فوصول المشروع إلى القبة التشريعية التي تمتلك فيها الحركة حاليا أكبر كتلة نيابية (68 نائبا من أصل 217)، يضعها تحت اختبار صعب يجعلها مطالبة بإثبات صدق ما سبق أن ادعته قياداتها في أكثر من مناسبة، من أنها حركة "مدنية" و"معتدلة" لا تمت لتنظيم "الإخوان" بصلة.
فإن عارضت الحركة مشروع القانون، فستسقط في اختبار التدارك الأخير لديها في أعين التونسيين المعتدلين، وإن أيدت فستخسر البعض من قواعدها الانتخابية وأنصارها من المتشبعين بالفكر الإخواني المتعصب.
الإخوان في ورطة
المحلل السياسي التونسي، وسام حمدي، رأى أن مصادقة الحكومة على مشروع قانون المساواة في الإرث "جعل الإخوان في ورطة، خصوصا في سياق بالغ الحساسية كالذي تشهده تونس في الوقت الراهن".
وأضاف حمدي، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، أن مصداقية الإخوان المفترضة ستكون على المحك هذه المرة، وفي حال عارضت مشروع القرار، فسيكون في ذلك تأكيد لحقيقتها وأيديولوجيتها المتطرفة.
واعتبر أن إشراف الرئيس الباجي قائد السبسي بنفسه على مجلس الوزراء الذي صادق على مشروع القانون، يستبطن "رمزية كبرى تنضح برسائل موجهة بالأساس إلى الحركة الإخوانية"، مفادها أنه آن الأوان للكشف عن الوجه الحقيقي لمن يدعون الاعتدال.
وتابع أن المصادقة تشكّل أحد أقطاب الضغط الذي يمارسه السبسي من جهة على حكومة يوسف الشاهد و"النهضة"، والضغط الذي يمارسه الاتحاد العام التونسي للشغل على الأطراف نفسها، من جهة أخرى.
وتأتي المصادقة على مشروع القانون غداة إضراب عام نفذه، الخميس، الموظفون الحكوميون في كامل أنحاء البلاد، وحقق نسبة نجاح عالية، وفق مصادر متطابقة.
ووفق حمدي، فإن السبسي عاد، من خلال الدفع بمشروع القانون نحو البرلمان، إلى إثارة الملف المجتمعي الذي يعد من المواضيع التي تحرج "النهضة"، وتضعها أمام مسؤولية إثبات مصداقيتها أمام التونسيين.
من جانبها، قالت يسرى فراوس، رئيسة "الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات" إن "مصادقة المجلس الوزاري على قانون الحقوق الفردية والمساواة يضع حركة النهضة أمام اختبار حقيقي لمدى صدقها في انتهاج المسلك المدني".
وأشارت فراوس، لـ"العين الإخبارية"، إلى أن "استكمال مجلة (قانون) الأحوال الشخصية، لا يكون إلا عبر الذهاب إلى المساواة التامة بين المواطنين دون تفريق أو تمييز جنسي".
و"مجلة الأحوال الشخصية" هي مجموعة قوانين أنشئت عام 1956، بمبادرة من الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، ومشاركة عدد من علماء جامع الزيتونة، تم بموجبها إقرار منظومة جديدة للتنظيم العائلي تجرم تعدد الزوجات.
ووفق فراوس، فإن الإخوان يجدون أنفسهم اليوم في "مأزق حقيقي تجاه المجتمع الدولي، خصوصا في ظل ادعائهم بأن حركتهم تؤمن بالمدنية والفكر المستنير ومبدأ الاجتهاد في قراءة النص القرآني".
رمزية مهمة
فراوس اعتبرت أن "السبسي يلعب ورقته الأخيرة التي انتخبه الشعب التونسي من أجلها في 2014، وهي إقرار قانون وضعي يقطع مع كل الرجعيات الإخوانية"، مؤكدة أن غالبية الشعب التونسي يقف إلى جانب هذا القانون.
فيما رأى سمير العبدلي، أستاذ القانون بكلية الحقوق بتونس، في ترؤس السبسي لمجلس الوزراء حول هذا الموضوع، "رمزية مهمة"، لكونه الشخصية الأكثر إحراجا للإخوان، وخصوصا لمشاريعهم غير المعلنة تجاه المجتمع.
كما اعتبر العبدلي، وهو سفير سابق لبلاده بلبنان، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، أن مشروع القانون يعكس الصراع السياسي حول المشروع المجتمعي بين حركة النهضة والتيارات المدنية.
ورأي أن "تونس تمضي نحو صراع جديد مرتبط بشكل الهوية المجتمعية مع تيارات إسلامية لم تقدّم لتونس سوى مزيد من الانشقاقات".
aXA6IDMuMTQ0Ljg5LjE1MiA=
جزيرة ام اند امز