الحفر العشوائي للآبار يُفاقم أزمة الجفاف في تونس.. إجراءات صارمة خلال الصيف
تواجه تونس أزمة مياه غير مسبوقة، ترتبت عليها نتائج غير مسبوقة مع تقلص مساحات الإنتاج الزراعي واتساع رقعة الشعور بالعطش.
هذه الأوضاع الصعبة أثارت مخاوف خبراء الموارد المائية في تونس، داعين إلى ضرورة إيجاد حلول جذرية.
وقد دعت الخبيرة التونسية في المياه، روضة قفراج، إلى ضرورة وضع حد للحفر العشوائي للآبار العميقة والتي بلغ عددها 30 ألف بئر لم يحصل أصحابها على تراخيص الحفر.
وأكدت لـ "العين الإخبارية" على ضرورة التوعية بأهمية المحافظة على المياه الجوفية لأنها تعد الثروة الحقيقية الباقية في ظل ضعف تساقطات الأمطار.
- أزمة غذائية حادة على أعتاب أفريقيا.. لماذا يشتد الجوع بين يونيو وأغسطس؟
- «يلين» نجمة مواقع التواصل الصينية.. ماذا فعلت وزيرة الخزانة الأمريكية؟
ودعت إلى التعجيل بوضع مخطط وطني يتم تقييمه دوريا للتعامل مع أزمة المياه، مشيرة إلى ضرورة الاعتماد على المؤشرات العلمية ونتائج الدراسات لتنفيذ استراتيجيات فعالة وضمان إدارة ناجعة للمياه.
وعن أسباب نقص المياه في تونس، قالت روضة قفراج: "إن التغير المناخي وسوء الإدارة والاستغلال المفرط للموارد المائية الجوفية وعدم احترام دورة المياه، هي عوامل زادت من تفاقم الوضع في تونس".
كما دعت إلى ضرورة ترشيد استهلاك المياه وعدم هدر هذه الثروة الطبيعية، خاصةً وإن حوالي 30% من المياه تضيع على مستوى شبكة الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه، و65% على مستوى المجامع المائية وهدر الغذاء، الذي يعني بالضرورة هدر المياه المستخدمة في إنتاج الغذاء.
ودعت التونسيين إلى اتباع سلوكيات تشمل عدم تبذير المواد والتصرّف الجيّد في الغذاء وفي النفايات، لأن أي هدر للغذاء هو بالضرورة هدر للماء، الذي تم استغلاله لإنتاج هذا الغذاء.
محاصيل الحبوب
ويعمل المزارعون التونسيون على التغلب على موسم الجفاف عن طريق ري المساحات الكبرى من الحبوب نظراً لنقص الأمطار، لكن في بعض المحافظات التونسية تضرر المزارعون من ارتفاع درجات الحرارة غير المسبوقة.
حيث أكد منير العبيدي، رئيس الاتحاد المحلي للزراعة بمحافظة الكاف (شمال غربي البلاد) تضرر جانب كبير من محاصيل الحبوب بمحافظة الكاف بسبب ارتفاع درجات الحرارة، خلال الأسبوعين الأخيرين.
وأوضح العبيدي لـ "العين الإخبارية" أن حوالي 100 ألف هكتار من مزارع الحبوب تضرّرت بصفة كليّة، من مجموع 174 ألف هكتار مبذورة، واصفاً ذلك بالكارثة على مستوى الزراعات الكبرى.
وأكد أن هذه الوضعية تسببت في فقدان المزارعين لكل أمل في تحقيق محاصيل زراعية خلال هذا الموسم، في انتظار سقوط الأمطار خلال شهر أبريل/نيسان الجاري لإنقاذ ما تبقى من المحاصيل.
وأشار إلى أنّ محافظة الكاف تضررت للموسم الرابع على التوالي من الجفاف، ما تسبب في تقلص المساحات الزراعية بعد لجوء المزارعين لبيع حقولهم أو استعمالها في أغراض أخرى.
وتبلغ المساحات المزروعة بالحبوب وفق معطيات رسمية، حوالي مليون و240 ألف هكتار، توزعت على 580 ألف هكتار قمح صلب، و100 ألف هكتار قمح لين، و552 ألف هكتار شعير، و15 ألف هكتار من القمح الشيلمي.
أجواء صعبة
من جهة أخرى، وصف كاتب الدولة لدى وزير الزراعة المكلف بالمياه، رضا قبوج، وضعية المياه في تونس بغير المريحة.
وعبر عن أمله في تجاوز فترة ذروة الطلب على المياه بفضل آلية قطع المياه والتوعية بأهمية ترشيد الاستهلاك.
وأكد قبوج، أنّ هذه وضعية تأتي رغم سقوط الأمطار التي شهدتها البلاد خلال الأشهر الأخيرة، وكان لها تأثير إيجابي على المراعي والزراعات وموسم الحبوب، علما وأنّ وزارة الفلاحة ستُعطي الأولوية لتوفير إمدادات مياه الشرب، غير أنّها لن تتخلي عن ريّ الحبوب.
وأكد المسؤول، أنّ الإيرادات الإجمالية للسدود، في تونس أفضل من نفس الفترة من سنة 2023، بنحو 300 مليون متر مكعب وتقارب ضعف الكمية المتوفرة خلال نفس الفترة من العام الماضي.
وشدّد المسؤول على أنّ وزارة الفلاحة ستُعطي الأولوية لتوفير الإمدادات الكافية من مياه الشرب خلال صيف 2024، مُذكرا بأنّ الأوضاع خلال الصيف الماضي كانت صعبة للغاية.
وتابع قبوج: "نسعى إلى أن تكون إمدادات المياه خلال هذا الصيف أفضل من العام الماضي، لكنّ الأمر يبقى دائما رهن ثقافة الاقتصاد في الماء وتغيير السلوكيات".
وفرضت تونس منذ العام الماضي نظام الحصص في مياه الشرب وحظر استخدامها في الزراعة. وبدأت في قطع المياه ليلا منذ الصيف الماضي.
وأثر جفاف المناخ في السنوات الأخيرة في تغذية المياه الجوفية ومستوى تعبئة السدود، وهو ما يهدد الأمن المائي للتونسيين.
aXA6IDE4LjE5MC4xNzYuMTc2IA== جزيرة ام اند امز