ليس واضحا ما إذا كان هذا الخلاف سيتحول إلى عداء تقليدي رسمي على المدى القريب أو البعيد، أم سيبقى خلافا آنيا قابلا للزوال.
لا أحد ينكر أن ثمة أزمة ثنائية تدور بين الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا وبين أردوغان وترامب، نتيجة الخلافات حول الملف السوري وملف حقوق الإنسان والسياسة الخارجية للبلدين، ومحاولة الانقلاب في تركيا عام 2016 كلها أدت إلى تفاقم الخلاف الأمريكي التركي، لكن ازدادت توترا بعد قضية القِس الأمريكي أندرو برانسون الذي كان يشرف على كنيسة في مدينة أزمير المطلة على بحر إيجه، والموجود في تركيا منذ سنوات، والذي تم اتهامه بالإرهاب وبأنه على علاقات مع جماعة (بي كي كي) الكردية وجماعة (فتح الله كولن) وتم سجنه إلى أن تم نقله إلى منزله ووضعه تحت الإقامة الجبرية بعد تهديدات أمريكية.
تدهور العلاقات وصل إلى تعليق منح التأشيرات بين البلدين في العام الماضي، وتدهورت أكثر إلى أن أوشكت على الانهيار في هذا العام، وقد تصل إلى نقل قاعدة (انجيرليك ) العسكرية إلى أربيل كما أشارت بعض التقارير، وإن حدث هذا فعلا فهو يعد تطورا غير مسبوق بالمنطقة يؤكد تفاقم الأزمة وتوتر العلاقات.
هناك من ذهب بعيدا بأن أردوغان يتصنع افتعال المشاكل مع الولايات المتحدة لتشتيت الجهود الأمريكية والرأي العام ضد حليفته إيران لتحصل على مزيد من الوقت لترتيب أوراقها، لا سيما أنه يمتنع عن الالتزام بتطبيق العقوبات على طهران والتوقف عن استيراد النفط منها.
ليس واضحا ما إذا كان هذا الخلاف سيتحول إلى عداء تقليدي رسمي على المدى القريب أو البعيد، أم سيبقى خلافا آنيا قابلا للزوال بزوال المسببات رغم التراشق الإعلامي المتزايد، لكن من المؤكد أن هذه الأزمة هي الأخطر بين الحليفين الأطلسيين منذ عقود، بعدما صعّد ترامب من نبرتها في الأيام الأخيرة، مطالبا بإطلاق سراح القس في حين أعربت تركيا عن غضبها بعد العقوبات المفروضة على وزيرين في حكومتها على خلفية اعتقال القس.
هناك من يرى أن كل ما يحدث في تركيا ولأردوغان من مشاكل في الوقت الحالي هي عقوبة ربانية وأنها جزء من نهاية كل ظالم، وأنه يدفع الثمن بعدما تاجر بأرواح ودماء السوريين وشرد الكرد من ديارهم وأراضيهم وأصبحت عائلاتهم تبيت في العراء بلا مأوى.
وهناك من ذهب بعيدا بأن أردوغان يتصنع افتعال المشاكل مع الولايات المتحدة لتشتيت الجهود الأمريكية والرأي العام ضد حليفته إيران، لتحصل على مزيد من الوقت لترتيب أوراقها، لا سيما أنه يمتنع عن الالتزام بتطبيق العقوبات على طهران والتوقف عن استيراد النفط منها.
بينما هناك من يرى أن أردوغان كان لاعبا رئيسيا لمخطط ما يسمى الشرق الأوسط الجديد وقد انتهى دوره وكذلك دور إيران في المنطقة مبدئيا، ويجب إيقاف جموحهم وطموحهم، وأن هناك ارتباطا وثيقا بين الأزمة الاقتصادية وانهيار العملة فى تركيا وبين توتر العلاقات الدبلوماسية التركية الأمريكية.
هناك من يرى أن أردوغان هو فعلا يمثل اللاعب الأكبر في مخطط الشرق الأوسط الجديد وبالتالي مهما حدثت من خلافات أو أزمات بينه وبين أمريكا فلن يحدث له أو يصيبه شيء، في ظل وجود الكيان الإسرائيلي الذي يقدم لهم أردوغان فروض الطاعة والولاء ويخدم مصالحهم، مما يعني أنهم قد ينزعون فتيل حدوث أي أزمة محتملة بين البلدين في قادم الأيام.
صحيح أن توتر العلاقات التركية الأمريكية نابع من ملفات شائكة متعددة، أو قد يكون نابعا من أن واشنطن يمكن أن يكون لها دور في التأثير والضغط على أنقرة وحشرها في زاوية المشاكل للتقليل من تأثيرها الإقليمي المتنامي منذ سنوات، وبالتالي هو نتيجة ما نشاهده الآن من تدهور لهاتين الدولتين (تركيا وإيران) والأيام المقبلة قد تٌنْبِِِئ بما هو أكثر، ليبقى السؤال هل ما يحدث بين أردوغان وترامب أزمة عابرة أم مواجهة محتملة عابرة للحدود؟
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة