لجوء تركيا إلى التهديد يجب قراءته من خلال الواقع الفعلي للدولة التركية، والذي يكشف عجز تركيا عن تبرير تدخلاتها في المنطقة أمام العالم.
بما أن الخطر مرتبط بالسلبية ومحاولة القفز على معايير المخاطر ومعالجتها، فإن التهديد السياسي مرتبط بالفشل حيث يصنف التهديد السياسي كونه محاولة علاج فاشلة لتحقيق الأهداف أو رغبة في التغطية المباشرة على الأخطار المحتمل حدوثها، وكما هو واضح فإن تركيا وعبر وزير دفاعها لجأت إلى دبلوماسية التهديد متجاوزة بذلك المعايير الدولية التي تحكم الدول وعلاقاتها الدبلوماسية، وكما يبدو بوضوح فتركيا بتدخلاتها الإقليمية أصبحت غير قادرة على الموازنة بين الضغوط الخارجية والداخلية التي تعاني منها كنتيجة مباشرة لفشل سياساتها.
لجوء تركيا إلى التهديد يجب قراءته من خلال الواقع الفعلي للدولة التركية، والذي يكشف عجز تركيا عن تبرير تدخلاتها في المنطقة أمام العالم، وكذلك تماديها في جعل مصالحها القومية تقوم على التدخل في دول بعيدة عنها كما يحدث في ليبيا، وهذا يطرح سؤالا سياسيا مهما حول شرعية التدخل التركي في ليبيا العربية، وهي دولة لا تربطها بتركيا أي مشتركات جغرافية أو حتى تاريخية، سوى الاحتلال العثماني الذي سلب كل مقدراتها.
المصاعب التي تواجهها تركيا اليوم تقف خلف انحرافها الدبلوماسي ولجوء قياداتها السياسية إلى الأساليب التي تنبئ عن كم كبير من المشكلات السياسية، حيث تعتقد تركيا وبحسب تصريح وزير دفاعها أن المصاعب التي تواجهها في محيطها الإقليمي يمكن تجاوزها عبر استخدام منهجية تقوم على التهديد للآخرين، دون معرفة دقيقة بأن تركيا لن تكون قادرة على تنفيذ تهديداتها بأي شكل، لسبب مهم يقوم على أنها في هذه المرحلة تستخدم أساليب التهديد مع كل من اختلفت معه في محاولة يائسة لتغطية نهجها السياسي، الذي يبدو بوضوح أنه يتورط بشكل عميق في الشأن الإقليمي العربي مما يجعله في مواجهة الفشل.
من الواضح أن تركيا أصبحت تمارس هدراً سياسيا على المستويين الداخلي والخارجي، وهنا يمكن القول إن الهدر السياسي الذي تمارسه تركيا هو محاولة لدرء المخاطر الداخلية والخارجية التي تواجهها، حيث تتورط تركيا عسكريا في كل من سوريا والعراق واليمن وليبيا، وباعتقاد من قيادتها السياسية أنه يمكن عبر هذه التدخلات إعادة إحياء التاريخ وفرضه من جديد على شكل إمبرطورية تأتي تصوراتها وفق أساليب خيالية، فنحن في القرن الحادي والعشرين حيث الدول المستقلة والمنضوية تحت منظومة دولية تحكم علاقات الدول ببعضها.
كل ما يمكن قراءته في النهج التركي القائم على التهديد يمكن تفنيده بكل بساطة، فهذه الدولة المنبوذة إقليما لا يمكنها ومها كان...أن تفرض نفسها وعبر أي أسلوب في إقليم يرغب في إنهاء علاقته بها، ولذلك فإن لجوء القيادة السياسية لهذا النهج في تركيا إنما هو بداية فعلية لموجهة الواقع الحقيقي، والوعي الدفين في الذاكرة العربية والإسلامية حول هذه الدولة وتاريخها المليء بالتوسع والتسلط وسلب الحقوق التاريخية، ولذلك فإن الدرس المهم فهمه من الجانب التركي هو أن الهشاشة المؤقتة في دول مثل سوريا والعراق ولبيبا وتمكن تركيا من التدخل فيها، ليس إشارة إيجابية لتغيير التاريخ بقدر ما هو مستنقع معقد سوف تغرق فيه تركيا مستقبلا بلا أدنى شك.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة