هل تنهي تركيا سياسة المسارات المضادة في التعامل مع مصر؟
بعد تصريحات لمستشار أردوغان تحدث فيها عن دور سعودي للمصالحة بين القاهرة وأنقرة
بوابة "العين" الإخبارية تجيب على تساؤل أثارته تصريحات جديدة لأحد مستشاري الرئيس التركي حول العلاقات مع القاهرة
قال خبيران مصريان متخصصان في الشأن التركي لبوابة "العين" الإخبارية، إن السياسة التركية تجاه مصر كانت ولازالت تسير في مسارين متضادين، أحدهما يطمح في التحسن التدريجي مع القاهرة، فيما يتبنى الفريق الآخر سياسة التعبئة ضد النظام المصري، مشيرين إلى أن المسار الثاني هو المهيمن على علاقات البلدين، رغم خروج تصريحات بين آن وآخر تمثل المسار الأول.
وقبل يومين، قال المستشار عمر فاروق، مستشار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في لقاء مع المذيع "محمد ناصر" على قناة "الشرق"، إحدى القنوات الداعمة لجماعة الإخوان المسلمين الإرهابية والتي تبث من تركيا، إن هناك دوراً سعودياً لإصلاح العلاقات التركية المصرية في الفترة المقبلة، مجيباً على المذيع الذي سأله "من الذي سيدفع الفاتورة"، بأن هذا لمصحة الشعب المصري.
وجاءت هذه التصريحات لتثير تساؤلات حول ما إذا كان هذه التصريحات تشكل تطوراً نوعياً في العلاقات بين القاهرة وأنقرة، لاسيما بعد جملة من المشاهد التي عكست رغبة البلدين في تحسن العلاقات خلال الأشهر القليلة الماضية.
كرم سعد، الباحث بالشؤون التركية بالمركز الإقليمي للدراسات الإستراتيجية، قال لـ"بوابة العين" الإخبارية، إن "حديث مستشار أردوغان ينعكس على السياسية التركية تجاه مصر، والتي تنقسم إلى فريقين، الفريق الأول ممثل في الحكومة والهيئة الاستشارية للرئيس التركي حيث يطمح إن لم يكن لتطبيع كامل، فعلى الأقل تحسن تدريجي أو تجميد العلاقة على ما هي عليه، فيما يمثل الفريق الثاني أردوغان الذي يراهن على نقضه للنظام السابق من خلال الحشد التركي.
وفسّر الخبير المصري المسار الثاني بقوله، إن "أردوغان يريد ذلك بهدف تمرير الدستور من خلال تحقيق انتصارات شعبية أكثر منها فعلية، كما يريد قطع دابر جماعة فتح الله كولن التي يتهمها بتنظيم الانقلاب خاصة بعدما أثيرت أنباء عن عدم ممانعة الجانب المصري استضافته ولو بشكل غير رسمي".
ووصف سعد العلاقات التركية المصرية بأنها "مرتبكة" فتارة، تتحدث القيادة التركية بصورة سلبية عن النظام المصرية وتارة أخرى تتحدث عن مصر وأهميتها واهمية العلاقة مع الشعب المصرية، وهو ما يمكن أن نطلق عليه مصطلح "الرؤية الغامضة"، لكن في النهاية السيطرة والهيمنة لأردوغان في مواجهة تيار واسع داخل حزب العدالة والتنمية والحكومة التي ترغب في وأد الصراع.
متفقاً مع سعد فيما ذهب إليه، قال الخبير المصري محمد عبد القادر، الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية لـ"بوابة العين"، إن "تصريحات مستشار الرئيس التركي يعبر عن قناعة لدى قطاع من النخبة التركية المرتبطة بدائرة صنع القرار، بأن قدرة الإخوان على تحريك المشهد السياسي في مصر معدومة"، موضحاً أن هذا الرأي ليس بجديد لكن خروجه للعلن دون مواربة سياسية أو صيغة دبلوماسية جعله يثير التساؤلات حول مستقبل العلاقات.
وفي الوقت نفسه، اعتبر الخبير المصري أن التصريحات المباشرة والواضحة من مستشار أردوغان أيضاً لا يمكن أن نعتبرها تغييراً في المشهد التركي وموقفه من القيادة في مصر.
ومعلقاً على إمكانية قيام الرياض بدور وساطة بين القاهرة وأنقرة قال عبد القادر، إن "هناك محاولات سعودية منذ فترة طويلة لتحسين العلاقات السعودية والتركية، ومن ثم فإن هذه المحاولات قد تؤتي ثمارها من عدمه بناء على ما تشهده العلاقات بين القاهرة وأنقرة ورغبة البلدين خلال الفترة المقبلة".
من جانبها لم تعلق الخارجية التركية أو نظيرتها المصرية حول التصريحات الأخيرة لمستشار أردوغان، غير أن مصدر تركي، مطلع على دوائر صنع القرار في تركيا، تحدث لبوابة "العين" دون الإفصاح عن هويته، قال "رأي المستشار عمر فاروق يتماشى مع السياسة الجديدة التي اتخذها رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم تجاه مصر؛ لأن رئيس الوزراء يريد التطور في العلاقات مع مصر".
وفي أغسطس/آب الماضي، حملت تصريحات المسئولين الأتراك والمصريين تلميحات متبادلة حول ضرورة استئناف العلاقات بين البدلين، على المستويين الاقتصادي والشعبي.
وقال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، إن بلاده نتمنى تطوير علاقاتها مع مصر، كما أنه يرغب في "شارة بدء" لتطوير العلاقات الاقتصادية المشتركة، فيما رد سامح شكري وزير الخارجية المصري، بالتأكيد على أن تحسين العلاقات الثنائية يفترض عدم التدخل في الشئون الداخلية، وأن القاهرة ترحب بأي جهد للتقارب وفق القانون الدولي.
وعلى المستوى العملي، استؤنفت الرحلات التركية بين إسطنبول وشرم الشيخ المصرية، وجرى لقاء على مستوى وزيري الخارجية على هامش قمة عدم الانحياز بفنزويلا عكس رغبة في تجاوز الخلافات.
وربما دفعت هذه المشاهد الإعلامي السعودي فهد الأحمري لتبني رأيًا مخالفًا للخبيرين المصريين بقوله لبوابة "العين" الإخبارية، إن "تصريح المستشار التركي مهم جداً، ويعكس التوجهات الجديدة في السياسة التركية لكون الرجل مسؤول عن حديثه من واقع مركزه العملي وليس من واقع رأيه الشخصي".
وأشار إلى أن اللقاء كان بمثابة الصفعة التي تلقتها جماعة الإخوان الإرهابية، مشيراً إلى صدمة المذيع الإخواني من تصريحات مستشار أردوغان.
ورأى الإعلامي السعودي أن السياسة تقوم على المصالح وليس على القيم والمبادئ فحسب كما يظنها البعض، فاتحاً الباب أمام احتمالية أن تكون تركيا رأت أن مصلحتها الحالية هي ترميم علاقتها مع الشرعية المصرية ومع الدول الفاعلة دولياً وإقليمياً كالسعودية والإمارات وغيرهما.