اقتصاد تركيا يدفع ثمن سياسات أردوغان .. إفلاس الشركات مستمر
حتى الرابع عشر من ديسمبر الماضي أعلنت وزيرة التجارة التركية، روهصار بكجان، أن 846 شركة في تركيا تم قبول طلب تسوية إفلاسها.
نكبة مزدوجة حاقت بالاقتصاد التركي ولم تتوقف أزمات القطاع المالي في تركيا عند مديونيات البنوك التي تجاوزت نحو 6 مليارات دولار، بحسب بيانات هيئة التنسيق والرقابة المصرفية التركية، ما أدى إلى تسارع الشركات العاملة في تركيا تمادت في إغلاق فروعها بأنقرة تحت وقع الإفلاس.
شركة "كوليزيوني" التي تعد واحدة من أشهر العلامات التجارية للملابس بتركيا، تقدمت رسميا الأسبوع الماضي بطلب لتسوية إفلاسها.
وبحسب ما ذكره الموقع الإلكتروني لصحيفة "سوزجو"، تقدمت الشركة بطلب تسوية إفلاسها للمحكمة التجارية الابتدائية الأولى بمنطقة "باكيركُوي" في إسطنبول؛ من أجل إعادة جدولة ديونها.
15400 شركة أعلنت إفلاسها
وسبقت شركة الملابس الشهيرة، شركة (فريدة) التركية التي تعمل في مجال مياه الينابيع المعدنية، حيث أعلنت إفلاسها بشكل رسمي، بعد فشلها في التوصل لحلول للضائقة المالية التي تعرضت لها خلال شهور الصيف.
وحتى الرابع عشر من ديسمبر الماضي أعلنت وزيرة التجارة التركية، روهصار بكجان، أن 846 شركة في تركيا تم قبول طلب تسوية إفلاسها، وبلغ حجم ديون الشركات المؤجل سدادها للبنوك بفعل طلبات تسوية الإفلاس الذي لجأت إليه العديد من الشركات خلال الأشهر الأخيرة نحو 15 مليار ليرة ما يعادل 3 مليار دولار.
وبلغ عدد الشركات التي أعلنت إفلاسها في تركيا خلال عام 2018 نحو 15 ألفا و400 شركة، ومن المتوقع أن يصل العدد خلال عام 2019 ليصل إلى 16 ألفا و200 شركة.
- "سيكست" العالمية لتأجير السيارات بتركيا تطلب تسوية إفلاس
- أردوغان الأكثر إهانة بين رؤساء تركيا.. 12 ألف متهم في 3 سنوات
وتوصيفا لحالة الاقتصاد التركي وسط هذه الموجة العارمة من الإفلاسات للشركات الكبرى، يرى الخبير الاقتصادي الدكتور شريف الدمرداش أن تركيا من الاقتصاديات الناشئة التي أدخلت نفسها في أزمة مالية قاتمة حين فرضت أسعار اقتراض عالية بفوائد كبيرة ألقت بظلالها في الوقت نفسه على اقتصاديات ناشئة أخرى، حيث شهدت البلاد استثمارات أجنبية كبيرة حتى فترة ما لكنها تهاوت فجأة بفعل سياسات خاطئة، فضلا عن تأثير سعر الفائدة العالي على عجز الموازنة.
وتوقع الدمرداش مزيدا من الانكماش في الاقتصاد التركي خلال عام 2019، فضلا عن تباطؤ الاقتصاد مدفوعا بتباطؤ الاقتصاد العالمي ككل نظرا لاعتماد اقتصاد تركيا بنسبة كبيرة على التصدير، وقد يصاحب ذلك ارتفاعا في معدلات التضخم والبطالة.
وإلى جانب ذلك فقد كشف تقرير دولي عن الإفلاس لشركة "Euler Hermes" لتأمين الديون أن حالات إفلاس الشركات في تركيا سترتفع خلال عام 2019 بنسبة 6%.
يقول الخبير الاقتصادي، إن ما آل إليه الاقتصاد التركي ونزوح كل هذه الاستثمارات من البلاد على خلفية إفلاس الشركات، يعود إلى قرارات خاطئة ضمن سياسات خاطئة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في ظروف سياسية وعالمية غير مواتية.
جنون العظمة
جنون العظمة.. كان هو التوصيف الذي اختاره الدكتور جمال شقرا، الخبير في الشأن التركي ورئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات المستقبلية، للرئيس التركي رجب طيب أردوغان عندما قال ضمن برنامجه الانتخابي عبارة "انتخبوني وسوف أجعل تركيا من أفضل 10 دول اقتصاديا في العالم"، مؤكدا أن الحلم غير الموضوعي تواكب مع سياسات غير منطقية أعلنها أردوغان بهدف إحياء العثمانية الجديدة.
يقول شقرا إن سياسات أردوغان تصادمت مع شخصية غير سوية في قراراتها على المستوى السياسي والاقتصادي وهو الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ما تسبب في أزمة اقتصادية حالكة حاقت بالبلاد، ويراها المراقبون بإجماع بأنها ناجمة عن تصادم سياسي بين أنقرة وواشنطن، آلت إلى نتائج كارثية تقع مسؤوليتها على الرئيس التركي.
استعداء كيانات كبيرة
إلى جانب ذلك عزا شقرا أزمات الاقتصاد التركي إلى المشكلات التي أثارها أردوغان مع روسيا وهي قوة اقتصادية لا يستهان بها، كذلك نسج علاقات مع إيران التي استعدى بها كيانات اقتصادية مهمة لا تتوقف عند الولايات المتحدة فحسب، لكنه خسر الخليج بما يملكه من قوة اقتصادية كبيرة ومؤثرة تتمثل في الإمارات والسعودية والبحرين على سبيل المثال.
واستمرارا في سياساته المتغطرسة التي أضعفت الاقتصاد وجرت البلاد إلى حالة من الغموض حول مستقبل الاستثمارات في تركيا، يقول شقرا إن أردوغان دعم الجماعات المتطرفي والإرهابية وتبنى سياسة الفوضى الخلاقة لتغيير خارطة الشرق الأوسط بحب أهوائه.
تدخل غير مبرر
"لا يوجد رئيس دولة يتدخل في السياسة النقدية في بلاده، وسياسة البنك المركزي التي يديرها اقتصاديون متخصصون" وهو بالتحديد ما لم يفعله أردوغان الذي سطا على سلطة القرار ورفض رفع معدل الفائدة في مواجهة التضخم الذي زاد بشكل لافت، ولم يتمكن من مواجهة تدهور الليرة التركية التي وصلت إلى قمة انهيارها في عهده.
يقول محلل الشؤون التركية إن ارتفاع معدلات الديون وتدهور الليرة ضغط على قطاع الشركات ما أدى إلى انكماش الاقتصاد التركي، فضلا عن تهديدات بانهياره دون وجود حلول جذرية لدى أردوغان.
يضيف "تسبب أردوغان بسياساته الداخلية التي دفعت الشركات للإفلاس في مشكلات اجتماعية في الداخل أصابت طبقات وفئات وشرائح أثرت على الوضع الاقتصادي، مؤكدا أن أحلام اليقظة وطموحات أردوغان لا تتناسب مع الواقع باي منطق دفعت اقتصاده للانهيار والشركات العاملة لديه من النزوح إلى خارج البلاد.
aXA6IDE4LjIyNC41My4yNDYg
جزيرة ام اند امز