الأزمة التركية بعثت موجة من الصدمة العالمية، ما أدى إلى إقفال أسواق الأسهم الأوروبية الرئيسية، التي أغلقت جميعها في المنطقة الحمراء.
انهيار العملة التركية وسط توترات دبلوماسية قوية بين أنقرة وواشنطن التي حدثت فجأة يوم الجمعة الماضي، يثير الكثير من المخاوف في الأسواق المالية، حيث فقدت الليرة التركية نصف قيمتها مقابل الدولار الأمريكي منذ بداية العام. وفي يوم الجمعة 10 أغسطس تم تداول العملة التركية عند 6.43 جنيه للدولار عند إغلاق «وول ستريت»، بانخفاض 13.7٪ بعد خسارتها إلى 24٪ خلال اليوم. وحتى الاقتراض بالدولار يعد باهظاً بالنسبة لتركيا بمعدل يقارب 7%، فوارداتها أكثر من صادراتها، ما يعني أنها تنفق أكثر مما تكسب، ما سبب لها عجزا كبيرا، إذ بلغ 5.5% من الدخل القومي أو من إجمالي الناتج المحلي العام الماضي.
بالإضافة إلى استدانة الكثير من الشركات التركية بالصرف الأجنبي، وتُعد هذه القروض أكثر تكلفة عند إعادتها في حال انخفضت قيمة العملة المحلية، وهو ما حدث بالفعل، هناك ارتفاع مستوى الديون بعضها مستحق الدفع في القريب العاجل بالإضافة إلى الديون الجديدة، وهذا يعني (إعادة تمويل الدين). وتقدر وكالة تقييم الاستثمار «فيتش» أن الحاجة المالية الكلية لتركيا هذا العام، ستبلغ ما يقارب 230 مليار دولار.
كان انخفاض قيمة العملة الوطنية غائبا بشكل مذهل عن الصحف، ما دفع الاقتصاديين المهمين إلى التحول إلى الشبكات الاجتماعية للتعليق، في وقت كان الإعلام الموجه من طرف الحكومة غارقا في عرض الأفلام والمسلسلات التي لا تنتهي حلقاتها
لقد بعثت الأزمة التركية موجة من الصدمة العالمية، ما أدى إلى إقفال أسواق الأسهم الأوروبية الرئيسية، التي أغلقت جميعها في المنطقة الحمراء، ولا سيما أثرت على القطاع المصرفي. وقال دنيز أونال، الخبير الاقتصادي التركي، على موقع فرانس 24: «تركيا بلد متكامل في النظام النقدي الدولي، الذي تتركز قروضه التركية الخاصة في أوروبا، خاصة في فرنسا وإسبانيا وإيطاليا، وسقوطها يحدث صعوبات على كامل النظام النقدي الأوروبي».
وتشعر الأسواق بالقلق بشكل خاص من موقف البنك المركزي التركي الذي يتردد في رفع أسعار الفائدة لدعم الليرة وتنظيم التضخم.
كما كان انخفاض قيمة العملة الوطنية غائباً بشكل مذهل عن الصحف، ما دفع الاقتصاديين المهمين إلى التحول إلى الشبكات الاجتماعية للتعليق في وقت كان الإعلام الموجه من طرف الحكومة غارقاً في عرض الأفلام والمسلسلات التي لا تنتهي حلقاتها. في مواجهة هذه الأزمة، دعا أردوغان، الذي يواجه أحد أصعب تحدياته الاقتصادية منذ توليه منصبه في عام 2003، مواطنيه إلى «النضال الوطني»، من خلال تبادل عملتهم الأجنبية بالليرة التركية من أجل دعم هذه الأخيرة. وقال الرئيس التركي في خطاب ألقاه في بايبورت شمال شرق البلاد: «إذا كان لديك دولارات أو يورو أو ذهب تحت وسادة خاصة بك، اذهب إلى البنوك لاستبدالها بالليرة التركية. إنه صراع وطني».. فهل سيلجأ أردوغان إلى الاقتراض من الصندوق الدولي وبالتالي اعتماد سياسة التقشف، في وقت لم تعد الدولة قادرة على الوفاء بديونها، أو قروضها، أو حتى توفير أسباب المعيشة للفرد التركي على أرضه؟
في عام 2015، دعت الحكومة اليونانية بقيادة رئيس الوزراء أليكسيس تسيبراس الشعب للاستفتاء على قبول أو رفض حزمة مساعدات مالية جديدة كخطة إنقاذ مُقدمة من الاتحاد الأوروبي.
خرج الشعب في استفتاء، وكانت النتيجة هي رفض تلك الخطة، بنسبة تصويت بـ(لا) وصلت لـ61.24% من الأصوات. معنى رفض المساعدات، أي أن الدولة ستقي نفسها من الوقوع في ديون أخرى.
فهل تتجه تركيا إلى تنظيم استفتاء شعبي على قبول هذه الحزمة أم رفضها، خاصة أن العملة التركية مرآة للأداء الاقتصادي؟
نقلا عن "الاتحاد"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة