مبادرة الرئيس المصري التي حظيت بتأييد عربي ودولي، تضمنت 11 بندا، أهمها وقف إطلاق النار، والحفاظ على وحدة الأراضي الليبية,
خلافا لتأييد معظم الدول العربية والعالم لمبادرة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بشأن تحقيق السلام في ليبيا، أعلنت كل من تركيا وقطر وحكومة السراج وجماعة الإخوان رفضها للمبادرة، وهو ما يطرح سؤالا جوهريا، هل لدى تركيا فعلا مشروع للسلام في ليبيا ؟
في الواقع، الإجابة المختصرة عن السؤال هي لا، ولعل أردوغان كشف عن نزعته العدوانية عندما تجاهل المبادرة المصرية والحراك الدولي، وأعلن بالحرف " سنواصل معاركنا، وسندخل إلى سرت والجفرة، أن مدينة سرت ومحيطها مهمة لوجود النفط والغاز" وهو ما يكشف حقيقة المشروع الاستعماري التركي علما أن أجداده هم من سلموا ليبيا إلى إيطاليا قبل نحو أكثر من مئة عام.
مبادرة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي التي حظيت بتأييد عربي ودولي، تضمنت 11 بندا، أهمها وقف إطلاق النار، والحفاظ على وحدة الأراضي الليبية، والارتكاز إلى مؤتمر برلين، واستكمال المحادثات الليبية – الليبية برعاية الأمم المتحدة، وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، وحل المليشيات والجماعات المسلحة، قابلها أردوغان بالمزيد من التصعيد وإلإرهاب ومواصلة إرسال المرتزقة والأسلحة لمحاربة الجيش الليبي، في انتهاك للأعراف الدولية ودعم للإرهاب، وهو ما يكشف حقيقة المشروع التركي ليس في ليبيا فحسب، وأنما تجاه معظم العالم العربي والقارة الأفريقية.
ولطالما يبدي أردوغان عزمه المضي في التنقيب عن الغاز في المتوسط دون أي مراعاة للاتفاقيات الدولية ولحقوق الأطراف الإقليمية والدولية المعنية، في تعبير عن غروره وأحلامه التوسعية، مستفيدا من عامل الصمت الغربي بعد أن أوحى للغرب بأنه يحارب المساعي الروسية بالتوسع، علما أن أردوغان هو أكثر من يحرص على التنسيق مع روسيا في سوريا وليبيا، ويحاول أن يتوافق مع سياستها لأسباب تكتيكية توافق ومشروعه مرحليا.
يدرك الجميع أن المشروع التركي في ليبيا لن يؤدي سوى إلى المزيد من الاقتتال وهدر الدماء والأرواح والأموال.
بالتأكيد لم تكن تتوقع القاهرة أن تُقابَلَ مبادرتها بالورد، وإنما كانت تدرك في العمق مدى الكره التركي لأي مبادرة عربية تؤدي إلى تحقيق السلام والاستقرار في ليبيا، فالثابت هنا، هو أن المبادرة المصرية كشفت الرفض التركي لأي مساهمة عربية أو دولية في تحقيق الاستقرار في ليبيا لطالما أن مشروعها الوحيد في ليبيا هو الهيمنة والاحتلال، إذ أن الموافقة التركية على المبادرة المصرية تعني العودة إلى نقطة الصفر في الأزمة الليبية، والتخلي عن الإرهاب والإرهابيين، وهو ما لا يتوافق مع مشروع أردوغان وسعيه إلى تحقيق العثمانية الجديدة.
وعليه، فإن الأسئلة الجوهرية هنا كثيرة، وهي من نوع، ما هو مصير المبادرة المصرية؟ وما هو مآل التأييد العربي والدولي لهذه المبادرة؟ وكيف سيتعامل الليبيون بما في ذلك المحسوبون على حكومة الوفاق مع المبادرة؟
يدرك الجميع أن المشروع التركي في ليبيا لن يؤدي سوى إلى المزيد من الاقتتال وهدر الدماء والأرواح والأموال، ويضع ليببا أمام خطر التقسيم، وربما يدرك الجميع أن التأييد الواسع للمبادرة المصرية لن يغير من موقف أردوغان وغروره وانتهازيته وتماديه في العدوان، وهو ما يطرح مسؤولية على الجميع، الليبيون في النظر إلى مصلحة بلدهم أولا وأخير، من خلال تغليب لغة الحوار على الحرب، والمبادرات السلمية على العدوان، والعرب في الوقوف مع الشعب الليبي والمساعي الرامية إلى تحقيق الاستقرار والسلام فيها، والمجتمع الدولي في الانتقال من مسايرة أردوغان والصمت على جرائمة وعدوانه إلى اتخاذ إجراءات رادعة لوقفه عن كل ما سبق، ومن دون ذلك، فان أردوغان سيرفض كل مبادرة ترمي إلى تحقيق السلام سواء في ليبيا أو سوريا أو أي مكان يرى أردوغان أنه قادر على تحقيق أطماعه فيه.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة