صحيفة: أردوغان يستبدل الدبلوماسية بالجنود والجواسيس
انتقادات تطال الرئيس التركي لاعتماده على الجنود والجواسيس بدل الدبلوماسية، بهدف إحكام قبضته على الحكم.
صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية اعتبرت أن الرئيس التركي رجب أردوغان لطالما كان "براجماتيا" مستعدًا لاتخاذ قرارات صعبة للاحتفاظ بقبضته على السلطة.
وذكرت الصحيفة أن بعض محللين يرجحون أن أردوغان لن يكون مستعدًا لتقديم التنازلات المطلوبة لتحسين العلاقات مع حلفائه في حلف شمال الأطلسي "الناتو"، وخصوصا الولايات المتحدة الأمريكية.
وأضافت الصحيفة، في تقرير منشور عبر موقعها الإلكتروني، أن قرار أردوغان إلقاء ثقله خلف أذربيجان، رغم دعوة الدول الغربية لوقف إطلاق النار بعد اندلاع القتال مع أرمينيا الخريف الماضي، كان بمثابة أحدث حلقات استعراض القوى في نهج سياسته الخارجية.
وعلى مدار الأعوام الخمسة الماضية، بدأ أردوغان عمليات توغل عسكري في سوريا وشمالي العراق، وأرسل قوات إلى ليبيا، وشارك في مواجهات بحرية مع اليونان، في تدخلات أثارت غضب حلفاء حلف الأطلسي، وأعادت إشعال الخصومات القديمة وخلقت له أعداء جددا.
وخلال الأسابيع الأخيرة، تقبل أردوغان فكرة هزيمة صديقه دونالد ترامب في الانتخابات الأمريكية، في موقف فرضته الحاجة إلى جذب رأس المال الأجنبي مرة أخرى لمعالجة الأزمات الاقتصادية المتصاعدة، حتى أنه قال إنه يود "بدء صفحة جديدة" مع الغرب.
لكن لايزال من غير الواضح ما إن كان الرئيس التركي مستعدا أو قادر ا على التوصل لحل وسط بشأن المشاكل التي عصفت بالعلاقات التركية مع الدول الأوروبية والولايات المتحدة والشرق الأوسط.
سعي للسلطة
ووفق الصحيفة نفسها، لطالما سعى أردوغان (وصل حزبه إلى السلطة عام 2002) لتصوير نفسه على أنه صاحب رؤية "ستجعل تركيا عظيمة مجددًا"، داخليًا وخارجيًا.
وفي بعض الأحيان كان يصور نفسه بـ"زعيم العالم الإسلامي" بالاعتماد على قاعدته الدينية المحافظة.
وحذر دبلوماسيون ومحللون من أن الاستراتيجية تحمل مخاطر كبيرة، سواء على الاقتصاد أو العلاقات مع القوى العالمية أو الإقليمية. ففي حين كانت تركيا تتبع مبدأ السياسة الخارجية القائمة على "صفر مشاكل مع الجيران" منذ عشرة أعوام، يمزح المحللون الأتراك الآن بالقول إن الشعار الجديد هو "صفر جيران بدون مشاكل".
ويصف منتقدو سياسة أردوغان الخارجية بـ"العثمانية الجديدة"، في إشارة إلى الامبراطورية التي امتدت لجنوب أوروبا وغرب آسيا وشمال أفريقيا وسبقت الجمهورية الحديثة.
لكن كان هناك ثمن لهذا النهج، حيث نقلت الصحيفة عن سينام أدار، الباحثة بالمعهد الألماني للشؤون الدولة والأمنية في برلين، قولها: "لا أعتقد أن تركيا كانت منعزلة لهذه الدرجة في تاريخها. هناك جبهة آخذة في الاتساع من الدول التي تواجه أنقرة".
ورأت "فايننشال تايمز" أن محاولة الانقلاب التي وقعت عام 2016 وحملة التطهير التي أعقبتها، سمحت لأردوغان بالسيطرة بشكل أكبر على القوات المسلحة، كما شكل تحالفا انتخابيا مع الحركة القومية، ذي النزعة القومية المتطرفة، متبنيًا نظرته اليمينية المتشددة فيما يتعلق بالأمن القومي، خاصة تجاه الانفصاليين الأكراد.
من جانبها، قالت إيفران بالطا، أستاذة العلاقات الدولية بجامعة أوزيجين في إسطنبول، إن لديها فكرة متماثلة، وهي أنه يجب على تركيا النهوض وزيادة قوتها.
واعتبرت أن حزب العدالة والتنمية الحاكم وحليفه الحركة القومية يتشاركان فكرة أساسية مفادها أن تركيا تتعرض للهجوم من الداخل والخارج.
وأضعف الانتقال إلى النظام الرئاسي عام 2018 من دور وزارة الخارجية التركية في توجيهها الطبيعي نحو الغرب، وانتقد كثيرون ما أسماه سفير سابق بالاعتماد على "الجنود والجواسيس" بدلًا من الدبلوماسية. ففي الرحلات الخارجية، نادرًا ما يشاهد أردوغان بدون رئيس جهاز الاستخبارات هاكان فيدان ووزير الدفاع خلوصي آكار بجانبه.