قبرص والغاز والتاريخ.. قرنان من العداء بين تركيا واليونان
فصول التوتر بين تركيا واليونان لم تهدأ منذ قرنين من الزمن، لتتفاقم بالسنوات الماضية، مستفيدة من مشاعر القومية والأيديولوجية لأردوغان.
فصول التوتر بين تركيا واليونان لم تهدأ منذ قرنين من الزمن، لتتفاقم بالسنوات الماضية، مستفيدة من مشاعر القومية والأيديولوجية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
توتر رفعت بلطجة أنقرة في شرق البحر الأبيض المتوسط منسوبه، عبر إرسال سفنها للبحث والتنقيب عن الغاز في المناطق المتنازع عليها بالمنطقة، وفي جوار قبرص المعترف بها دوليا، في اعتداء جديد أثار غضب أثينا واستنكارا دوليا واسعا رصدته "العين الإخبارية" في إطار متابعاتها.
اتفاقية ليبيا وغاز قبرص وآيا صوفيا
حين أعلنت أنقرة تحويل متحف آيا صوفيا إلى جامع، علقت اليونان قائلة: "نراقب بدهشة بالغة الحماقات التركية القومية"، لكن أكثر استفزازات أردوغان التي فتحت صفحة جديدة من العداء بين البلدين كان توقيعه اتفاقية ترسيم الحدود مع ليبيا في البحر المتوسط.
واستنكرت أثينا تحديد الاتفاقية لجزء يتقاطع مع المناطق الاقتصادية لجزيرتي رودوس وكريت التابعتين لها بالبحر المتوسط، واصفة الخطوة التركية بـ"الاستفزازات والعدوان الصارم على مصالحها القومية".
اعتداء تركي أعاد إلى الواجهة الخلاف حول بنود عديدة من اتفاقية البحار الدولية للعام 1982، والتي تعترف للدول بمنطقة اقتصادية بمائتي ميل، لكنها لم تحدد حقوق الجزر التابعة لعدد من البلدان على غرار اليونان التي تمتلك نحو 3 آلاف جزيرة بالبحر المتوسط وبحر إيجة.
على أرض الواقع، تسيطر اليونان على 70% من مياه بحر إيجة، ولتركيا نحو 10% تمثل مياهها الإقليمية، والبقية مياه دولية.
غير أن أنقرة ترفض حسابات أثينا الخاصة بالمياه الإقليمية والجرف القاري والمجالات الجوية للعديد من الجزر التي أصبحت يونانية إبان الحرب العالمية الأولى وهزيمة الدولة العثمانية.
واستمرت الخلافات معلقة بين الجانبين إلى أن احتدم الجدل حول النفط والغاز بالمناطق الاقتصادية لقبرص، العضو في الاتحاد الأوروبي.
ومؤخرا، أرسلت أنقرة سفنها للبحث والتنقيب عن الغاز بالمناطق المتنازع عليها في جوار قبرص التي وقعت اتفاقيات - لمنافسة روسيا- مع إسرائيل ومصر ولبنان واليونان، لاستخراج ونقل الغاز إلى جزيرة كريت ومنها إلى اليونان وإيطاليا، وصولا إلى أوروبا.
وتسببت المواقف التركية في سلسلة من التوترات في منطقة شرق المتوسط الممتدة حتى السواحل الليبية، والتي باتت على وشك الانضمام إلى قائمة طويلة من البلدان والمناطق التي حولتها الأطماع التركية إلى مستعمرات جديدة لها.
تاريخ من الحروب
منذ استقلال اليونان عن الإمبراطورية العثمانية عام 1832، خاض البلدان أربع حروب، هي حرب الـ 1897، وحرب البلقان الأولى في 1912، والحرب العالمية الأولى (1914-1918)، والحرب اليونانية التركية (1919-1922).
وبعد الحرب العالمية الثانية، تحسنت العلاقات نوعا ما بين البلدين، وانضما إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو) في 1952، قبل أن يتفجر التوتر من جديد على خلفية سلسلة من الأحداث، أبرزها الخلاف حول قبرص والغزو التركي لشمالي الجزيرة في 1974، والتوتر بسبب بحر إيجة.
ورغم محاولات التطبيع النسبي في العلاقات نهاية القرن الماضي، فإن القضايا الخلافية بين الجانبين بدت أكبر من أن يحتويها أي تقارب ممكن، خصوصا الاحتلال التركي لشمالي قبرص، والذي بقي عقبة في طريق تحسين العلاقات حتى اليوم.