خطب أردوغان وشعاراته الخاوية ضد إسرائيل مكرّسة أيضاً ضمن محاولات تركية مستمرة بقصد استعطاف العرب.
تاريخياً بدأت العلاقات بين تركيا وإسرائيل منذ مارس 1949، أي بعد مرور عام واحد فقط على نكبة فلسطين والإعلان عن قيام دولة الاحتلال؛ حيث كانت تركيا أول دولة إسلامية تعترف رسمياً بإسرائيل.
ومنذ أن اعترفت بها تركيا في ذلك الوقت، أصبحت إسرائيل هي المورد الرئيسي للسلاح إلى تركيا، وتعددت بعد ذلك مجالات التعاون بين الطرفين لتشمل المجالات العسكرية والعلاقات الدبلوماسية والاستراتيجية، وعندما وصل حزب العدالة والتنمية إلى سدّة الحكم في تركيا لم يحدث أي تغيير في هذا الملف، باستثناء الشعارات العاطفية الموسمية، على طريقة المواقف والشعارات التي يرفعها أردوغان، وهو يعلم أنها لن تتطور إلى أبعد من ذلك.
خطب أردوغان وشعاراته الخاوية ضد إسرائيل مكرّسة أيضاً ضمن محاولات تركية مستمرة بقصد استعطاف العرب، وتغيير الانطباعات العامة تجاه تركيا الانتهازية بماضيها الاستعماري المتخلف.
ومما يجعل من الأسلوب التركي في استغلال القضية الفلسطينية رخيصاً للغاية، أن بكائيات أردوغان ووسائل إعلامه تتصنّع التعاطف مع الشعب الفلسطيني، بينما تشير الأرقام إلى أن حجم التبادل التجاري بين تركيا وإسرائيل تجاوز 5 مليارات دولار العام الماضي.
تركيا تحتضن اليوم أكبر مصانع أسلحة للجيش الإسرائيلي حيث برز التعاون العسكري بين إسرائيل وتركيا بعد احتلال تركيا لشمال جزيرة قبرص عام 1978، مما أدى إلى فرض عقوبات أمريكية أوروبية على القطاع العسكري التركي، ومن هُنا لجأت أنقرة إلى تل أبيب، واعتمدت بشكل أساسي على الجيش الإسرائيلي في تطوير وتحديث جيشها.
خطب أردوغان وشعاراته الخاوية ضد إسرائيل مكرّسة أيضاً ضمن محاولات تركية مستمرة بقصد استعطاف العرب.
وقد زودت إسرائيل تركيا بطائرات بدون طيار، ودبابات متطورة، وأنظمة مراقبة وأنظمة لجمع المعلومات والتجسس، وغيرها من الوسائل العسكرية الحديثة، إضافة إلى عقد اتفاقيات تبادل عسكري بين البلدين، بل وصل إلى السماح للطيران العسكري الإسرائيلي بالتحليق في الأجواء التركية، حيث ينص الاتفاق على تبادل الطيارين 8 مرات في السنة؛ ويسمح للطيارين الإسرائيليين بالتحليق فوق الأراضي التركية.
اليوم تركيا تخدم إسرائيل من خلال دعمها لحركة حماس في قطاع غزة، لأن ما تريده تل أبيب هو استمرار الانفصال بين الفلسطينيين كي لا تكون ثمة دولة فلسطينية متصلة الأطراف.
إسرائيل بدورها لم تعارض التدخل التركي شمال سوريا، ولم تدعم قبرص في إدانة ما تمارسه أنقرة من أنشطة للتنقيب عن الغاز قبالة سواحلها، ولم تدن التدخل التركي في ليبيا، بل إنّ رئيس البحرية التركية ومهندس سياسة أنقرة تجاه ليبيا، اقترح على أردوغان أن تقوم تركيا بتوسيع الصفقة ذاتها التي أبرمتها مع سلطة السراج في ليبيا إلى إسرائيل، بحيث تسفر عن مثلث اقتصادي عسكري يضم إسرائيل وتركيا وليبيا يسيطر على حقول الغاز وخطوط الملاحة في البحر الأبيض المتوسط.
إذن، كل من تركيا وإسرائيل لديهما مشروع توسعي في المنطقة، وكل منهما يزعم أنه ضد مشروع الآخر ليتم ترويج هذا المشروع أو ذاك على أتباعه البسطاء وعلى بعض النظم السياسية وعلى بعض التنظيمات.
والحقيقة أن هناك تناغما مكشوفا وواضحا بين المشروعين التركي والإسرائيلي، فكلما تقدم المشروع التركي العثماني خطوة على الأرض العربية وقضم الأرض السورية والليبية، قضم المشروع الإسرائيلي الصهيوني الأرض الفلسطينية والسورية.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة