السجن 5 سنوات لصحفي كردي.. تكميم الأفواه سياسة تركية يومية
حكم قضائي تركي آخر يستهدف الأكراد وحرية التعبير في آن واحد، ويكتب فصلا جديدا في مسلسل قمع أردوغان وإخراسه لأي صوت يعارضه.
قضت محكمة تركية بالسجن 5 سنوات بحق مدير تحرير سابق لجريدة يومية كردية مصادرة بتهم تتعلق بالنشر.
إسماعيل جوبان، رئيس التحرير السابق لصحيفة "Azadiye Welat" اليومية الكردية، هو آخر الصحفيين المحكوم عليهم بالسجن بسبب مزاعم السلطات التركية التي تتخلص بها من أي صوت معارض أو يطرح آراء تختلف مع سياسة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وحسب ما ذكرته العديد من الصحف والمواقع الإخبارية التركية أصدرت الدائرة السابعة بمحكمة الجنايات بمدينة ديار بكر حكماً بالسجن لمدة 5 أعوام بحق إسماعيل جوبان، بزعم "الدعاية لتنظيم إرهابي".
ورغم التنديد الدولي المتواصل والمطالب الحقوقية بوقف تلك الحملات القمعية تواصل السلطات التركية توزيع التهم التي تتستر تحت يافطات غالبا ما يكون لها علاقة بأمن البلاد، سواء عبر العزف على وتر الإرهاب أو الأمن القومي والتجسس.
آخر تلك المطالب كانت من الاتحاد الأوروبي وعلى لسان وزيرة خارجية التكتل فيديريكا موجيريني، التي دعت من أنقرة، اليوم الخميس، إلى الإفراج عن المعتقلين السياسيين وعلى رأسهم صلاح الدين دميرتاش، أحد المعارضين الرئيسيين للرئيس التركي رجب طيب أردوغان "قريبا"، بعد أكثر من سنتين على سجنه.
كما عبر يوهانس هان، مفوض الاتحاد الأوروبي لشؤون الدول المرشحة لعضوية التكتل، الخميس، بعد محادثات مع مولود جاويش أوغلو وزير الخارجية التركي في أنقرة، عن تخوف أوروبا بشأن العدد الكبير من الصحفيين والأكاديميين الذين لا يزالون محتجزين في تركيا.
وفي اليوم نفسه الذي طالب فيه المسؤولون الأوروبيون تركيا بوقف عمليات القمع وتكميم الأفواه اليومية في تركيا ذكرت المحكمة في حيثيات حكمها على الصحفي الكردي، أن جوبان نشر سلسلة من الأخبار والمقالات في الصحيفة "تمثل دعاية لتنظيم إرهابي، بينها ما كتبه في العدد الخامس عشر للصحيفة عام 2013".
وزعمت المحكمة أن "جوبان كان يبعث برسائل في مقالاته وأخباره، مفادها بأنه من الممكن حل الأزمة الكردية عن طريق الزعيم الكردي المعتقل عبدالله أوجلان، في ضوء أهداف وأفكار حزب العمال الكردستاني، مستهدفاً توجيه الرأي العام للحديث عن الزعيم الكردي أوجلان".
وسبق أن أوقفت السلطات التركية نشر الصحيفة خلال حالة الطوارئ التي فرضت بالبلاد على مدى عامين، وتحديدا منذ محاولة الانقلاب في 2016، قبل رفعها في يوليو/تموز الماضي وفرض قانون "مكافحة الإرهاب" الذي اعتبرته المعارضة بديلاً عن حالة الطوارئ.
من جانبه، أوضح رسول تامور، محامي جوبان، أن الدعوى سقطت بالتقادم، بسبب إعداد مذكرة الادعاء الخاصة بها في مدة أطول من 4 أشهر التي تنص عليها المادة 26 من قانون الصحافة التركي، ولكن المحكمة قضت بالحكم على الصحفي بالحبس 5 سنوات، بتهمة ارتكاب الجريمة عن طريق الصحافة.
وصنف مؤشر منظمة "صحفيون بلا حدود" حرية الصحافة في تركيا لعام 2017 في المرتبة 155 من بين 180 دولة.
مرتبة متأخرة تعكس وضع حرية الصحافة والحريات بشكل عام في تركيا التي أغلقت سلطاتها نحو 178 مؤسسة إعلامية، بالفترة الفاصلة بين 20 يوليو/تموز 2016 و31 ديسمبر/كانون الأول من ذات العام، بحجة دعم انقلاب عام 2016 الفاشل، فضلا عن سجن أكثر من 150 صحفياً للسبب نفسه.
ووصفت منظمة العفو الدولية تركيا بأنها تحولت إلى "زنزانة" للصحفيين، وأصبحت أكبر سجّاني العالم للصحفيين، حيث وصلت الأحكام الصادرة بحق بعضهم إلى السجن المؤبد، لا لشيء إلا لأنهم يقومون بعملهم.
وطالبت المنظمة الدولية حكومة أردوغان بوضع حد لانتهاكات حقوق الإنسان التي تمارسها ضد المعارضين والناشطين، تحت ذريعة الأمن، وأكدت في تقرير "ضرورة عدم السماح لحكومة أردوغان بمواصلة تقويض حقوق الإنسان".
كما دعت إلى التوقيع على عريضة عبر موقعها الإلكتروني، لمطالبة أردوغان باتخاذ خطوات لوضع حد لانتهاكات حقوق الإنسان باسم "الأمن القومي".
وكان تقرير صدر نهاية الشهر الماضي عن المنظمة ذاتها، قال إن ما يقرب من 130 ألف موظف تم فصلهم من وظائفهم تعسفياً قبل أكثر من عامين في تركيا، خلال فرض حالة الطوارئ.
أما تقرير اللجنة الدولية لحماية الصحفيين، فأشار إلى أن تركيا تحتل المرتبة الأولى من حيث عدد الصحفيين المعتقلين خلال العام الماضي.
وأسفرت محاولة الانقلاب عن خضوع 402 ألف شخص لتحقيقات جنائية، واعتقال نحو 80 ألفاً بينهم 319 صحفياً، وإغلاق 189 مؤسسة إعلامية، وفصل 172 ألفاً من وظائفهم، ومصادرة 3003 جامعات ومدارس خاصة ومساكن طلابية.
كما توفي نحو 100 شخص في ظروف مشبوهة، أو تحت التعذيب، أو بسبب المرض جراء ظروف السجون السيئة، فيما فر عشرات الآلاف من المواطنين إلى خارج البلاد، وفق التقارير الأخيرة التي نشرتها منظمات دولية، بينها تقرير منظمة العفو الدولية، مطلع مايو/أيار 2018.