تركيا وصناعة الإرهاب في ليبيا.. ابتزاز وصفقات ومطامع
خبراء يكشفون لـ"العين الإخبارية" تورط تركيا بشكل مباشر في دعم الإرهاب بليبيا وتقديم دعم لوجستي ومعلوماتي للإرهابيين
أكد خبراء سياسيون أن دعم نظام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للإرهاب في ليبيا أصبح مكشوفا، بعد تعهده لرئيس المجلس الرئاسي الليبي التابع لتنظيم الإخوان الإرهابي فايز السراج في طرابلس بوضع جميع القدرات التركية تحت إمرة مليشيات حكومة الوفاق في معارك طرابلس.
- موقع أمريكي: تركيا غارقة لأذنيها في ليبيا
- مصدر استخباراتي ليبي لـ"العين الإخبارية": تركيا ترسل دواعش إلى ليبيا
وجاء إسقاط قوات الدفاع الجوي التابعة للجيش الوطني الليبي طائرة بدون طيار تركية جنوبي طرابلس كانت تتجسس وتنفذ ضربات جوية لصالح المليشيات، الثلاثاء، كأكبر دليل على تورطه في تقديم دعم لوجستي ومعلوماتي للإرهاب بشكل مباشر في ليبيا.
ورصد الجيش الوطني الليبي -الذي أطلق عملية "طوفان الكرامة" 4 أبريل/نيسان الماضي لتحرير طرابلس من المليشيات المسلحة والجماعات الإرهابية- تزايد الدعم القطري والتركي للإخوان والمليشيات، وهو ما كشفه العميد خالد المحجوب في حواره مع "العين الإخبارية" الإثنين.
دعم للإرهاب وإيواء للمتطرفين
وتحولت المدن التركية إلى مقر آمن لقيادات الإرهاب في العالم خاصة ليبيا، لتحرض عبر منابرها الإعلامية وقنواتها الفضائية التي تبث من تركيا ضد الجيش الوطني الليبي والليبين الذين يدعمون الأمن والاستقرار في البلاد، خاصة عبدالحكيم بلحاج، زعيم الجماعة الليبية المقاتلة، وعلي الصلابي مندوب اتحاد علماء القرضاوي الإرهابي في ليبيا و"مفتي الإرهاب" الصادق الغرياني.
وتبث من تركيا عدة قنوات داعية للإرهاب خاصة قناة التناصح، وليبيا الأحرار، والنبأ وقنوات دعم الإرهاب التابعة للإخوان في العالم مثل الشرق ومكملين وغيرها.
كما تورطت تركيا في الدعم المباشر للإرهابيين، حتى أصبحت العلاقة بينهم مكشوفة، للدرجة التي جعلت موقع "مونيتور" الأمريكي يصف العلاقة بأن تركيا غارقة حتى أذنيها في دعم الإرهاب في ليبيا.
واعترفت لجنة الخبراء التابعة للأمم المتحدة في تقرير بتاريخ 23 فبراير/شباط 2015، بدعم تركيا للإرهاب في ليبيا، خاصة مليشيات انقلاب فجر ليبيا الإرهابي، مشيرة إلى إمداد تركيا للمتطرفين بالسلاح عبر الموانئ الجوية والبحرية.
وهو الشيء نفسه الذي كان مقررا له الحدوث في الـ17 ديسمبر/كانون الأول 2018، إلا أن أجهزة الأمن بميناء الخمس تمكنت من ضبط صفقة الأسلحة التركية قبل تهريبها إلى المليشيات وتضمنت الصفقة 3000 مسدس تركي من عيار 9 ملم و120 مسدسا تركيا نوع "بريتا" و400 بندقية تركية و4.3 مليون رصاصة تركية، بعد أقل من شهرين ضبط صفقة مشابهة (فبراير/شباط 2019) في نفس الميناء لتهريب مدرعات قتالية وسيارات رباعية الدفع.
وكذلك استمرت شحنات الموت من الأسلحة والمتفجرات القادمة تركيا وشريكتيها قطر وإيران في التدفق على ليبيا، وقد تم توقيف بعضها قبل الوصول إلى الشاطئ الجنوبي للبحر الأبيض المتوسط في اليونان، رغم حظر التسليح المفروض على ليبيا.
حرب ضد الكرامة
رفض كثير من الطيارين والعسكريين الليبيين تنفيذ ضربات جوية ضد المدنيين من أبناء وطنهم، فاضطرت حكومة الوفاق إلى التعاقد مع عدد من المرتزقة الأجانب للمشاركة في الحرب ضد عملية طوفان الكرامة التي أطلقها الجيش الوطني الليبي.
وخلال العمليات ألقى الجيش الليبي القبض على عدد من المرتزقة الأتراك، الذين نفذوا عمليات نوعية ضد المدنيين، اعترفوا بالعمل نيابة عن جهاز الاستخبارات التركي.
وكذلك أكدت المعلومات الاستخباراتية التي وصلت للجيش الليبي والتحقيقات مع الأسرى من المليشيات والمرتزقة الأجانب وجود عدد كبير من المرتزقة الأتراك يقاتلون إلى جانب صفوف المليشيات خاصة في مصراتة.
كما استقدمت المخابرات التركية وأشرفت على نقل العناصر المتطرفة من تنظيمي داعش والقاعدة الإرهابيين من سوريا والعراق إلى ليبيا عبر ميناءي مصراتة الجوي والبحري، وميناء معيتيقة الجوي، خاصة إلى كتيبة "الفاروق" المرتبطة بتنظيم القاعدة.
مصراتة والعثمانيون الجدد
ويرى الباحث في العلاقات الدولية الليبي محمد صالح جبريل اللافي أن تركيا سعت مع بداية أحداث فبراير/شباط 2011 الليبية في التوغل، خاصة من خلال مدينة مصراتة التي أصبحت معقلا للمتطرفين.
وأوضح اللافي، في تصريح خاص لـ"العين الإخبارية"، أن تركيا لعبت على استخدام الليبيين من الأصول التركية والأعراق غير العربية في المدينة خاصة الكراغلة والشراكسة، بغية صناعة جسم له قوة سياسية وعسكرية للسيطرة على سلطة القرار في الدولة الليبية.
وأشار إلى أن "تركيا أنشأت قنصلية خاصة في مدينة مصراتة في نوفمبر/تشرين الثاني 2011، رغم تعقد الأحداث الأمنية وحضر الافتتاح 5 وزراء يترأسهم أردوغان نفسه".
وأوضح أن الأتراك استغلوا الأصل العرقي للأتراك في مصراتة وطموح عودة العثمانيين للسيطرة على ليبيا، للتصدي لتقدم قوات الجيش الليبي، الذي يهدد بقاءهم القائم على الفوضى الأمنية في ليبيا.
وكشف اللافي أن تركيا عانت بعد ثورة 30 يونيو المصرية، خاصة بعد انقضاء أمل عودة الإخوان إلى المنطقة، وتورطت في دعم الحروب الأهلية في ليبيا واعتداءات قبائل مصراتة على المواطنين في بني وليد وزنتان وقبلهما ترهونه والمشاشية، وتهجير مواطني تاغوراء وغيرهم وكذلك تصدير الإرهاب إلى بنغازي ودرنة عن طريق ما يعرف بجرافات الموت المحملة بالإرهابيين والأسلحة إلى الشرق الليبي.
ابتزاز أم صفقات
وعلى الجانب الآخر، يرى أحمد عطا الباحث بمنتدى الشرق الأوسط بلندن أن تركيا تراهن على الوقت لتحقيق مزيد من الصفقات والسمسرة غير المعلنة مع حكومة الوفاق من ناحية وأمير قطر من ناحية أخرى.
وأوضح عطا أن الاستخبارات التركية هي التي تدير معركة طرابلس، وقد وضعت خطة لإحياء وجود المليشيات طرابلس وإحكام السيطرة على مفاصل الدولة ومؤسستها بما فيها فايز السراج رئيس حكومة الوفاق.
وكشف عطا عن تفاصيل الصفقة قائلا "الدوحة تسدد جزءا من فاتورة تسليح المليشيات، والجزء الآخر تدفعه حكومة الوفاق، والاستخبارات التركية العسكرية تتحرك في 3 محاور لتخفيف أزمة أنقرة الاقتصادية".
وتابع عطا أن "تركيا تحصلت حتى الآن على مليار ونصف مليار دولار، سددت منهم قطر 500 مليون دولار على دفعتين والباقي على 3 دفعات، تقوم حكومة الوفاق بتسديدها لأنقرة، في مقابل دعم تسليحي خفيف وثقيل عن طريق البحر في شكل مجموعة حاويات".
وأشار إلى ان أنقرة دربت مجموعة من الطيارين من جنسيات مختلفة، وعددهم 30 طيارا، لتنفيذ طلعات عسكرية لدعم المليشيات بعضهم من شرق أوروبا والآخرون من أمريكا الجنوبية في مقابل ١٠٠ ألف دولار عن الطلعة الواحدة التي ينفذها الطيار.
وأضاف الباحث بمنتدى الشرق الأوسط بلندن أن تركيا نقلت 200 مقاتل تابعين لتنظيم القاعدة من وسط وشرق أفريقيا كدفعة أولى من جبال تونس تجاه ليبيا، ودفعة أخرى من تشاد تجاه الحدود الليبية، وتم إسناد عملية النقل والتدريب لوحدة الاستخبارات العسكرية التركية.
وكانت المخابرات التركية، حسب عطا، دربت هؤلاء المقاتلين من خلال خطة تعرف بـ"الجبهات المتوحدة" التابع لجهاز الاستخبارات التركي المسؤول عن إدارة العناصر المتشددة لتنفيذ الحرب بالوكالة.
واختتم عطا قائلا "تم تمرير صفقة طائرات بدون طيار لتنفيذ مهام استطلاعية ضد الجيش الوطني الليبي، في استمرار للابتزاز الممنهج على حكومة الوفاق".
aXA6IDUyLjE0Ljg4LjEzNyA=
جزيرة ام اند امز