فايننشال تايمز: خطط أردوغان للتوغل بسوريا تفتح الباب لعودة "داعش"
مسؤولون أمنيون وعسكريون حذروا من أن العدوان التركي المرتقب ضد الأكراد شمال شرقي سوريا يفتح الباب أمام إحداث تغيير ديموجرافي بالمنطقة
حذرت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية من أن شن تركيا عملية عسكرية ضد الأكراد شمال شرقي سوريا، يثير مخاوف أمنية وإنسانية في واشنطن وأوروربا؛ لأنه يفتح الباب أمام عودة تنظيم "داعش" الإرهابي، وإحداث تغيير ديموجرافي بالمنطقة.
وقالت الصحيفة، في تحليل لها، إن البيت الأبيض أعلن بشكل مفاجئ، الأحد، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمر قواته بإخلاء جزء من شمال شرق سوريا، إثر تهديد تركيا بشن هجوم عسكري.
ورجحت أن هذه الخطوة تمهد الطريق لهجوم تركي على القوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة التي تسيطر على المنطقة، ما أثار قلقا في واشنطن وفي العواصم الأوروبية، في ظل مخاوف بشأن تأثير ذلك على الجهود المبذولة لهزيمة تنظيم "داعش".
بدورها، حذرت المنظمات الإنسانية من الضرر المحتمل على المدنيين في بلد الآن في السنة التاسعة من الحرب الأهلية التي خلفت بالفعل ما يقدر بنحو 500 ألف قتيل.
ونوهت الصحيفة بأن منطقة شمال شرق سوريا بالغة الأهمية؛ لأنها محصورة بين تركيا من الشمال وصحارى العراق الغربية التي يصعب السيطرة عليها من الشرق، وكانت حاضنة لتنظيم "داعش" قبل أن يجتاح الحدود العراقية عام 2015.
وذكرت أنه بعد أكثر من 5 سنوات من العمليات العسكرية حتى طرد "داعش" من آخر جيب يسيطر عليه في مارس/آذار الماضي في قرية باغوز على الضفة الشرقية لنهر الفرات قرب الحدود العراقية، انتهى المطاف بآلاف من الرجال والنساء والأطفال السوريين والأجانب في سجون مزدحمة ومعسكرات مسيجة شمال شرق سوريا.
ووفقا للصحيفة، حذر المسؤولون العسكريون منذ فترة طويلة من أنه لم يتم سجن أو قتل جميع عناصر "داعش"، وأن المنطقة لا تزال عرضة لخطر زعزعة استقرارها مجددا على أيدي خلايا التنظيم النائمة.
ولفتت إلى أن أجزاء كبيرة من شمال شرق سوريا، تمتد من نهر الفرات إلى الحدود العراقية تسيطر عليها الأقلية الكردية الذين يشار إليهم في الغالب على أنهم أكبر مجموعة عرقية عديمة الجنسية في العالم، موزعة بين تركيا وسوريا والعراق وإيران وتعرضوا تاريخياً لموجات من الاضطهاد؛ لكن الجماعات الكردية اليسارية استغلت الحرب الأهلية في سوريا، لتشكيل جيب يتمتع بالحكم الذاتي، والمعروف باسم "روجافا".
لماذا تريد تركيا شن هجوم عسكري؟
أوضحت الصحيفة أن هناك دافعين رئيسيين وراء التوغل العسكري المقترح للرئيس رجب طيب أردوغان شمال شرق سوريا، أولهما الرغبة في دفع المسلحين الأكراد بعيدًا عن الحدود التركية، ومنعهم من تشكيل ما يسميه أردوغان "ممر الإرهاب" على الجهة الجنوبية من البلاد. أما الثاني فهو أنه يريد إنشاء "منطقة آمنة" للسماح للاجئين السوريين بالعودة.
قلق أمريكي وأوروبي إزاء العدوان التركي
يخشى المسؤولون الأمنيون والعسكريون من أن الهجوم التركي سيفتح الباب أمام عودة "داعش"؛ لأن قوات سوريا الديمقراطية حذرت من أنها ستصرف القوات عن عمليات التطهير المستمرة لصالح الجهود المبذولة لصد هجوم تركي.
كما أعرب المسؤولون عن قلقهم أيضا بشأن مصير الآلاف من معتقلي "داعش"، وأسرهم المحتجزين في السجون والمخيمات التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية.
في الوقت نفسه، يشعر الدبلوماسيون بالقلق إزاء خطة تركيا لإعادة توطين ملايين السوريين، الذين يخشون أنها ربما ترقى إلى عملية "هندسة ديموغرافية" إذا تم تشجيع السكان العرب على الاستقرار في قرى وبلدات ذات أغلبية كردية.
في الوقت نفسه، تشعر الجماعات الإنسانية بالقلق من التأثير على المدنيين الذين يعيشون في المنطقة، التي قد تصبح قريبًا منطقة قتال، وتقول المنظمات غير الحكومية إنها موطن لنحو 760 ألف شخص.