هل تتحرك فيينا؟.. اعترافات خطيرة لجاسوس تركي بالنمسا
اعترافات خطيرة أدلى بها عميل للاستخبارات التركية في النمسا تبرز بوضوح مدى استعداد أردوغان لتجاوز الحدود لملاحقة أعدائه واستهداف خصومه
منذ سنوات تشن السلطات التركية حملة شرسة لاستهداف وملاحقة المعارضين في الخارج، لا تتورع عن إدراج أسمائهم في تحقيقات وهمية تفضي إلى محاكمات صورية؛ وفق مخطط تديره الاستخبارات التركية وتنفذه بعثات أنقرة الدبلوماسية التي تحولت إلى "أوكار تجسس".
أحدث وقائع "التجسس" التي تتواصل في أنحاء العالم، كانت في النمسا حيث سلم منشق تركي نفسه إلى الشرطة في فيينا، وقال إنه عميل للاستخبارات، وأدلى باعترافات خطيرة، حسبما ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز".
وفي ظهيرة أحد الأيام شهر سبتمبر/أيلول الماضي، دخل رجل إلى مركز للشرطة في فيينا، وقال إنه عميل في الاستخبارات التركية معترفا بأنه تلقى أوامر بإطلاق النار على سياسية نمساوية من أصول كردية، ولكنه لا يرغب في فعل ذلك، وطلب حماية الشرطة.
وقال الرجل، إنه أُجبر على الإدلاء بشهادة مزورة لإدانة موظف في القنصلية الأمريكية في إسطنبول.
وعندما سلم أوزتورك نفسه في 15 سبتمبر/أيلول، أخبر الشرطة أنه تقاعد بعد مسيرة مهنية طويلة في وكالة الاستخبارات التركية، ولكنه كلف مؤخرًا بتنفيذ هجوم على أيغول بريفان أصلان، وهي نائبة سابقة في البرلمان من حزب "الخضر" من أصل كردي ومنتقدة لأردوغان.
وقالت الصحيفة، إذا كان هذا صحيحًا، فإن اعترافات الرجل، الذي عرّف عن نفسه باسم فياز أوزتورك، تبرز بوضوح مجددا مدى استعداد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للمضي في ملاحقة معارضيه.
وربما يؤدي اعتراف أوزتورك، المفصل في تقرير الشرطة الذي حصلت عليه "نيويورك تايمز" إلى إحداث ثغرة في إدانة متين توبوز، الموظف بالقنصلية الأمريكية في إسطنبول والمحبوس في تركيا بتهمة التجسس.
وفي يونيو/حزيران الماضي، حكمت محكمة تركية على توبوز، الذي كان يعمل لصالح وزارة الخارجية الأمريكية وإدارة مكافحة المخدرات، بالسجن لأكثر من 8 سنوات بتهمة مساعدة جماعة إرهابية مسلحة.
وقضية توبوز هي واحدة من عدة قضايا ضد مواطنين وموظفين حكوميين أمريكيين قال المسؤولون الأمريكيون إنها لا أساس لها، وإنهم يرون أنها محاولة من قبل أردوغان لممارسة نفوذه في علاقاته العدائية المتزايدة مع الولايات المتحدة.
ترافق استبداد أردوغان المتنامي على مدى العقد الماضي مع حملة عدوانية ضد معارضين مفترضين في الداخل والخارج، بدأت عندما اختلف مع الاتحاد الأوروبي، واشتدت بعد الانقلاب الفاشل في يوليو/تموز 2016 الذي ألقى الرئيس باللائمة فيه على رجل الدين فتح الله غولن المقيم في الولايات المتحدة.
داخليا، أسفرت حملة القمع عن سجن عشرات الآلاف من معارضي أردوغان السياسيين، غالبًا بناءً على أدلة يقول منتقدون إنها واهية أو ملفقة.
وفي الخارج، شملت عمليات تسليم قسري لمائة أو أكثر من أنصار غولن، وامتدت، وفقًا لمحققين فرنسيين، إلى اغتيال 3 مسلحين أكراد في باريس عام 2013، على الرغم من نفي الاستخبارات التركية أي تورط في عمليات القتل هذه.
وفي غضون ذلك، تلقى آخرون ممن يعيشون في الخارج إخطارات عبر الإنتربول باعتقالهم، ويشتكون من المضايقات والمراقبة التي ينفذها العملاء الأتراك.
ولطالما كانت الحكومة النمساوية قلقة بشأن نفوذ الاستخبارات التركية في البلاد، وأثارت هذه الحالة الأخيرة ناقوس الخطر، بحسب الصحيفة الأمريكية.
وفي هذا الإطار قال وزير الداخلية النمساوي، كارل نهامر، للصحيفة: "إننا نأخذ هذا الأمر على محمل الجد"، مضيفا أنه لن يعلق على تفاصيل القضية لأن التحقيق مستمر.
كما رفض مكتب المدعي العام النمساوي التعليق، وقال في بيان بالبريد الإلكتروني إن القضية حساسة للغاية لدرجة أنها "سرية".
وقال مسؤول حكومي كبير مطلع على القضية، تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته، إذا تأكدت مؤامرة اغتيال سياسي كردي-نمساوي، فسيكون ذلك إشارة إلى مستوى جديد من التدخل التركية في النمسا.
والشهر الماضي فقط، خلصت لجنة خاصة للشرطة إلى أن الاستخبارات التركية جندت محرضين للمساعدة في إثارة اشتباكات عنيفة خلال احتجاج كردي في شارع في منطقة فافوريتين في فيينا في يونيو/حزيران، وجمع معلومات عن المتظاهرين.
وآنذاك قال نهامر: "التجسس التركي والتدخل التركي في الحقوق الديمقراطية لا مكان لهما في النمسا".
وأفادت وزارة الداخلية أن هناك نحو 270 ألف شخص من أصول تركية يعيشون في النمسا، نحو ثلثهم من الأكراد.
في المقابل، كانت وزيرة الاندماج النمساوية، سوزان راب، أكثر صراحة، حيث قالت إن بلادها "أصبحت هدفًا للتجسس التركي. ذراع أردوغان الطويلة تصل إلى منطقة فافوريتين بمدينة فيينا".
aXA6IDMuMTQ1LjExNS4xMzkg جزيرة ام اند امز