الانتخابات المحلية التركية لن تعكس الخيارات الحقيقية للشعب التركي، خاصة بعد تمكن أردوغان من تقسيم شعبه إلى قسمين معاديين.
يبدو أن الانتخابات المحلية التركية التي تشهدها تركيا اليوم الأحد 31 مارس 2019، لن تعكس الخيارات الحقيقية للشعب التركي، خاصة بعد أن تمكن الرئيس التركي الحالي رجب طيب أردوغان من تقسيم شعبه إلى قسمين معاديين.
إن تلاعب أردوغان بين خطوط الروس والأمريكان، وتعاونه مع كل عدو لحكومات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ودول الخليج، خاصة الفرس. وتقنصه لكل دولة تخرج عن السرب أو ينقض عليها الإخوان ليمد أذرعه نحوها هو مؤشر في غاية الخطر وهي نواقيس لا يمكن التغاضي عنها بعد الآن
لقد انقسم الشعب التركي إلى قسم موالٍ له، والذي تمكن أردوغان وعبر سنوات من استعمال وسائل الإعلام، والتعليم والثقافة والمجتمع لتوجيه الرأي العام بين الترغيب والترهيب ومحاولات الإقناع بأنّه من سيصون الدّين الإسلامي ويمثله على الأرض، وأنه من سيعيد أمجاد الإمبراطورية العثمانية، ويُخضع الأمة الإسلامية لحكم الأتراك. والقسم الثاني اللّيبرالي أو اليساري أو الأكراد، أو أيّ معارض له مهما كانت توجهاته.
ورغم أن الإعلام الغربي أبدى توقعاته بإمكانية تراجع شعبية أردوغان وحلفائه بسبب تردي وتدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد مؤخرا في هذه الانتخابات إلا أن القمع قد يتغلّب على الواقع. لقد وصل القمع والكبر بأردوغان إلى تهديد المرشحين، واعتبار أي طرف قد يفوز في الانتخابات عدوا للدولة والبلاد. نعم، هذا ما وصلت إليه تركيا الأردوغانية الإخوانية. ويعيش الشعب التركي في الداخل وخارج البلاد مراحل من الاضطهاد لم يشهدها من قبل.
والتقيت صدفة بعض الأتراك المقيمين في بريطانيا، ووجدت خلال حديثنا عن الانتخابات المحلية التي تشهدها بلادهم اليوم، أجوبة استباقية تشير إلى أن حزب العدالة والتنمية الذي يقوده الإخونجية، وأردوغان وأتباعه لن يتركوا المجال لأي طرف للفوز.
وأكدوا لي أن أغلبية المرشحين للانتخابات المحلية تعرضوا لتهديدات بأساليب مختلفة، وأكثرها استفزازا هي خطابات أردوغان التي خاطب فيها كل معارضيه محذرا إياهم وبطرق مباشرة من الوقوف في وجهه. كما حرك الرئيس التركي وبكل وقاحة آلاته الإعلامية، لتنقل على لسان مواطنين أتراك، أن أردوغان يتمتع بقدسية ترقى إلى مستوى الأنبياء.
وبين الخوف من معصية الله ومعصية أردوغان، يعيش الشعب التركي بأكمله في الداخل والخارج الخوف من مصير يجهله. الخوف من الكلمة ومن القلم، من الشعر والصور، هي المرحلة الثقيلة التي يقبع تحتها أحفاد كمال أتاتورك المنفتحين المتنورين.
إن فوز حزب أردوغان في الانتخابات المحلية يعكس وبشكل استباقي نجاح سياسة الديكتاتور الرّدعية، وأنه من سيفوز في الانتخابات الرّئاسية المقبلة التي ستجري في نوفمبر 2019، والتي أعلن أردوغان أن الفائز فيها (مشيرا إلى نفسه ومتحدثا عنها) سيحدّد مصير تركيا لنصف قرن.
والقلق ليس من قمع الرئيس الإخونجي ضد شعبه فحسب، ولكن من الديكتاتور الأخطبوط الذي يمد أذرعه في دولنا العربية والإسلامية، بين دعمه للإخوان المسلمين في تونس، والجماعات الإرهابية المسلحة المقاتلة في ليبيا والتي تحول دون قيام حكومة فيها.
والأهم من ذلك والذي لن يغفره التاريخ له هو دعمه لمقاتلي داعش، والدور الذي لعبه في تدمير سوريا والعراق على امتداد سنوات، وإصراره على الوقوف في وجه أي وحدة ممكنة لأي من هذه الشعوب لأن هذا يتنافى مع خطته لإبادة الأكراد.
إن تلاعب أردوغان بين خطوط الروس والأمريكان، وتعاونه مع كل عدو لحكومات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ودول الخليج، خاصة الفرس. وتقنصه لكل دولة تخرج عن السرب أو ينقض عليها الإخوان ليمد أذرعه نحوها هو مؤشر في غاية الخطر وهي نواقيس لا يمكن التغاضي عنها بعد الآن. حان وقت قطع أذرع الأخطبوط ومساعدة الشعب التركي على التحرر من الديكتاتور.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة