إحصاء رسمي: أزمات الليرة تضرب قطاع الثروة الحيوانية التركي
إجمالي اللحوم المنتجة في تركيا تراجع خلال الربع الأول من عام 2019 بنسبة 18.6% مقارنة بالربع الأخير من 2018، تزامنا مع تدهور الليرة.
ضربت الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها تركيا قطاع الثروة الحيوانية؛ إذ كشف أرقام رسمية أعلنت، الأحد، عن تراجع حاد في إنتاج كمية اللحوم المنتجة بالبلاد، بعد تدهور سعر صرف الليرة مقابل الدولار.
وقال معهد الإحصاء التركي، الأحد، تراجع إجمالي اللحوم المنتجة بالبلاد خلال الربع الأول من عام 2019 بنسبة 18.6% مقارنة بالربع الأخير من 2018، موضحا أن إنتاج اللحوم الحمراء فقط انخفض 16.5% ليصل إلى 211 ألفا و435 طنا فقط.
وتأتي هذه المعطيات في وقت يسعى فيه الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، وحزبه العدالة والتنمية الحاكم، لإنكار وجود أي أزمة في أي قطاع، محملين الفشل الاقتصادي لمؤامرة خارجية.
ورفض أورخان صاري بال، نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض، والمسؤول عن الملف الزراعي بالحزب، تصريحات وزير الزراعة والغابات التركي بكر باق ديميرلي، ووصفها بالكاذبة لادعائه في وقت سابق زيادة استهلاك الأتراك للحوم، بشكل يتعارض مع بيانات معهد الإحصاء .
وأوضح صاري بال "أن القوة الشرائية للأتراك تتراجع بسبب الأزمة الاقتصادية"، مشيرا إلى أن "حكومة حزب العدالة والتنمية ستعمل على استيراد اللحوم مجددا بسبب انخفاض الإنتاج".
وأفاد بأن "حكومة أردوغان ستبدأ الاستيراد مجددا لكن ليس فقط من البوسنة والهرسك، وإنما أيضا من روسيا وبلدان أخرى؛ ما سيوفر الفرصة لتحقيق المكاسب للمحال التجارية الموالية للحزب الحاكم، وفق ما ذكر .
ونقلت مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية صورا لتزاحم المواطنين أمام هيئة اللحوم والألبان في مدينة سيواس وسط تركيا، من أجل الحصول على لحوم بأسعار مخفضة بعد أن وصلت أسعارها إلى أرقام قياسية، وفق صحيفة زمان التركية.
بدوره قال أحمد آطالق، رئيس فرع غرفة المهندسين الزراعيين بإسطنبول، إن "تركيا ابتعدت عن الإنتاج، وحدث هناك انخفاض في الاستيراد بعد تراجع الليرة؛ الأمر الذي انعكس سلبا على الأسعار التي وصلت لأرقام خيالية".
ولفت إلى أن الخطوات التي تتخذها الحكومة للتغلب على هذه المشكلات غير كافية بالمرة، على حد تعبيره في تصريحات نقلتها مواقع إخبارية تركية.
وأرجعت بعض التقارير الإعلامية هذا الأمر إلى ارتفاع أسعار العملات الصعبة أمام العملة المحلية الليرة، على وقع الأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد.
وفي وقت سابق ذكر وزارة الزراعة الأمريكية أن تركيا تستورد لحوما من 26 دولة أجنبية لسد العجز الكبير، مشيرة إلى أن تضخم أسعار المنتجين بلغ 18%، وتجاوز استيراد الماشية الحية في تركيا عام 2016 نسبة 175%.
ولفتت إلى أن حزب العدالة والتنمية اتجه إلى خفض الرسوم الجمركية والسماح باستيراد نحو ألف رأس ماشية من الخارج، وتلجأ حاليا لسد عجزها الضخم في اللحوم بالاستيراد من جورجيا والعراق وبلجيكا وفرنسا وبولندا ورومانيا ولاتفيا وإسبانيا والمجر.
وأضاف التقرير أيضا أن صفقات اللحوم المستوردة عادت بالنفع على المقربين للحزب الحاكم وحدهم؛ إذ إن حزب العدالة والتنمية لجأ في عام 2010 إلى استيراد اللحوم عوضا عن دعم الإنتاج والمنتجين المحليين وذلك لكي يتمكن من سد عجز اللحوم الحمراء وقام بإلغاء الرسوم الجمركية التي تقدر بـ250 %.
وأكد التقرير أن المزارعين باتوا غارقين في الديون ويرهنون حقولهم ويحصلون على قروض نظرا لانخفاض عائدات الإنتاج.
وتعاني تركيا بدءا من أغسطس الماضي من أزمة مالية ونقدية حادة، دفعت بأسعار صرف الليرة التركية إلى مستويات متدنية، وسط شح في السيولة النقدية الأجنبية؛ الأمر الذي ألقى بظلاله على جميع أوجه النشاط الاقتصادي في تركيا، وأدى إلى تفاقم معدلات التضخم.
ودخلت الليرة التركية، مرحلة هبوط جديدة هي الأصعب منذ 8 أشهر، بحسب أسعار البنك المركزي التركي، الأحد، وسط ارتفاع نسب التضخم لأعلى معدل في 15 عاما، وخسائر كبيرة للمستثمرين في البورصة وأدوات الدين المحلية أمام عجز رسمي كامل عن إيجاد حلول لوقف الهبوط، وتراجعت الليرة متجاوزة مستوى 6.24 مقابل الدولار.