انعطافة أمريكية في سوريا للالتفاف على الانفراد الروسي
تصريحات وزير الخارجية الأمريكي حول نهاية دور أسرة الأسد تعيد مسار الحل السياسي إلى المربع الأول
حدد وزير الخارجية الأمريكي، ريكس تيلرسون، ملامح استراتيجية بلاده في سوريا بتعبيرات لا تقبل التأويل، قائلا إن واشنطن "تريدها كاملة وموحدة لا دور لبشار الأسد في حكمها"، ما يمثل انعطافة أمريكية عن مسار سياستها خلال الشهور الماضية في مسعى على ما يبدو للالتفاف على انفراد روسيا بالملف السوري.
ويطيح التوصيف الأمريكي الذي أُعلن الخميس بالسيناريوهات التي بدأت روسيا صياغتها على الأراضي السورية، وفي القلب منها مستقبل بشار الأسد، ووضع أساس لفيدرالية مذهبية وعرقية.
وظل مستقبل الأسد حجر عثرة في سبيل تقدم مفاوضات الحل السياسي التي رسمت "جنيف1" خطوطها العريضة منذ نحو 5 سنوات.
كما أرجأت المعارك التي استهدفت القضاء على تنظيم داعش الإرهابي الانخراط في مفاوضات سياسية جادة.
وقال تيلرسون للصحفيين في جنيف إن الأسد وأسرته ليس لهم دور في مستقبل سوريا، مضيفا أن "عهد أسرة الأسد يقترب من نهايته.. القضية الوحيدة هي كيفية تحقيق ذلك".
وتأتي تصريحات وزير الخارجية الأمريكي قبل نحو شهر من جولة جديدة من المفاوضات السياسية في جنيف، سبقتها تأكيدات مسؤولين أوروبيين حول استعدادهم للتغاضي عن مناقشة مصير الأسد في الوقت الراهن.
وأدارت روسيا الدفة بعيدا عن مفاوضات جنيف بالحديث عن مؤتمر للشعوب في سوريا، للبحث عن حل سياسي يعزل المعارضة في الخارج عن مستقبل البلاد، كما يؤسس لفيدرالية في سوريا بحكم التقسيم العرقي والمذهبي للمشاركين المحتملين فيه.
ولا يزال من غير المعروف موقف إيران التي تساند إلى جانب الروس نظام الأسد، من المؤتمر الذي كشف عنه الرئيس فلاديمير بوتين قبل أسبوع، لكن مراقبين رجحوا أن يثير المؤتمر حفيظة طهران وأنقرة أيضا.
وتركيا الجارة الشمالية لسوريا إلى جانب الورس والإيرانيين، يشرفون على حوار الأستانة المعني بالأوضاع الأمنية وتثبيت مناطق تخفيف التوتر.
وأعلنت قوى المعارضة في الخارج (منصتي القاهرة والرياض) رفض المؤتمر، وعدته بداية سيناريو تقسيم سوريا، والإطاحة بمسار جنيف، واختطافا روسيا لملف المستقبل السوري.
وظلت التصريحات الأمريكية خلال الشهور الماضية منصبة على أولوية القضاء على داعش، ومع اقتراب تحقيق هدف القضاء على التنظيم الإرهابي، كشفت واشنطن عن نواياها التي تعيد ملف المسار السياسي للمربع الأول.
ويقول مراقبون إن ما كشف عنه تيلرسون، الخميس، يجب قراءته في ضوء الاستراتيجية الأمريكية الجديدة تجاه إيران ودورها التخريبي في الشرق الأوسط.
وكان وزير الخارجية الأمريكي قد أكد في تصريحه الأخير أنه ينبغي ألا ينسب الفضل إلى إيران في هزيمة تنظيم داعش الإرهابي؛ لأن طهران مجرد "متطفل".
وتسعى الإدارة الأمريكية لتقليم أظافر طهران بتقويض قدرات الحرس الثوري الإيراني الذي فجر الصراعات في الشرق الأوسط في سوريا والعراق واليمن ولبنان.