في لجة العنف المتصاعد بين إسرائيل وغزة، يبرز للعلن مظهر قديم جديد يستحضر الإسقاطات السياسية ويتقن عن جهل اللعب على أوتار المشاعر والعواطف الجياشة بغية إنتاج خطاب عفنٍ، لا يخدم الشعوب بل يخدم الشعبوية.
وإن كان العقلاء ساسة ومواطنين يدينون بدون أدنى شك استهداف المدنيين من أي طرف، ويطالبون بوقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة، إلا أن التصنيف المنطقي للمحاور الموجودة الآن، لا يعدو كونه قراءة واقعية للأحداث.
هناك محور عربي يسعى جاهداً لإيقاف هذه الحرب المجنونة، وهذا المحور يسعى دائماً للتفكير بالمستقبل، ويدعو الإسرائيلي والفلسطيني للحوار وحل الدولتين وصناعة السلام، وإيقاف السير في درب الآلام الذي تعب الجميع من المشي فيه، وهو محور عقلاني، خطابه السياسي منطقي، وجهوده الدبلوماسية محط احترام وتقدير.
ولعل السعودية والإمارات ومصر والأردن، أبرز ممثلي هذا المحور العربي والإسلامي الذي يضم دولاً أخرى كثيرة، ورأى الجميع تحركات قادة هذا المحور المعتدل، وطبيعة الزيارات والاتصالات التي جرت على مستوى الرياض وأبوظبي والقاهرة وعمان.
وهناك محور آخر، يسعى الآن لركوب موجة العنف من أجل تحصيل نفوذ أكبر في المنطقة، إنه محور أرعن، يدعم المليشيات ويعلي من شأن الشعارات، ويتميز خطابه بالعنتريات، محور دمر أربع عواصم عربية، وحرم شعوب المنطقة من السلام المستدام، ولو أتيح للناس الذين يعيشون تحت سيطرة أذرع هذا المحور التعبير عن رأيهم لقالوا حقائق يعجز مقالي عن سردها.
ولأن هذا المحور يرى أن أسهم العنتريات بـبورصة الشعارات في ارتفاع آنٍ، يستثمر هذا المحور في خطاب فوضوي، يحرض الشعوب على حكوماتها، ويميل كذلك إلى إدراج خطاب الكراهية ضمن قوائم سلعه الفاسدة منتهية الصلاحية.
ولعلها مقاربة منطقية لا تستعصي في فهمها على العقلاء، فهذا هو الدكتور أنور قرقاش المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات، ينشر تدوينة معبرة ومخبرة عن حقائق كثيرة، ويقول فيها: جهود الإمارات الدبلوماسية وجسور الخير ورسائل التعاضد تثلج الصدر، وتنبع من صلب نهجنا القومي والإنساني، والظروف الحالية في غزة والمنطقة تتطلب التعاضد الإنساني والحكمة السياسية كأداة رئيسية من أدواتنا في معركة تهدد الإقليم بأكمله، وتبقى مسؤوليتنا الأولى حماية الأوطان ومكتسباتها.
وخلاصة القول حول معركة تهدد الإقليم بأكمله، وهنا بيت القصيد، هنا يأتي دور الذين يحاولون الآن إنهاء الأزمات، أقله في السعودية والإمارات ومصر والأردن، ومعهم عقلاء العالم، لا بد من الخروج فوراً من عنق زجاجة العنف غير المبرر، لأن إطلاق المشاريع أفضل بكثير من إطلاق الصواريخ، كما قال يوماً حكيم دبي وصانع نهضتها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة