دولتان وأزمة وراء صعود البرميل.. إلى أين تتجه أسعار النفط؟
شهدت أسعار النفط اليوم زيادة قياسية بعد تراجع مخاوف "أوميكرون" والتطورات التي شهدتها لبييا وكازاخستان وكذلك روسيا وأوكرانيا.
ورغم أن الأسباب كلها تحالفت لدعم سعر النفط، وأصبحت كل الطرق تؤدي إلى زيادة سعر البرميل، إلا أن هناك سؤالا يفرض نفسه الآن وهو "إلى أين تتجه أسعار النفط؟"، وللإجابة عن هذا السؤال لا بد أن نلقي الضوء على دولتي ليبيا وكازاخستان وكذلك أزمة شح الإمدادات عالميا وسط مخاوف "أوميكرون".
وبعد أن بدأت الدول في جني ثمار التعافي الاقتصادي، جاءت الصدمة الأولى بظهور متحور كورونا "أوميكرون" ولكنها كانت صدمة خفيفة بعد تراجع المخاوف بشأنه خصوصا في ظل حملات التلقيح على مستوى العالم، ولكن عززت التوترات في دولتي ليبيا وكازاخستان نقص إمدادات النفط وتحولت مخاوف نقص الإنتاج إلى حقائق.
وتعاني ليبيا من أزمات في تشغيل منصات النفط لديها، جراء الحروب التي شهدتها وضعف قدرتها على التمويل وإعادة الإعمار، ولا يختلف الوضع كثيرًا في كازاخستان التي تعاني من اضطرابات سياسية إزاء الغلاء وارتفاع أسعار الوقود، مما أدى إلى نقص في إمدادات النفط يقدر بنحو 1.59 مليون برميل يوميًا بحسب آخر إحصائية نشرتها مجموعة أوبك+.
أسعار النفط اليوم
سجلت أسعار النفط ارتفاعا اليوم الثلاثاء، ووصلت لـ 82 دولارا للبرميل، وسط تراجع المخاوف من المتحور أوميكرون بالتزامن مع عدم كفاية الإمدادات من جانب تحالف "أوبك بلس".
وقفزت العقود الآجلة لخام برنت القياسي بـ1.5% إلى 82.07 دولار للبرميل بعد تراجعها بـ 1% في الجلسة السابقة. كما ارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي بـ 1.7% إلى 55ر79 دولار.
ورغم الارتفاعات الكبيرة في حالات الإصابة بكورونا، فإن التقارير تشير إلى أنها قد لا تتسبب في إعاقة التعافي الاقتصادي.
كما يُنظر إلى الإضافات التي يقرها تحالف "أوبك بلس" للإمدادات على أنها لا تواكب الارتفاع في الطلب بسبب مشكلات تتعلق بالقدرة الإنتاجية في بعض دوله.
وارتفع إنتاج منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) في ديسمبر/كانون الأول بـ 70 ألف برميل في اليوم عن الشهر السابق، بينما يتيح اتفاق أوبك بلس زيادة في الإنتاج بـ 253 ألف برميل يوميا.
كما ساعد ضعف الدولار الأمريكي في دعم أسعار النفط اليوم.
تصعيد جديد في ليبيا
وقالت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا اليوم الثلاثاء إنها تعلق تصدير النفط من ميناء السدرة بسبب سوء الأحوال الجوية وما وصفته بنقص القدرة على التخزين نتيجة تدمير المنشآت الناجم عن الحرب وعدم كفاية التمويل.
وأضافت المؤسسة في بيان أن شركة الواحة للنفط التابعة لها، التي تصدر النفط عبر ميناء السدرة، خفضت الإنتاج بواقع 50 ألف برميل يوميا وإن إجمالي خفض الإنتاج ربما يصل إلى 105 آلاف برميل يوميا إذا استمر سوء الأحوال الجوية.
وقال المكتب الإعلامي للمؤسسة بشكل منفصل إن إجمالي إنتاج النفط في ليبيا بلغ 896 ألف برميل يوميا ارتفاعا من 729 ألفا قالت إنها تنتجها الأسبوع الماضي.
كازاخستان وتوترات الوقود
أعلن أكبر منتج للنفط في كازاخستان عن تعديل خطط الإنتاج بحقل تينجيز العملاق في خضم الاضطرابات والاحتجاجات التي تشهدها البلاد.
ووفقا لوكالة بلومبرج للأنباء، قالت شركة "تينجيزشيفرويل" القائمة على تشغيل الحقل، في بيان أمس الخميس إن "هناك تعديلا مؤقتا للإنتاج لأمور تتعلق بالنقل والإمداد".
وأضافت أن عددا من "الموظفين المتعاقدين" احتشدوا بالحقل دعما للمحتجين في أنحاء كازاخستان.
ورفضت الشركة المعروفة اختصارا بـ "تي إس كو" الإفصاح عن تفاصيل أخرى بشأن حجم التعديل، رغم أنها قالت إن عمليات الإنتاج مستمرة.
وشركة "تي سي أو" مشروع مشترك تقوده شركة شيفرون كورب الأمريكية، وتقوم بإنتاج نحو ثلث نفط كازاخستان.
وأدت قفزة في أسعار الوقود إلى اندلاع احتجاجات هذا الأسبوع في غرب تلك الدولة التي تقع في أسيا الوسطى.
وانتشرت الاضطرابات الأولية بشكل سريع وتصاعدت إلى مظاهرات مناهضة للحكومة، وسقط العشرات من المحتجين قتلى على أيدي قوات الأمن، وفقا للشرطة.
ونشرت روسيا وحلفاؤها قوات للمساعدة في إخماد هذه الاضطرابات، التي تشكل أكبر تهديد للقيادة في كازاخستان منذ استقلالها في عام 1991.
وقالت لوري هايتيان مديرة معهد حوكمة الموارد الطبيعية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إن ما يحدث في كازاخستان وهي جزء من اتفاق أوبك+ قد يكون له تأثير كبير على المعروض ومستوى التفاهم في أوبك+، لأن الكل ينظر حالياً إلى إمكانية توقف الإنتاج من كازاخستان، لا سيما إذا حدث اشتباك حول الحقول أو أي توقف بسبب ما يحدث.
حصة كازاخستان من سوق النفط
وتشير بيانات حديثة صادرة عن "أوبك+"، أن إنتاج كازاخستان المُقرر في فبراير/شباط 2022 يبلغ 1.59 مليون برميل يوميًا.
ومع بداية العام الجاري طغى الوضع الجيوسياسي على التساؤل بشأن المعروض، بسبب ما يحدث في كازاخستان من جانب، وما يحدث بين روسيا وأوكرانيا من جانب آخر، بالإضافة إلى الأوضاع في ليبيا.
ويشكل النفط 21% من إجمالي الناتج الداخلي للبلاد عام 2020، بحسب البنك الدولي، كما ينتج أبرز حقل نفطي "تنغيز" ثلث الناتج السنوي لكازاخستان وتسيطر على 50% منه شركة شيفرون الأمريكية.
وبالرغم من الاحتياطات النفطية، تعاني كازاخستان من الأزمات المالية، ويبلغ متوسط دخل الفرد نحو 600 دولار شهريا، وبينما يبلغ الناتج المحلي الإجمالي حوالي 179 مليار دولار العام الماضي.
ويعاني النظام المصرفي من أزمات معقدة نتيجة القروض المتعثرة وقضايا الفساد المنتشرة.
إنتاج أوبك
يتجه إنتاج تحالف "أوبك+" بثبات، إلى استئناف إنتاج النفط الخام بشكل طبيعي دون تخفيضات، مع قرب الوصول إلى خفض إنتاج يبلغ صفر برميل يوميا، والمتوقع له في سبتمبر/أيلول 2022.
ومع إعلان تحالف "أوبك+" في 4 يناير/كانون الثاني الجاري عن استمرار تنفيذ خطته القاضية بتخفيف قيود خفض الإنتاج، بمقدار 400 ألف برميل يوميا في فبراير/شباط المقبل، فإن القرار سيدفع نحو زيادة منسقة في إنتاج الأعضاء النفطي.
تشير وثيقة صادرة عن منظمة البلدان المصدرة للبترول واطلعت عليها "العين الإخبارية"، إلى حصة كل بلد في منظمة أوبك يشارك في اتفاقية خفض الإنتاج، إلى جانب حصة المنتجين غير الأعضاء في التحالف.
وحتى نهاية فبراير/شباط المقبل، يكون حجم خفض الإنتاج لدى تحالف "أوبك+" عند 3.5 مليون برميل يوميا، نزولا من 9.7 مليون برميل يوميا مع بدء تنفيذ الاتفاقية الحالية، في مايو/أيار 2020.
ويرتقب أن يتم الانتهاء من العمل بالاتفاقية الحالية، بحلول ديسمبر/كانون أول 2022، لكن وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان، قال إنه يأمل بالوصول إلى صفر خفض بالإنتاج بحلول سبتمبر/أيلول 2022.
توقعات أوبك
توقعت "أوبك" أن يكون نمو الطلب العالمي على النفط قد انتعش هذا العام بمقدار 5.7 مليون برميل يوميا "على أساس سنوي".
وأضافت قد يزيد بمقدار 4.2 مليون برميل يومياً في 2022، في نظرة لا تختلف عما أعلنته المنظمة للعامين في الشهر الماضي.
وعزت "أوبك" في تقريرها الشهري الصادر اليوم، زيادة الطلب المتوقعة للانتعاش المطرد في الأنشطة الاقتصادية وتحسن استهلاك وقود النقل، على الرغم من الإصابات الجديدة بكوفيد-19 وتدابير احتوائه.
وقالت إن الطلب من الدول غير الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ربما قد زاد 3.2 مليون برميل يوميا هذا العام، في حين أن الزيادة في دول المنظمة قد تقدر بنحو 2.5 مليون برميل يوماً.
من المتوقع أن ينمو الطلب على النفط في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بمقدار 1.8 مليون برميل يوميا في عام 2022، بينما تقدر الزيادة المتوقعة في الطلب من خارج المنطقة بـ2.3 مليون برميل يومياً، مدعوماً بالزخم الثابت في الأنشطة الاقتصادية، على وجه الخصوص في الصين، والهند، والدول الآسيوية الأخرى. وفي الوقت نفسه، مع زيادة معدلات التطعيم، يتوقع أن يكون تأثير متغير "أوميكرون" خفيفاً وقصير الأجل.
aXA6IDMuMTQuMjUxLjEwMyA= جزيرة ام اند امز