الإمارات.. قوة وسطى ولاعب عالمي محوري
أكد الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي وزير دولة للتجارة الخارجية، أن دولة الإمارات تمتلك الكثير من العوامل التي تعزز مكانتها كقوة وسطى.
اقتصاد الإمارات.. نوعي تنافسي
وتستحوذ دولة الإمارات على 40% من الاستثمارات الأجنبية المباشرة في العالم العربي، ولديها ثالث أكبر ميناء على مستوى العالم، وأن دولة الإمارات تمتلك العديد من الشراكات التجارية مع قوى اقتصادية مهمة، مثل الهند وإسرائيل وإندونيسيا.
كما أكد التطور الاقتصادي المذهل الذي شهدته الدولة منذ تأسيسها وقال إن الناتج المحلّي زاد عشرين ضِعفًا ما بين عامَي 1975 و2021؛ حيث وصل إلى 417 مليار دولار من نحو 19 مليارا، ونجحت الدولة في تنويع اقتصادها بشكل كبير، بعدما كان النفط يُسهم بنحو 57% عام 1975، ليصبح 28% في عام 2021.
وأضاف أن الاقتصاد الوطني أصبح يعتمد على قاعدة إنتاجية متنوعة تشمل أنشطة مهمة، مثل السياحة والصناعات التحويلية والقطاع المالي، بعد أن كان يعتمد على قطاعات محدودة في بداية تأسيس دولة الإمارات.
وقال خلال محاضرة قدمها في مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، حول "دور التجارة والاستثمار في صعود دولة الإمارات كقوة وسطى"، إن الاقتصاد العالمي يشهد تطورًّا مهمًّا يتمثل في صعود ما تسمّى بالقوى الوسطى، مثل النرويج وسويسرا وتركيا وسنغافورة، من خلال قيامها بدور متنامٍ على مستوى الاقتصاد العالمي، مشيرًا إلى تغييراتٍ وعواملَ رئيسيةٍ تؤثر في مستقبل خارطة القوى العالمية، منها التحول في موازين القوى الدولية ، وعدم الاستقرار الحاصل في الأوضاع الاقتصادية على الصعيد العالمي، والتقلّبات التي تشهدها أسعار النفط والغاز، ومخاطر الركود التي تخيّم على العديد من الاقتصادات حول العالم.
وتناول التغيّرات الاستراتيجية التي يشهدها العالم، خصوصًا الصعود الكبير للقوى الوسطى، ومكانة دولة الإمارات كإحدى هذه الدول، كما تطرّق إلى مجموعة من القضايا الاستراتيجية، ومنها التوازنات الدولية الحالية، والشكل المستقبلي للنظام الدولي، والشراكات التجارية الدولية لدولة الإمارات.
وتحدّث عن أزمة التغيّر المناخي، فأكد أن دولة الإمارات ترى في هذه الأزمة تحدّيًا كبيرًا؛ لما لها من تأثيرات متعدّدة، ولكنها تنطوي على فرصٍ أيضًا لجهة تعزيز مصادر الطاقة المتجدّدة؛ ممّا يعزز جهود ومبادرات الإمارات لتدشين تعاون مشترك مع الدول التي لها تجارب مهمة في هذا السياق.
وتطرّق إلى تغييرات جوهرية ترتبط باهتمام بعض الدول لتعزيز استقلاليتها الشاملة؛ من خلال تبنّيها وتوسيعها لسياسات الحمائية الاقتصادية، لتجنّب الأزمات والمخاطر الخارجية كما حدث في مواجهة تداعيات أزمة كورونا، واضطراب خطوط الإمداد عالميًّا، مشيرًا الى أن هذه السياسات، بين دول العالم المختلفة، قد تتسبّب في خسائر قدرها 211 مليار دولار أمريكي سنويًّا.
تحولات عالمية متسارعة.. ودور إماراتي محوري
وأشار إلى أن السنوات القادمة ستشهد استمرارًا للتحولات المتسارعة في الاقتصاد العالمي، سواء بسبب الأحداث الحالية أو بسبب توجهات وخطط الدول نحو عام 2050؛ فالمؤشرات الاقتصادية تعكس احتمالاتٍ كبيرةً باستمرار صعود اقتصاديات الدول الناشئة السبع “الصين والهند وروسيا والبرازيل والمكسيك وتركيا وإندونيسيا” مقارنة بمجموعة دول السبع، حيث تشير التوقعات إلى نمو اقتصادات الدول الناشئة بنحو 3.5% سنويًّا مقابل 1.6% لاقتصاد مجموعة دول السبع.
وأضاف أنه بحلول منتصف القرن الحالي يُتوقَّع أن يصبح اقتصاد الصين هو الأكبر عالميًّا، فيما ستحتلّ الهند المرتبة الثانية، على حساب تراجع ترتيب كلٍّ من أوروبا والولايات المتحدة.
وتطرق إلى التحديات التي ستواجه المنطقة، فأشار إلى مشكلات البطالة والتعليم وما يتعلق بالتركيبة السكانية، مؤكدًا أهمية التركيز على الشباب الذين سيشكلون نحو 22% من سكان العالم العربي عام 2050، والذي سيبلغ 604 ملايين نسمة وهذا تحدٍّ كبير أمام المجتمعات والاقتصادات في المنطقة.
ولفت إلى استمرار مشكلة تواضع مشاركة المرأة العربية في سوق العمل، مضيفًا أن نسبة بطالة النساء في الدول العربية تبلغ 47% مقارنة بـ 16% عالميًّا وقال إن نسبة سكان الحضر في الدول العربية قد ترتفع لتصل إلى 75% من إجمالي السكان، وهو ما سيدعم فرص التنمية، ولكنه سيشكل ضغطًا كبيرًا على البنية التحتية والخدمات العامة في المناطق الحضرية.
وأكد أن لدولة الإمارات دورا مهما في حل النزاعات على الصعيدَين الإقليمي والدولي، وتُولي أهمية كبيرة لتطوير علاقاتها مع دول أفريقيا جنوب الصحراء، التي تسجّل نموًا اقتصاديًّا متسارعًا، مشيرًا إلى أن دولة الإمارات تعدّ رابع مستثمر في أفريقيا بعد الصين وأوروبا والولايات المتحدة، كما أن دولة الإمارات تُولي أهمية كبيرة لتعزيز علاقاتها مع دول أوروبا الشرقية التي تمتلك خبراتٍ كبيرةً في مجال التحوُّل الرقمي، الذي يعمل فيه نحو 1.7 مليون من العمالة الماهرة.