الابتكار الزراعي.. مبادرات إماراتية تعزز جهود مواجهة التغير المناخي
مساحة واسعة أفردتها دولة الإمارات لملف "الابتكار الزراعي"، حتى باتت صاحبة سجل حافل وباع طويل في مجال يخدم بكثرة قضيتي الزراعة والمناخ.
وتولي أبوظبي أولويةً قصوى منذ سنوات طويلة للابتكار العالمي في مجال إنتاج الغذاء، نظراً لاعتمادها إلى حد كبير على الواردات الغذائية.
اهتمام دولة الإمارات بهذا المجال الحيوي ترجمته للعديد من المبادرات والمشاريع المحلية والدولية، آخرها "مبادرة الابتكار الزراعي للمناخ" التي وقعتها مع الولايات المتحدة خلال قمة القادة للمناخ قبل أشهر.
بالتزامن مع فعاليات قمة الأمم المتحدة لتغير المناخ في غلاسكو - ببريطانيا، تستعرض "العين الإخبارية" جانبا من مبادرات الابتكار الزراعي الإماراتي.
وانطلقت أكبر قمة مناخية على الإطلاق "كوب26" COP26، الأحد، بحضور قادة من جميع أنحاء العالم وتستمر حتى 11 نوفمبر/تشرين الثاني، وهي الأمل الأخير والأفضل لحصر الاحترار بـ1.5 درجة مئوية.
مبادرة الابتكار الزراعي للمناخ
تعد مبادرة "الابتكار الزراعي للمناخ" أحدث حلقة في سلسلة إنجازات الإمارات في مجالين مهمين للغاية هما: الزراعة والمناخ.
وكشفت دولتا الإمارات والولايات المتحدة، خلال أبريل 2021، عن مبادرة الابتكار الزراعي للمناخ، خلال قمة القادة للمناخ التي عقدت افتراضياً برعاية الرئيس الأميركي جو بايدن.
المبادرة تدعمها بريطانيا والبرازيل والدنمارك وإسرائيل وسنغافورة وأستراليا والأورغواي، وتهدف إلى تكثيف وتسريع جهود الابتكار والبحث والتطوير العالمية في جميع جوانب القطاع الزراعي خلال 5 سنوات مقبلة للحد من تداعيات تغير المناخ والتكيف معه.
من المقرر إطلاق "مبادرة الابتكار الزراعي للمناخ"، رسمياً، خلال مؤتمر الدول الأطراف في غلاسكو، بهدف بناء تحالف أوسع لتحفيز المزيد من الاستثمارات في البحث والتطوير الزراعي ورفع سقف الطموحات العالمية ودعم العمل المناخي في جميع الدول.
تفكير الإمارات في إطلاق المبادرة جاء "استجابة لما يشهده عالمنا اليوم من زيادة مستمرة في عدد السكان، والحاجة المتزايدة لإنتاج الغذاء، في وقت تسهم فيه تداعيات تغير المناخ على الحرارة والطقس"، وفقا للرؤية الإماراتية.
إضافة إلى التأثيرات الموسمية على الممارسات الزراعية، ما دفع الكثير من المزارعين نحو حافة الفقر، الأمر الذي يتطلب تطوير تقنيات وأساليب جديدة مبتكرة لتمكين القطاع من التعامل مع تحديات تغير المناخ، مع تقليل انبعاثات غازات الدفيئة وخلق فرص اقتصادية ومهارات ووظائف جديدة.
القطاع الزراعي يسهم بنحو ربع انبعاثات غازات الدفيئة في العالم، ويعد كذلك واحداً من أكثر القطاعات عرضةً لتأثيرات تغير المناخ، وكلها أسباب وجيهة دفعت الإمارات للكشف عن مبادرتها.
تسعى مبادرة الابتكار الزراعي للمناخ لتحقيق هدف بالغ الأهمية يتمثل في تسريع وتيرة الابتكار الزراعي العالمي من خلال تكثيف جهود البحث والتطوير، وتسليط الضوء على الحلول الزراعية المستندة إلى البيانات العلمية من أجل الحد من تداعيات تغير المناخ والتكيف معه.
من خلال مبادرة الابتكار الزراعي للمناخ، تعمل الإمارات مع الولايات المتحدة وشركائها الآخرين لتحفيز الاستثمار وتعزيز الالتزام في هذا القطاع، لخفض تكلفة مصادر الطاقة المتجددة من خلال الاستثمار المبكر والسياسات الواضحة والشراكات الدولية.
مبادرة درع الابتكار الزراعي
أطلقت وزار التغير المناخي والبيئة الإماراتية، بتاريخ 21 نوفمبر 2016، مبادرة "درع الابتكار الزراعي" ضمن أسبوع الإمارات للابتكار.
و"درع الابتكار الزراعي" مسابقة تتطلب مشاركة متعاملي الوزارة من المزارعين، تقديراً لابتكاراتهم الزراعية المميزة ذات الصلة بعمل الوزارة، كما يعتبر دعما لجهودهم وإسهاماتهم في تنمية القطاع الزراعي.
للاشتراك في المسابقة يشترط أن يشمل الأسلوب الزراعي المتبع أحد الأساليب الزراعية التي تتضمن الزراعة المحمية، والزراعة المائية، والزراعة العضوية.
كما يشترط أن ينتج المزارع محاصيل زراعية متنوعة باستخدام تقنيات زراعية حديثة، متبعا وسائل تسويقية فعالة وذكية لتسويق المنتجات الزراعية، إضافة إلى إسهام المزارع في إدخال أصناف زراعية جديدة ذات جدوى اقتصادية.
ولحماية البيئة ومراعاة أزمة المناخ، يراعى في المشترك التأثير الإيجابي لأسلوبه الزراعي على البيئة وصحة الإنسان، حيث تعطى الأفضلية للممارسات الصديقة للبيئة من حيث استخدام المبيدات والاسمدة، وكذلك الاستخدام الامثل للموارد المائية، وسيتم التقييم من خلال لجنة داخلية بالوزارة.
منصة أبحاث الغذاء
تتبنى الإمارات نهجا واضحا تجاه تعزيز أمنها الغذائي وفق أسس مستدامة تتبنى التكنولوجيا الحديثة والابتكار كمنهج عمل في استراتيجياتها الوطنية، مع مراعاة تحقيق أهداف المناخ العالمية.
وأطلقت الإمارات العديد من المبادرات التي تهدف إلى تطبيق تكنولوجيا الزراعة الحديثة والمضي قدماً في منظومة متكاملة للبحث والتطوير، بما يخدم إيجاد حلول للتحديات الغذائية.
وضمن مبادراتها في مجال الابتكار الزراعي وتعزيز أمنها الغذائي، أطلقت الإمارات "منصة أبحاث الغذاء" فبراير 2020؛ لتوفر مصدراً مفتوحاً لأحدث الأبحاث العلمية حول الغذاء وتطوير الإنتاج الغذائي المستدام.
المنصة الإماراتية تعد الأولى من نوعها في المنطقة وتهدف إلى تكوين قاعدة معرفية لجميع البحوث العلمية والتطبيقية التي تنفذ في الدولة بمجال الأمن الغذائي، كما تؤدي المنصة دوراً مهماً في تنظيم عملية البحث والتطوير ومواءمتها مع الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي.
وتتيح منصة "أبحاث الغذاء الإلكترونية" تعريف الأفراد ومختلف الجهات على أحدث نتائج جهود البحث والتطوير وتطبيق التقنيات الحديثة في مجال الأمن الغذائي، وكذلك تشجيع الاستثمار في آليات إنتاج الغذاء المستدام لضمان ازدهار الأجيال الحالية والمستقبلية.
مبادرات التكنولوجيا الزراعية
تولي دولة الإمارات أهمية خاصة بقطاع الزراعة الحيوي منذ سنوات وما يخدمه من أحدث الوسائل والأساليب التكنولوجية، باعتباره القطاع الذي يقدم الحلول لأبرز القضايا العالمية.
وأعلنت الإمارات، في مايو 2019، عن سلسلة من الحزم التحفيزية تصل قيمتها إلى مليار درهم إماراتي في قطاع التكنولوجيا الزراعية للبلاد، بغية تعزيز الأعمال والمساعدة على تحفيز الزراعة في البلاد.
وقال الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، آنذاك: "أطلقنا المبادرة بغية تسريع نمو شركات التكنولوجيا الزراعية المحلية، وتشجيع الشركات العالمية الأخرى الرائدة في هذا المجال للاستثمار في أبوظبي، ما يساعد على تحويل القطاع وخلق فرص جديدة تؤثر في الاقتصاد إيجاباً على المديين المتوسط والبعيد".
أحد أهداف المبادرة تطلع الإمارات قدماً لجعل أبوظبي مركزاً رائداً على المستوى العالمي للابتكار الزراعي في البيئات الصحراوية، فضلا عن جذب الشراكات الدولية لدعم الأبحاث والتنمية في قطاع التكنولوجيا الزراعية.
تمنح الحزم التحفيزية للشركات المحلية والأجنبية في 3 قطاعات فرعية أساسية: الزراعة الدقيقة والروبوتات الزراعية، والطاقة الحيوية (الطحالب) والزراعة المنزلية الداخلية. كما يمكن أن تصل الحوافز إلى حسم يصل %75 من نفقات البحث والإنتاج.
مبادرة المزارع الذكية
الزراعة الذكية هي إحدى التقنيات والمفاهيم الجديدة في مجال الزراعة، وتبرز أهميتها في ظل عدم قدرة الأساليب التقليدية على تلبية الاحتياجات الغذائية الأساسية ومواجهة الظروف والتحديات المناخية.
وتعد الإمارات أول دولة في المنطقة العربية تتجه إلى الزراعة الذكية، بهدف تحقيق الاستدامة في الإنتاج الزراعي والتكيّف مع الظروف الجوية الصعبة.
ويساعد الاعتماد على الأنظمة الذكية والاستفادة من التكنولوجيا الحديثة وتقنيات الثورة الصناعية الرابعة في المحافظة على الأراضي الصالحة للزراعة وترشيد استخدام الموارد الطبيعية.
وتشمل هذه الأنظمة مسح الحقول بطائرات درون، ورسم خرائط للأعشاب الضارة، وتسجيل تباينات المحاصيل والتربة.
أيضا يتضمن توجيه أسطول من الروبوتات الزراعية نحو المحاصيل، لتنجز أعمال التعشيب والتسميد والحصاد، بينما تخفض الروبوتات القادرة على تطبيق عمل المناضح في التسميد، التكلفة بنسبة تصل ل 99.9 %.
وتوفّر تقنية الزراعة المائية الحد من استهلاك المياه بنسبة تصل إلى 90% مقارنة مع الزراعة التقليدية.