على هامش زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات إلى روسيا، خلال الفترة الماضية، حضر أعمال القمة الـ16 لقادة مجموعة (بريكس).
القمة افتتحها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مدينة قازان الروسية وعقدت خلال الفترة من 22 إلى 24 أكتوبر/تشرين الأول 2024 الجاري.
وتعتبر المشاركة الأولى لدولة الإمارات باعتبارها عضواً في مجموعة (بريكس) وتعقد القمة في هذا العام تحت شعار (التعددية من أجل التنمية والأمن العالميين العادلين) بمشاركة من دول المجموعة ورؤساء حكوماتها وممثلي الدول المدعوة وعدد كبير من المنظمات الحكومية.
يذكر أن قمة (بريكس) هي اجتماع سنوي يعقد بين الدول الأعضاء والتي تشمل البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، وغيرها وقد تأسست هذه المجموعة بهدف تعزيز التعاون الاقتصادي والسياسي بين الدول الناشئة والمؤثرة على الساحة العالمية، وتشجيع التنمية المستدامة.
لقد أكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، عبر حسابه الرسمي على منصة إكس عن مشاركته ودعمه لأعمال القمة قائلاُ: "سعدتُ بالمشاركة في قمة مجموعة (بريكس) في مدينة قازان الروسية، دولة الإمارات تدعم العمل الدولي متعدد الأطراف الذي يخدم التنمية والسلام إقليمياً ودولياً، ويعزز المواجهة الجماعية للتحديات العالمية المشتركة، ومن خلال عضويتها في المجموعة تعمل الدولة مع باقي الدول الأعضاء على تحقيق هذه الأهداف لمصلحة الجميع).
إن انضمام دولة الإمارات إلى (بريكس) يعكس تحولاً في السياسة العالمية، حيث تسعى الدول النامية والمؤثرة إلى تحقيق توازن أكبر في النظام الدولي الاقتصادي والسياسي، وهذا التوسع يمكن النظر إليه كجزء من جهود (بريكس) لمواجهة هيمنة المؤسسات الاقتصادية الغربية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، ويُعد خطوة استراتيجية نظرًا لدورها الهام في الاقتصاد العالمي، خاصة في مجالات الطاقة والتجارة والاستثمار والتنمية.
هذا الانضمام سيتيح لدولة الإمارات الاستفادة من الاقتصاديات الكبيرة داخل المجموعة وتعزيز دورها في التجارة متعددة الأطراف والدبلوماسية الدولية.
كما سيعمل على تعزيز التعاون في مجالات الاستثمار والطاقة والبنية التحتية والتكنولوجيا، والإسهام في تطوير مصادر جديدة للاستثمار والنمو بعيدًا عن الاعتماد على الأسواق التقليدية.
إن هذا الانضمام إلى كتلة اقتصادية مهمة يمكن أن يعزز من قدرة الإمارات على بناء علاقات دبلوماسية وتجارية جديدة مع جميع الدول الأعضاء في المجموعة.
ولن يقتصر انضمام دولة الإمارات على المكاسب الاقتصادية، بل إن العلاقات سوف تتوسع وتأخذ الطابع السياسي الذي قد يفتح آفاقا واعدة ومزيدا من التعاون سواء بين دولة الإمارات وباقي أعضاء المجموعة، أو بين دول مجموعة «بريكس» ومختلف بلدان العالم.
إن نيل الإمارات لعضوية «بريكس» سوف يساعد على جذب مزيد من الاستثمارات من الخارج إلى أراضيها، نظراً لأن دول المجموعة تشكل مصدراً مهماً للاستثمار الخارجي، خاصة أن من بين أعضائها، صاحبة أحد أكبر الاقتصادات على مستوى العالم وهي (الصين) بجانب(الهند) و(روسيا).
كذلك تعتبر بعض بلدان «بريكس» مصدراً حيوياً للاستثمارات المباشرة فيها، مثل التعدين والنقل والخدمات المالية وتكنولوجيا المعلومات والطاقة النظيفة وصناعة السيارات، مما يخلق مزيداً من فرص العمل ويساعد على الابتكار ودعم فرص العمل، ويعزز التجارة والاستثمارات المتبادلة بين الدول الأعضاء.
وفي المقابل تعتبر دولة الإمارات من أكبر الأسواق الخليجية وصاحبة الاستثمارات المتنوعة حول العالم، وسيشكل انضمامها إلى هذه المجموعة تأثيراً كبيراً على الساحة الدولية وتوسيع رقعة نفوذها، بما يتلاءم مع التغيرات في المشهد السياسي والاقتصادي العالمي.
كما سيعزز من قدرات المجموعة في مجالات البحث العلمي والتكنولوجيا والابتكار، بفضل ما تحظى به من قاعدة علمية وتقنية راسخة، خاصة في مجالات الفضاء والذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا المعلومات والطاقة النووية وغيرها.
باختصار، نستطيع أن نؤكد عمق الرؤية الإماراتية المتبصرة، التي تقوم على أن الشراكات قادرة على تجاوز التحديات التي تواجه البشرية مثل التغير المناخي وأمن الغذاء والطاقة والاستدامة وغيرها، يشكل انضمام دولة الإمارات إلى قمة «بريكس» خطوة هامة قد تعزز من مكانتها كلاعب عالمي مؤثر وتعطي دفعة إضافية للتنوع الاقتصادي والتنمية المستدامة في البلاد.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة