رئيس تشيلي بالإمارات.. زيارة تاريخية تدفع العلاقات لمستقبل واعد
زيارة تاريخية لرئيس تشيلي غابرييل بوريك فونت، لدولة الإمارات، هي الأولى من نوعها بهذا المستوى، تدشن لمرحلة جديدة من الشراكة والتعاون.
ويبحث الرئيس التشيلي مع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات خلال الزيارة الرسمية التي بدأت اليوم الإثنين، مختلف جوانب التعاون خاصة الاقتصادية والتجارية والتنموية بين دولة الإمارات وتشيلي، بما يخدم أولويات التنمية والازدهار المستدام في البلدين.
أهمية خاصة
زيارة تحمل أهمية خاصة لأكثر من سبب، أبرزها أنها الزيارة الأولى التي يقوم بها رئيس تشيلي لدولة الإمارات منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين عام 1978.
القمة المرتقبة بين الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والرئيس غابرييل بوريك فونت هي قمة تاريخية كونها أول لقاء يجمع الزعيمين منذ توليهما مقاليد الحكم قبل نحو عامين، كما أنها أول قمة ثنائية تجمع قادة البلدين.
كذلك تحمل الزيارة أهمية خاصة كونها تأتي بعد 3 شهور من إنجاز البلدين بنجاح مفاوضات اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بينهما، خلال زيارة الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي وزير الدولة الإماراتي للتجارة الخارجية إلى سانتياغو في أبريل/نيسان الماضي.
ويتوقع أن تدشن الزيارة التاريخية لرئيس تشيلي لدولة الإمارات مرحلة جديدة في علاقات البلدين تنطلق بها إلى آفاق أرحب في التعاون والشراكة على مختلف الأصعدة السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والثقافية وغيرها.
كذلك ستسهم المباحثات التي تتخلل الزيارة مع القيادة الإماراتية وما ستسفر عنه من نتائج واتفاقيات في رسم خارطة طريق لمستقبل واعد في علاقات البلدين، ولا سيما على صعيد تعزيز التعاون الاقتصادي بينهما، بما يسهم في دعم المساعي المشتركة لتحقيق التنمية الشاملة والازدهار الاقتصادي المستدام.
لقاءات وزيارات
وتتوج الزيارة الأولى لرئيس تشيلي إلى دولة الإمارات مرحلة تقارب كبير في علاقات البلدين في الفترة الأخيرة، ظهرت جلية في اللقاءات والزيارات المتبادلة والمباحثات المشتركة.
وقبل نحو شهرين، أجرى الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، مباحثات هاتفية يوم 20 مايو/أيار الماضي مع نظيره التشيلي ألبرتو فان كلافيرين، تناولت العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها بما يخدم المصالح المتبادلة للبلدين وشعبيهما.
واستعرض الجانبان، آفاق التعاون المشترك في عدة مجالات ومنها الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والطاقة المتجددة وسبل تنميتها وتطويرها خاصة مع إعلان البلدين مؤخرا إنجاز مفاوضات اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة.
وأكد الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، خلال الاتصال، حرص دولة الإمارات على ترسيخ علاقات تعاون قوية ومتنامية مع جمهورية تشيلي ودول أمريكا اللاتينية الصديقة.
جاءت المباحثات بعد أيام من استقبال صقر غباش، رئيس المجلس الوطني الاتحادي، في مقر المجلس بأبوظبي، باتريسيو دياز بروتون، سفير جمهورية تشيلي لدى الدولة في الخامس عشر من الشهر نفسه.
وجرى خلال اللقاء بحث سبل تعزيز علاقات التعاون الثنائية وبناء شراكات استراتيجية مع جمهورية تشيلي ومختلف دول أمريكا الجنوبية في العديد من القطاعات ذات الاهتمام المشترك، سواء في المجال الاقتصادي أو الاستثماري أو الأمن الغذائي أو الطاقة المتجددة أو الابتكار والتكنولوجيا الحديثة ومواجهة التغير المناخي والتنمية المستدامة، بما يدعم تحقيق تطلعات البلدين في الاستقرار والازدهار والنماء المستدام.
وأكد غباش أهمية تعزيز العلاقات البرلمانية الإماراتية مع جمهورية تشيلي، ووضع آليات عمل لتطوير آفاق التعاون البرلماني، وتبادل المعلومات والخبرات البرلمانية، والتنسيق لتوحيد الآراء والمواقف في مختلف المحافل البرلمانية الدولية مثل الاتحاد البرلماني الدولي وبرلمان أمريكا اللاتينية.
أيضا، أجرى وفد إماراتي رفيع المستوى برئاسة الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي وزير الدولة الإماراتي للتجارة الخارجية زيارة إلى تشيلي في أبريل/نيسان الماضي بهدف تعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية بين البلدين، ودفعها إلى آفاق أرحب.
وتوجت تلك الزيارة بإنجاز دولة الإمارات العربية المتحدة، وجمهورية تشيلي، بنجاح مفاوضات اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين الدولتين.
ووقع كل من الدكتور ثاني بن أحمد الزيودي وزير الدولة الإماراتي للتجارة الخارجية، وألبرتو فان كلافيرين وزير الخارجية في تشيلي، بياناً مشتركاً لإعلان الاختتام الناجح للمحادثات والتوصل للبنود النهائية لاتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين الدولتين.
وعقب التوقيع عليها رسمياً، جرى استكمال إجراءات التصديق في البلدين، ولاحقاً البدء بتنفيذها، حيث ستقوم الاتفاقية بإزالة أو تخفيض الرسوم الجمركية على غالبية السلع والخدمات التي تدخل الدولتين، وستزيل الحواجز غير الضرورية أمام التجارة المشتركة، مع تبسيط الإجراءات الجمركية، وتحسين وصول المصدّرين والمستثمرين إلى الأسواق، بالتوازي مع تعميق التعاون بين الدولتين عبر قطاعات عدة، ومنها الطاقة والتجارة الرقمية والتعدين والسياحة والزراعة وإنتاج الغذاء.
وستساعد هذه الشراكة على تحفيز النمو المستدام والمفيد للطرفين في تجارة السلع والخدمات، والاستثمار، والتعاون الاقتصادي
وتمتلك تشيلي اقتصاداً ناشئاً ومتزايد الأهمية، كما تعدّ رابع أكبر اقتصاد في أمريكا الجنوبية، وأكبر منتجة للنحاس حول العالم، وثاني أكبر منتجة لليثيوم، كما تزخر بالموارد الزراعية والثروة السمكية والغابات.
وبلغ حجم التجارة غير النفطية لدولة الإمارات مع تشيلي 305.1 مليون دولار عام 2023، مما يمثل نمواً ضخماً بنسبة 23.6% منذ عام 2019.
أيضا على صعيد الزيارات المتبادلة بين البلدين، شهدت “القمة العالمية للحكومات 2024 ” التي استضافتها الإمارات فبراير/شباط الماضي مشاركة فاعلة لدول أمريكا اللاتينية على المستوى الحكومي.
ومن بين المشاركين البارزين في القمة فيليب ريفارا مدير الخدمة الوطنية العامة في حكومة تشيلي.
أيضا سيق أن أجرى الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، زيارة إلى العاصمة التشيلية سانتياغو في أكتوبر/تشرين الأول 2023 بحث خلالها مع نظيره التشيلي ألبيرتو فان كلافيرين العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها في المجالات كافة.
وأكد الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، خلال اللقاء، أن دولة الإمارات حريصة على بناء شراكات إيجابية وبناءة مع جمهورية تشيلي، واستثمار كافة الفرص المتاحة لتعزيز آفاق التعاون المشترك الداعم لمسارات التنمية الشاملة والمستدامة في المجتمعات.
من جانبه أكد ألبيرتو فان كلافيرين، تطلع بلاده إلى تعزيز علاقاتها الثنائية مع دولة الإمارات على مختلف الأصعدة.
وسبق أن أجرى الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان زيارة إلى تشيلي في مارس/ آذار 2019، حيث عقد سلسلة من الاجتماعات المهمة مع مجموعة من الوزراء والمسؤولين في الحكومة التشيلية.
كما أجرى زيارة أخرى في أكتوبر/تشرين الأول 2009، التقى خلالها ميشيل باشيليت رئيسة جمهورية تشيلي آنذاك.
جاءت تلك الزيارة بعد أيام من زيارة ماريانو فرنانديز وزير خارجية تشيلي آنذاك إلى دولة الإمارات، أعقبها زيارة أخرى لدولة الإمارات في يناير/كانون الثاني 2020 لتيودورو ريبيرا وزير خارجية تشيلي آنذاك.
أما الزيارة الأعلى مستوى في تاريخ العلاقات بين البلدين، فقد أجراها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، إلى العاصمة التشيلية سانتياغو في أبريل/نيسان 2014، وأجرى خلالها مباحثات مع ميشيل باتشيليه رئيسة جمهورية تشيلي آنذاك.
وجرى خلال تلك الزيارة التوقيع على اتفاقية ثنائية بين البلدين تتصل بتجنب الازدواج الضريبي ومذكرة تفاهم بين البلدين خاصة في العلاقات الثقافية وتعزيز التبادل الثقافي بين الحكومتين والتعاون في هذا المجال مع التأكيد على أهمية تطوير وسائل الحوار بين مختلف الثقافات الدولية والمساهمة في بناء جسور التواصل الثقافي بين الشعوب من أجل السلام والتعايش والاستقرار.
تاريخ العلاقات
وتشكل الزيارة الأولى لرئيس تشيلي غابرييل بوريك فونت، إلى دولة الإمارات، دفعةً قويةً للعلاقات بين البلدين التي يمتد تاريخها لنحو 46 عاما.
وتأسست العلاقات الدبلوماسية بين دولة الإمارات وجمهورية تشيلي في يونيو/حزيران عام 1978.
جاء ذلك في إطار اهتمام وحرص دولة الإمارات على إقامة علاقات دبلوماسية مع دول أمريكا اللاتينية، حيث ترتكز السياسة الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة، التي وضع نهجها المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، على قواعد استراتيجية ثابتة تضمن الالتزام بميثاق الأمم المتحدة واحترام الاتفاقيات والقوانين الدولية لإقامة علاقات مع جميع دول العالم على أساس الاحترام المتبادل.
وفي عام 2006، افتتحت تشيلي مكتباً تجارياً لها في دبي، بينما افتتحت سفارتها في أبوظبي في أبريل/نيسان عام 2009.
أما دولة الإمارات العربية المتحدة فقد افتتحت سفارتها في سانتياغو في يونيو/حزيران عام 2011.
يجمع بين كلا البلدين علاقات ثنائية وطيدة في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، يرتقب أن تتعزز إلى آفاق أرحب بعد القمة التاريخية التي ستجمع بين رئيس الإمارات ونظيره التشيلي وما سيتخللها من مباحثات ونتائج.