الإمارات ترتقي بجودة هوائها بالمختبرات الذكية والأقمار الصناعية
تلوث الهواء أحد القضايا الأساسية على الصعيد العالمي؛ فوفقاً للأمم المتحدة يشكل تلوث الهواء أكبر خطر على الصحة في العالم.
تضع دولة الإمارات العربية المتحدة المحافظة على جودة الهواء في مستوى الأولويات الوطنية الرئيسية لتحقيق الاستدامة البيئية وتوفير أفضل حياة صحية لجميع أفراد المجتمع، وذلك عن طريق منظومة متكاملة للارتقاء بجودة الهواء ونقائه.
ويشكل تلوث الهواء أكبر خطر بيئي منفرد على الصحة في العالم، وبحسب تقرير للأمم المتحدة فإن التعرض للتلوث مسؤول عن وفاة 6.5 مليون شخص سنوياً، إذ يستنشق 9 من كل 10 أشخاص هواءً ملوثاً يتجاوز المستويات المقبولة التي تحددها المبادئ التوجيهية لمنظمة الصحة العالمية.
وتضع دولة الإمارات العربية المتحدة مؤشر نسبة جودة الهواء ضمن 52 مؤشر أداء وطنيا رئيسيا، تضمنتها أجندة 2021 التي تستهدف رفع جودة الهواء إلى نسبة 90% بحلول عام 2021، وفق ما أكدته المهندسة عائشة العبدولي، مدير إدارة التنمية الخضراء في وزارة التغير المناخي والبيئة بالإمارات.
وأشارت العبدولي إلى أن نسبة جودة الهواء الحالية في دولة الإمارات تجاوزت 78%، بفضل تعزيز قدرتها على رصد وقياس مستوى جودة الهواء والتوسع في إنشاء محطات رصد ذات جودة عالية تتوافق في مواصفاتها مع المحطات المعتمدة عالميا، خلال السنوات الماضية.
وكشفت مدير إدارة التنمية الخضراء في وزارة التغير المناخي والبيئة بالإمارات أن عدد محطات رصد جودة الهواء المحيط وصل في عام 2018 إلى 42 محطة موزعة في مختلف أرجاء الدولة، مقابل 22 محطة فقط في عام 2007.
وإلى جانب الرصد التقليدي الذي توفره المحطات الأرضية، أطلقت وزارة التغير المناخي والبيئة الإماراتية، بالتعاون مع جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا في سبتمبر الماضي، مؤشر جودة هواء الإمارات ضمن التطبيق الذكي للوزارة، الذي يوفر قراءة دقيقة لنوعية الهواء عن طريق الأقمار الصناعية بصورة آنية.
ويتيح المؤشر توظيف التقنيات المبتكرة والحديثة في عمليات الرصد الحي والفوري لجودة الهواء، إضافة إلى عرض التنبؤات لحالة جودة الهواء لفترة تصل إلى 3 أيام متتالية، حيث تم تطوير خوارزميات، للتنبؤ بجودة الهواء والمواد الجسيمية ذات القطر الأقل من 2.5 ميكرون.
وتستند الحسابات لمؤشر جودة الهواء على قياسات 4 ملوثات رئيسية، هي: ثاني أكسيد النيتروجين NO2، وأول أكسيد الكربون CO، والأوزون الأرضي O3، وثاني أكسيد الكبريت SO2.
ويقسم مؤشر جودة الهواء من 0 إلى 500 درجة، وتمثل الدرجة 500 أعلى قيمة؛ أي هواء أكثر تلوثا وتهديدا أكبر للصحة، وكلما نقصت القيمة دلت على هواء أكثر نقاء، وتهديد أقل لصحة الإنسان.
وتعتبر نسب جودة الهواء التي سجلتها الإمارات في عام 2017 والبالغة 78% نسبة مطمئنة جداً، وهي تشكل ترجمة حقيقية للجهود التي تبذلها وزارة التغير المناخي والبيئة الإماراتية مع شركائها في القطاعين الحكومي والخاص للحد من مصادر التلوث عبر توظيف أحدث النظم والتقنيات وتطبيق أفضل الممارسات، بما في ذلك وضع وتطوير المعايير الوطنية لتلوث الهواء ومراقبة الالتزام بها، والتحول نحو الاقتصاد الأخضر، وزيادة استخدام الطاقات النظيفة في مختلف المجالات، واستدامة قطاع النقل، وتطوير شبكة مراقبة نوعية الهواء والاعتماد على التقنيات والحلول الذكية في رصد أنواع الملوثات.
وفي نهاية عام 2017 أعلنت وزارة التغير المناخي والبيئة بالتعاون مع شركائها من الجهات المحلية المعنية عن مشروع دراسة جرد انبعاثات ملوثات الهواء لدولة الإمارات بهدف توفير بيانات مفيدة ومحدثة عن انبعاثات الملوثات التي يمكن أن تؤثر على صحة الإنسان والصحة العامة، ومساعدة صناع القرار في التخطيط للمشاريع التحسينية ووضع حدود للانبعاثات وأهداف للتخفيض.
ويتضمن المشروع تطوير منهجية لحصر انبعاثات ملوثات الهواء بالإضافة إلى تحسين جودة الهواء والتي تعد جزءاً من مؤشرات الأداء الرئيسية في الأجندة الوطنية لعام 2021 بدولة الإمارات، ومن المتوقع أن يتم الإعلان عن نتائج هذه الدراسة خلال عام 2019.
وعززت وزارة التغير المناخي والبيئة الإماراتية من إمكانيات مراقبة وقياس جودة الهواء من خلال مختبر للذكاء الاصطناعي استحدثته في سبتمبر الماضي عبر تعاون وشراكات مع جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا، والوكالة الدولية للطاقة المتجددة "آيرينا".
ويهدف المختبر إلى حماية البيئة من خلال رصد وتحليل المعلومات المتاحة بشكل دقيق وتوظيفها في اتخاذ القرارات المناسبة، معتمداً على أحدث التقنيات العالمية المتاحة، التي باتت تلعب دوراً محورياً في القطاع البيئي، وخاصة في مجالات الرصد وتحليل البيانات والاتصالات وتخزين المعلومات واسترجاعها.
ويضم المختبر 3 أنظمة رئيسة من بينها نظام يختص بالرصد البيئي ويشمل الرصد اللحظي والتنبؤ لبيانات تراكيز ملوثات الهواء، بالإضافة إلى خرائط لحظية للطاقة الشمسية في دولة الإمارات العربية المتحدة ونظام المحاكاة للطاقة الشمسية، و نظام رصد البيئة البحرية.