زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الإمارات اليوم تحظى باهتمام سياسي كبير على مستوى المراقبين والسياسيين في العالم.
تحظى زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى دولة الإمارات اليوم باهتمام سياسي كبير على مستوى المراقبين والسياسيين في العالم منتظرين النتائج التي ستتمخض عنها، وذلك انطلاقاً من مكانة الإمارات في الإقليم ومن طبيعة المرحلة السياسية التي تمر بها المنطقة التي تعاني فراغاً استراتيجياً حقيقياً يتضح من واقع تمرد وغطرسة نظامي تركيا وإيران.
وكذلك انطلاقاً من حجم الكاريزما السياسية التي تمثلها شخصية الرئيس بوتين نفسه الذي له فهمه الخاص لبلاده في مرحلة ما بعد الحرب الباردة، فهو مثل أي قائد لديه رؤيته الاستراتيجية التي يرسم من خلالها سياسة بلاده الخارجية ومنها إلى الدور الدولي الذي يعتقده لها.
وبالنظر إلى تاريخ العلاقات الإماراتية أو الخليجية عموماً مع روسيا الاتحادية أو حتى السوفيتية (قبل انهياره في 1989) قد لا نجد أرضيات عميقة مشتركة في ناحية المصالح وناحية تاريخها، لكن بإمكاننا كمراقبين أن نبني فكرة واضحة حول طموحات الرئيس بوتين الذي تعهد بألا يترك روسيا إلا وهي دولة عظمى على عكس سلفه ديمتري ميدفيديف الذي ركز على الوضع الداخلي والإقليمي فقط. فهو (بوتين) من خلال طبيعة الاحتكاك السياسي مع الولايات المتحدة والصين في الأزمات والقضايا الدولية ومواقفه المؤثرة فيها، التي وصلت إلى داخل الولايات المتحدة، أعطى مؤشراً أن دور بلاده السياسي والعسكري ينمو على الساحة الدولية، وبالتالي فإنه يسعى لإنهاء احتكار نظام الدولة العظمى الوحيدة في العالم التي ظهرت بعد انتهاء حقبة الحرب الباردة.
يحاول بوتين إيجاد موطئ قدم لتأسيس وجود سياسي لبلاده في المنطقة بأكملها وليس في سوريا فقط، وهو يختلف عن السياسة الأمريكية أنه لا يبني علاقاته وفق أيديولوجية معينة تفرض على الدول الأخرى تغير طريقة التعاطي معها، وبهذا الأسلوب الروسي مع ثقلها الدولي أصبح وجوده في داخل المنطقة مطلوباً
بلا شك أن هناك حاجة حقيقية متبادلة بين البلدين في تطوير علاقتهما في هذه اللحظة، فإذا كانت دولة الإمارات واحدة من دول الثقل ومركز مهم في صناعة القرار العربي بحكم دورها الفعال في مواجهة التحديات التي تواجه الأمن القومي العربي مثل: تيارات الإسلام السياسي التي تعاني منها روسيا أيضاً بحكم دول الجوار لها، ومثل الطموحات الإيرانية في المنطقة التي تتأثر بطبيعة علاقتها بالولايات المتحدة، حيث كشفت سياسة الاعتماد على حليف "وحيد" عن أنها سياسة يمكن أن تتسبب في أخطاء كبيرة في حال اختلفت المصالح كما حدث في الاتفاق النووي مع إيران.
في مقابل ذلك، فإن روسيا بقيادة بوتين تبحث عن حليف متوازن يساعدها في "اختراق" أو عمل ثغرة في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، المنطقة الجغرافية المهمة في الاستراتيجية الدولية خاصة، وأن اللحظة التاريخية تبدو سانحة سواء من حيث تراجع الدور الأمريكي في المنطقة، أو من حيث رغبة الإمارات في تكوين شراكات استراتيجية مع مختلف القوى العالمية.
وفي حين تتميز دولة الإمارات بأن لها وزنا وثقلا سياسيا كبيرا في المنطقة بأكملها، حيث تكاد تجدها في كل الملفات التي تبحث عن حل وهذا كون لها مصداقية في السياسة الدولية، وأنها تنشط في علاقاتها الدولية شرقاً وغرباً، فإن روسيا هي الأخرى لديها سمات تجعلها عنصر مهم في التعاون مع الإمارات في تحقيق الاستقرار في المنطقة فهي منفتحة على الجميع دول الخليج وإيران وتركيا فهو يتخذ طبيعة براغماتية في التعامل، وهذا ربما يساعد في خلق تفاهم بين المختلفين.
بحكم لغة المصالح المشتركة التي تخدم شعب البلدين وهو أساس العلاقات الدولية، تحرص كل من القيادة السياسية الإماراتية والروسية على تنمية علاقاتهما الاقتصادية والسياسية والعسكرية، وقد لا يكون هناك رصيد تاريخي كاف لتلك العلاقات؛ ولكن في وجود لغة المصالح وفهم الواقع السياسي للعالم من شأنه أن يحفز في دفع العلاقات إلى آفاق أرحب، مع العلم أن هناك مشاريع وتفاهمات سياسية مشتركة حول قضايا مختلفة آخرها كانت تنظيم دولة الإمارات لقمة "أقدر" في روسيا التي يشهد لها العالم بعودتها إلى الساحة الدولية وإن كان بتأن وهدوء فمنطقة الشرق الأوسط والخليج تحديداً هي منطقة غامضة عليها بعد.
يحاول بوتين إيجاد موطئ قدم لتأسيس وجود سياسي لبلاده في المنطقة بأكملها وليس في سوريا فقط، وهو يختلف عن السياسة الأمريكية أنه لا يبني علاقاته وفق أيديولوجية معينة تفرض على الدول الأخرى تغير طريقة التعاطي معها، وبهذا الأسلوب الروسي مع ثقلها الدولي أصبح وجوده في داخل المنطقة مطلوباً، وهو (بوتين) يأمل من خلال هذه الزيارة تحقيق هدفه في اختراق الوجود الغربي في المنطقة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة