قطاع الفضاء الإماراتي يعد الأكبر من نوعه على مستوى المنطقة، من حيث عدد الأقمار الصناعية وحجم الاستثمارات
من يبحث في علم الفضاء، سيدهشه أن يجد مميّزات للعالم خبيئة، وتسير بديناميكية سيراً مستقلاً وتوجهه وتشكله وتدفعه، ولها القدرة على كل شيء، أي إنها قوة واعية لكنها بهذه الصفات لا يقتصر مدها على ما هو موجود على الأرض وحسب، بل تشمل الكون كله باتساعه العريض.
وفي الفضاء الفسيح الذي لا نعرف له حدوداً ملايين الملايين من النجوم السابحة في أجوازه، وبعض هذه النجوم أكبر من الشمس بآلاف المرات وملايينها، كالشعرى التي هي أثقل من الشمس بعشرين مرة، ونورها ضعف نور الشمس بخمسين مرة، وسهيل أقوى من الشمس بألفين وخمسمائة مرة، ومن هذه النجوم والكواكب التي تزيد على عدة بلايين نجم، وتؤدي جميعها مهمتها المنوطة بها في بناء الكون وسير حركته.
لقد كتب المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الكلمة التالية في علم الفضاء قال فيها: " إن رحلات الفضاء يفخر بها كل إنسان على وجه الأرض لأنها تجسد الإيمان بالله وقدرته، ونحن نشعر كعرب بأن لنا دوراً عظيماً في هذا المشروع وفي هذه الأبحاث، ونحن فخورون بالتقدم الهائل في علوم الفضاء بفضل القواعد التي أرساها العلماء العرب منذ مئات السنين، ونأمل أن يعم السلام ويدرك البشر الأخطار التي تهددهم بسبب التأخر".
قطاع الفضاء الإماراتي يعد الأكبر من نوعه على مستوى المنطقة، من حيث عدد الأقمار الصناعية وحجم الاستثمارات والتشريعات والسياسات الفضائية.
ونهضت دولة الإمارات العربية بهذا التوجه العلمي الفضائي، بهدف الوصول إلى النجوم ومساربها في فضاء الكون اللامتناهي، ومن المقرر أن يشهد عام 2020م دخولها رسمياً السباق العالمي لاستكشاف الفضاء، بإطلاق مسبار الأمل الفضائي بدون طيار إلى مدار الكوكب الأحمر، كوكب المريخ.
وتمثل رحلة المسبار، الذي يتوقف انطلاقه خلال هذا الشهر على تحسن الظروف المناخية في اليابان، في أول مهمة بين الكواكب لدولة الإمارات العربية المتحدة وللمنطقة العربية، إلى تزويد المجتمع العلمي العالمي ببيانات جديدة، وسيحلق المسبار حول المريخ بطريقة لم يتم إجراؤها من قبل، ليصل إلى بداية مداره حول المريخ في رحلة تمتد سبعة أشهر في شباط 2021م، وتبلغ سرعة انطلاق المسبار 34,082 كيلومتراً في الساعة للخروج من جاذبية الأرض، وليتزامن وصوله مع مرور 50 عاماً اليوبيل الذهبي ذكرى قيام اتحاد دولة الإمارات.
ويهدف المسبار إلى دراسة حالة الطقس في الكوكب الأحمر، وتلاشي الغلاف الجوي والتغيرات المناخية الموسمية، ومعرفة أسباب فقدان غازي الهيدروجين والأكسجين اللذين يشكلان المكونين الأساسيين للماء من الطبقة العليا للغلاف الجوي للكوكب، وتجميع وإرسال أكثر من 1000 جيجابايت من المعلومات التفصيلية عنه، والبيانات للمجتمع العلمي، التي ستكون متاحة لأكثر من 200 جهة علمية وبحثية حول العالم.
ويساهم مسبار الأمل في دخول دولة الإمارات رسمياً إلى السباق العالمي لاستكشاف الفضاء من بين 26 مهمة نجحت في الوصول إلى الكوكب الأحمر، وبدأ مشروع المسبار تصنيعه عام 2015م بأيادٍ إماراتية، الذي يعد محور مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ، ويشارك فيها فريق مكون من 10 كوادر إماراتية ضمن الفريق العالمي للمشروع.
ويظل المسبار في مدار المريخ سنة مريخية كاملة ما يعادل 687 يوماً، لجمع بيانات علمية مهمة حيث سيوفر المسبار أول صورة شاملة وكاملة عن الظروف المناخية على كوكب المريخ على مدار العام، وكيفية تغير الجو خلال فترات اليوم وبين فصول السنة، ومراقبة الظواهر الجوية على سطح المريخ، وتغيرات درجات الحرارة، وتنوّع أنماط المناخ تبعاً لتضاريسه المتنوعة، وسيتم الكشف عن الأسباب الكامنة وراء تآكل سطح المريخ.
وتعمد دولة الإمارات إلى إطلاق قمرين صناعيين للمراقبة الفضائية العلمية، وذلك بالتزامن مع فعاليات القمة العالمية لطاقة المستقبل ضمن أسبوع أبوظبي للاستدامة، وسيتم افتتاح مدينة المريخ بدبي، والإمارات تملك حالياً 10 أقمار صناعية في المدار، إضافة إلى 8 أقمار صناعية أخرى تحت التصنيع.
إن قطاع الفضاء الإماراتي يعد الأكبر من نوعه على مستوى المنطقة، من حيث عدد الأقمار الصناعية وحجم الاستثمارات والتشريعات والسياسات الفضائية، وبرنامج الإمارات الفضائي يسهم في تحقيق التنمية المستدامة وتحسين حياة البشر على الأرض، وذلك من خلال العمل على تنفيذ أهداف برنامج الأمم المتحدة للاستخدامات السلمية للفضاء الخارجي، وتملك دولة الإمارات إمكانيات متطورة لمراقبة التغيرات المناخية والعوامل البيئية، ومن ثم تسخير هذه الأنشطة الفضائية لتزويد الجهات المختصة بالمعلومات، للاستفادة منها في عملية التخطيط المسبق لتحقيق الاستدامة الشاملة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة