الاجتماع السنوي لحكومة الإمارات.. "صناعة الغد تبدأ اليوم"
تدرك الإمارات أنه لا مكان للعشوائية أو التخبط في العمل الحكومي، لأن بوابات المستقبل مفتوحة على مختلف الخيارات.
تدرك دولة الإمارات ــ في ظل ما يشهده العالم من تغيرات وتطورات متسارعة ــ أنه لا مكان للعشوائية أو التخبط في العمل الحكومي، لأن بوابات المستقبل مفتوحة على مختلف الخيارات مما يحتم فهم العملية الاستشرافية وأدواتها، إضافة إلى مواكبة الحراك التقني العالمي والاستفادة من أدواته للانتقال بالعمل الحكومي إلى المستقبل.
ومن هنا جاء إصرار الإمارات على جعل التخطيط الاستراتيجي واستشراف المستقبل منهج عمل حكومي أصيل في الوزرات والهيئات والمؤسسات المحلية والاتحادية كافة من أجل الحفاظ على مكانتها الريادية العالمية في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والعلمية.
ويأتي الاجتماع السنوي لحكومة دولة الإمارات ــالذي يعقد بعد غد الثلاثاء في أبوظبي برئاسة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحةــ ليؤكد أن التخطيط الاستراتيجي واستشراف المستقبل ركن أساسي من أركان العملية التنموية في الدولة وأن "صناعة الغد تبدأ اليوم".
وأكد عدد من المسؤولين والأكاديميين في تصريحات لوكالة أنباء الإمارات "وام" أن الاجتماع يشكل نقطة تحول بارزة ومحطة تاريخية هامة لتقييم التجارب السابقة في مجالات العمل الحكومي كافة من أجل استخلاص الدروس والعبر ووضع التصورات الرئيسية للمرحلة المقبلة للسير بخطوات مدروسة ووفق خطط استراتيجية ورؤى استشرافية نحو تحقيق "رؤية دولة الإمارات 2021" وصولا إلى مئوية الدولة عام 2071.
وقال أحمد الجروان عضو المجلس الوطني الاتحادي السابق إن قدرة الدول على تحقيق أهداف التنمية المستدامة ترتبط بجودة التخطيط الاستراتيجية في مختلف قطاعات الدولة، وهو ما يعزز قدرة مؤسساتها على توفير الحياة الكريمة لشعبها، موضحا أن دولة الإمارات تبنت منذ نشأتها على يد الآباء المؤسسين نهجا فريدا ومتميزا في التخطيط الاستراتيجي أثمر ما نشهده اليوم من نجاحات متعددة في مختلف قطاعات العمل سواء الحكومي أو الخاص.
وأوضح أن من أسرار نجاح التخطيط الاستراتيجي للإمارات هو أن وضع الخطط الاسترايجية لا يكون برؤية منفردة أو توجهات أحادية من أي قطاع من القطاعات، ولكن التفكير الجمعي والعصف الذهني وتعدد الرؤى وتشجيع الابتكار يمثل أحد أهم دعائم نجاح الدولة.. ولذلك تجد مختلف مستويات القيادة تسهم بجدية في المبادرات في المجالات المختلفة وتجد تعدد الخطط الاستراتيجية طويلة الأمد.
وبين أن ذلك يسهم أيضا في صنع قادة المستقبل فيشاركون في بناء مستقبلهم بأفكارهم.
واعتبر الجروان أن الاجتماع السنوي لحكومة دولة الإمارات تجربة رائدة لها بالغ الأثر في تعزيز قدرة الدولة على مواجهة التحديات الإقليمية والعالمية في مختلف المجالات، مشيرا إلى أنها تضم خمس استراتيجيات طويلة الأمد و 120 مبادرة وطنية في أكثر من 30 قطاعا مشتركا بين الاتحادي والمحلي واستعراض الواقع الجيوسياسي العالمي ومناقشة مستهدفات الدولة خلال السنوات الثلاث المقبلة.
من جانبها قالت الدكتورة ابتسام الكتبي رئيسة مركز الإمارات للسياسات؛ إن القرار الذي اتخذه مجلس الوزراء في دولة الإمارات لعقد "اجتماع سنوي" خلال شهر سبتمبر لمناقشة الوضع الحكومي والتنموي للدولة ووضع تصور تنموي وصولا إلى مئوية الإمارات 2071 يجسد الحوكمة المتقدمة في الدولة وحكمة القيادة وتفكيرها الاستباقي وحرصها على بذل كل جهدها من أجل تحقيق دولتنا الحبيبة التقدم والنهضة الشاملة.
وأضافت الكتبي أن الدول لا تقاد بالأماني ولا تسير بالعشوائية؛ فلم تصل الدول المتقدمة إلى ما وصلت إليه من نهوض حضاري وتطور عمراني وتقدم علمي وتكنولوجي وازدهار مادي ورفاهية العيش لشعوبها إلا من خلال التخطيط الاستراتيجي العلمي الذي يضع بدائل لمشاكل الحاضر ونواقصه ويستعد لتحديات المستقبل وآفاقه.
وأعربت عن أملها أن تنعكس مخرجات الاجتماع السنوي إيجابيا على ريادة الإمارات ونموذجها التنموي في المنطقة وتسهم في تعزيز مؤشرات القوة الناعمة للدولة.
من جهته أكد اللواء الدكتور أحمد ناصر الريسي مفتش عام وزارة الداخلية الإماراتية "أن دولة الإمارات تعد شاهدا جميلا على تحولات العصر الذي نعيش فيه بكل ما فيه من متغيرات اقتصادية وتكنولوجية وسكانية وبيئية هائلة.. فقد أصبحت تسابق غيرها على احتلال المراكز الأولى في مجالات تنموية عدة ولا سيما المجالات المستقبلية".
وقال إن الإمارات التي تفخر اليوم بقدرات أبنائها وابتكارهم وحكمة قيادتها ورؤيتها المستقبلية وقدراتها على استيعاب المتغيرات من حولها تخطط وتسير باتجاه المستقبل بخطى ثابتة، واضعة سيناريوهات تناسب طموحات الدولة وتتوافق مع المتغيرات الداخلية والخارجية المتوقعة.. معربا عن تفاؤله بمخرجات الاجتماع الحكومي السنوي والدور الذي ستلعبه في تحقيق الأهداف والمشاريع الحكومية المستقبلية.
ورأى الدكتور علي بن تميم مدير عام أبوظبي للإعلام أنه منذ قيام دولة الإمارات العربية المتحدة على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان كان التخطيط الاستراتيجي ركنا أساسيا من أركان العملية التنموية في الدولة، وينبع هذا الوعي المبكر من القراءة الصحيحة للتجارب العالمية المختلفة، فاستطاعت دول بمواردها القليلة النجاح بفضل التخطيط الاستراتيجي فيما أخفقت دول أخرى ربما تكون مواردها أفضل وأكثر تنوعا بسبب انعدام هذا التخطيط.
وقال إنه لعل السبب الآخر لهذا الوعي الإماراتي يتمثل في إدراك قادة الإمارات منذ البداية أن نعمة النفط لن تدوم، وبالتالي يجب التفكير في تنويع مصادر الدخل بما يضمن الحفاظ على منجزات الدولة ومسيرتها التنموية ويؤمن حياة كريمة لأجيال المستقبل، مشيرا إلى أن المتابع لتصريحات قادة الدولة منذ السبعينيات وحتى وقتنا هذا يرى هذا القاسم المشترك بينها، وهو ضرورة التخطيط الاستراتيجي وصون عملية التنمية وبناء الإنسان، ما اكتسب أهمية متزايدة مع نمو دولة الإمارات وزيادة أعداد سكانها من مواطنين ومقيمين، مما يستلزم استمرار وضع الخطط والاستراتيجيات الكفيلة بتوقع المستقبل والوقوف على تحدياته وإيجاد الحلول المسبقة لهذه التحديات.
وأضاف أن عملية التخطيط الاستراتيجي بلغت ذروتها مع اجتماعات الحكومة الإماراتية السنوية في أبوظبي يوم الثلاثاء المقبل والتي تتمحور حول التخطيط لمئوية قيام الدولة والتي ستشهد بادرات مهمة في هذا المجال.
وقد يستغرب بعضهم فكرة وضع الخطط لخمسين عاما المقبلة وليس فقط لخمس أو عشر سنوات، لكن التجرية الإماراتية الفريدة في مجال التنمية تحتم مثل هذه النظرة بعيدة المدى، فأعمار الدول لا تقاس بالسنوات فحسب بل بالخطوات الراسخة التي قطعتها وتقطعها نحو المستقبل.
من جهتها قالت الدكتورة فاطمة الشامسي نائب المدير للشؤون الإدارية في جامعة السوربون؛ إن التخطيط الاستراتجي في أي عمل هو من أهم العناصر الكفيلة بوضع مسارات النمو على الطريق الصحيح، وهو بمثابة الإطار الذي يحدد الاتجاه ويقيم الأداء ويختبر المخرجات، لذلك هناك دائما حاجة للتخطيط على المستويات الكلي والوحدات الاقتصادية.
وأضافت أن دولة الإمارات وقيادتها اعتمدت التخطيط الاستراتيجي هدفا رئيسيا لكل قراراتها من أجل وضع تصور للأهداف الاستراتيجية ومسار واضح للرؤى المستقبلية وذلك من أجل ضمان استخدام الموارد الاقتصادية بالشكل الأمثل من أجل تحقيق النتائج الأفضل.
وقالت "بما أن الهدف الرئيسي للدولة هو تحقيق معدلات نمو عالية ورفاه اقتصادي متميز لشعبها، فهي حريصة على أن تكون خططها الاستراتيجية محددة الأهداف وواضحة المعالم وشاملة لجميع الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية، وهذا ما يعمل عليه الاجتماع الحكومي السنوي في أبوظبي".
وأكدت الدكتورة منى البحر المدير التنفيذي لمركز الجليلة لثقافة الطفل أن الإنجازات التي حققتها دولة الإمارات كانت نتيجة التخطيط الاستراتيجي لصنع المستقبل والذي يعد منهجا أصيلا في عمل الحكومة الإماراتية منذ عهد التأسيس، مشيرة إلى أن اجتماع الحكومي السنوي استكمال لهذه المسيرة من الإنجازات ومناسبة لتقييم التجارب السابقة للبناء عليها وطرح مبادرات مستقبلية تحقق طموحات قيادة وشعب دولة الإمارات.
من جهته قال محمد عيسى الدرمكي عضو المجلس الاستشاري في إمارة الشارقة عضو جمعية الإمارات للتخطيط الإستراتيجي؛ إن سقف الطموحات كبير جدا بشأن الاجتماع الحكومي السنوي وما يخرج عنه من مبادرات وخطط تستهدف عزة ورفعة دولة الإمارات، مشيرا إلى أن التخطيط الاستراتيجي واستشراف المستقبل تحول إلى ثقافة عامة في المجتمع الإماراتي يتم غرسها في الأجيال الناشئة.
وأشاد الدكتور هاشم المنصوري مستشار أنظمة الحكومة الإلكترونية الذكية بما حققته دولة الإمارات من إنجازات عالمية بفضل الرؤى المستقبلية لقيادتها الرشيدة التي أرست نهج التخطيط العلمي والإستراتيجي في كل مفاصل الدولة وعملت جاهدة على تعزيز قدراتها وإمكانياتها وتحويل الأفكار المبتكرة إلى خطط عمل واقعية وتوظيفها في العمل الحكومي لرفع كفاءته والارتقاء بمخرجاته ليحظى كل مواطن بأفضل الخدمات الحكومية.
يذكر أن "الاجتماع السنوي لحكومة دولة الإمارات" يعد اللقاء الوطني الأكبر من نوعه والذي يترأسه الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم والشيخ محمد بن زايد آل نهيان، بمشاركة سمو أولياء العهود ومجلس الوزراء والمجالس التنفيذية في الدولة وأبرز 400 مسؤول حكومي في مختلف القطاعات.
وتهدف الاجتماعات السنوية -التي تستمر جلساتها ونقاشاتها على مدى يومين- إلى استعراض الجهود والبرامج كافة التي أنجزت لتحقيق "رؤية الإمارات 2021" واستعراض أهداف السنوات الثلاث المقبلة إضافة إلى وضع خطط واستراتيجيات حجر الأساس لمئوية الإمارات 2071.