مع مرور الوقت، تتعزز القناعة لدى أغلب الناس بأن موقف دولة الإمارات من القضية الفلسطينية ثابت وراسخ في الحصول على حق الفلسطينيين في دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
والموقف الإماراتي أيضاً ثابت في أن الممارسات المتطرفة التي تقوم بها حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليمينية تضر باستقرار المنطقة والعالم.
بل إن هذه الممارسات الإسرائيلية، من الناحية الواقعية، تخالف الإرادة الدولية ويترتب عليها إجراءات قانونية دولية، بل الأخطر من ذلك أنها تشذ عن المزاج العام في العالم بشأن الحق الشرعي للفلسطينيين.
أغلب الناس في العالم، عاديين ونخبة، بدأوا يدركون أن ما تفعله حكومة نتنياهو إنما يمثل تهديداً أخلاقياً للنظام الدولي، لا يقل في خطورته عن التهديدات التي أدت إليها الحربان العالميتان من حيث الجرائم الإنسانية.
وتتضح قناعة الرأي العام العالمي بشكل جلي في إعلان دولة الإمارات، أمس الأربعاء، رفضها لنوايا الحكومة الإسرائيلية بضم أجزاء من الضفة الغربية، وذلك في تصريح للدكتور أنور قرقاش المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات على حسابه في منصة (إكس)، حيث شدد على أن رسالة الإمارات واضحة باعتبار أن «ضم الأراضي» الفلسطينية خط أحمر، وأن الإمارات متمسكة بحل الدولتين.
فموقف دولة الإمارات يحذر من تداعيات القرار الإسرائيلي في حال تنفيذه، لأنه يسير «عكس التيار» السياسي والإنساني الدوليين.
ففي الوقت الذي يسعى فيه المجتمع الدولي لإيقاف سياسة التجويع الممنهجة في غزة منذ أكثر من عامين، وفي الوقت الذي يعمل فيه الجميع من أجل إيقاف الحرب ضد الشعب الفلسطيني، نجد حكومة نتنياهو تعرقل كل المحاولات وتسعى جاهدة لإحراج المجتمع الدولي أو إجباره على عدم التعاون معها من خلال ضرب كل المساعي الدولية بـ«عرض الحائط».
التفسير السياسي الوحيد لنية رئيس الحكومة الإسرائيلية ضم أراضٍ من الضفة الغربية ليس مجرد مزايدة سياسية على رغبة بعض الدول الأوروبية في الاعتراف بالدولة الفلسطينية خلال هذا الشهر، وإنما هو معاقبة للمجتمع الدولي بأسره، ولكل من يتبنى «حل الدولتين». وهذا بالتالي لن يكون مقبولاً لدى دولة الإمارات التي تسعى دائماً لدعم المساعي المؤدية إلى استقرار العالم والمنطقة.
يعكس موقف دولة الإمارات أن عنجهية نتنياهو لم تعد تحتمل المزيد من المراوغات والصمت على سياساته غير محسوبة العواقب. فالرأي العام العالمي بات يدرك كل ذلك، ويستغرب من صمت دول بحجم الولايات المتحدة والصين، وترك الأمر على هذا النحو سيؤدي إلى فوضى كبيرة في المنطقة.
كما يعكس أيضاً ثبات موقف دولة الإمارات في دعم الحق الفلسطيني ليس فقط في الجوانب الإنسانية، التي سجلت نسبتها خلال الحرب الأخيرة 42% من حجم المساعدات العالمية، بل أيضاً في الدعم السياسي في المحافل الدولية وبشكل فردي.
فعلى سبيل المثال، تعتبر دولة الإمارات الدولة الوحيدة في العالم، وليس فقط عربياً، التي أعلنت رفض ضم الضفة، وهو ما يثبت شجاعة موقفها السياسي.
من الأحسن لنتنياهو أن يُعير الموقف الإماراتي فيما يخص قرار ضم الضفة اهتماماً، لأنه لا يوجد أحد في المنطقة أو العالم يريد فعلاً العودة إلى ما قبل اتفاقيات أوسلو، لأن تنفيذ تلك النوايا سيجر الكثيرين في المنطقة وربما العالم إلى نتائج كارثية خارج السيطرة. فقرار الحرب على غزة وما استتبعه من ضرب حماس وحزب الله لم يكن خياراً إسرائيلياً بقدر ما كان ضرورة، ولكن خطوة ضم الضفة، إن نُفذت، فهي تصرف غير عقلاني.
تدرك دولة الإمارات المخاطر المترتبة على ما تفعله حكومة نتنياهو من سياسات تضر بمستقبل العملية السلمية في المنطقة، وتعي أن رفض السياسات الإسرائيلية التي تنتهك الشرعية الدولية لم يعد «حبيس» الدوائر السياسية كما كان قبل أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وإنما أصبحت القضية اليوم قضية رأي عام عالمي.
فهناك مظاهرات في العديد من دول العالم، ما يعني أن القرارات الاستراتيجية لا تُبنى على فرض القوة والسيطرة، وإنما تحتاج إلى الحوار والتفاوض والتفاهم، وهذا ما تدعو إليه دولة الإمارات دائماً.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة