دخل اتفاق الشراكة الاقتصادية الشاملة بين دولة الإمارات والأردن حيز التنفيذ، مستهدفاً رفع قيمة التجارة الثنائية غير النفطية بين البلدين إلى أكثر من 8 مليارات دولار بحلول عام 2032.
الاتفاق يعد خطوة تأتي ضمن توجه استراتيجي يقوم على تعزيز الشراكات التجارية ذات القيمة المضافة العالية، وبناء منظومات إنتاجية مرنة ومتكاملة.
ويعكس الاتفاق رؤية اقتصادية متقدمة وواضحة لتطوير سلاسل القيمة الإقليمية، من خلال دمج الميزات النسبية لكلا الاقتصادين؛ فدولة الإمارات تمتلك بنية تحتية لوجستية وموانئ متقدمة وقدرة على النفاذ السريع إلى الأسواق العالمية، بينما يتمتع الأردن بكفاءة إنتاجية في بعض القطاعات الصناعية والخدمية، وبتكاليف تشغيل أقل في بعض المجالات، بما يجعل من التكامل بين الطرفين خياراً اقتصادياً رائداً لتعظيم العوائد التجارية وتحقيق وفرات إنتاجية ملموسة.
وبالطبع، من المتوقع أن يسهم الاتفاق في تحفيز الشركات الصغيرة والمتوسطة، من خلال توفير بيئة تنظيمية وتشريعية أكثر مرونة، وتسهيل عمليات الاستثمار والنقل والتسويق، مما يرفع من فرص النفاذ إلى الأسواق ويقلل التكاليف التشغيلية، كما أنه يدعم مناخ الأعمال من خلال إزالة الحواجز الفنية والجمركية، وتوفير آليات حماية للمستثمرين، وهي عناصر ضرورية لرفع معدل الثقة وتحقيق استدامة النشاط التجاري.
على المدى المتوسط والطويل، تعزز مثل هذه الاتفاقيات من كفاءة الاقتصاد الكلي، من خلال زيادة الإنتاجية وتحسين تخصيص الموارد وتوسيع القاعدة التصديرية؛ فهي لا تقتصر على التبادل التجاري بل تسهم في نقل المعرفة والتكنولوجيا، وتخلق فرصاً للتصنيع المشترك، وتُدخل خدمات جديدة إلى الأسواق، مما يزيد من التنوع الاقتصادي.
الاتفاق كذلك ينسجم مع رؤية دولة الإمارات في الوصول إلى 1.1 تريليون دولار من التجارة غير النفطية بحلول عام 2031، ومضاعفة الناتج المحلي غير النفطي إلى 800 مليار دولار بحلول عام 2030، وهو ما يتطلب توسعة الشراكات الثنائية ذات العائد المرتفع، والتركيز على الأسواق التي توفر فرصا للتكامل الصناعي والتجاري، وهو ما يتيحه الاقتصاد الأردني بحكم بنيته القائمة على الصناعة والتعليم والخدمات.
إن هذا النوع من الشراكات الاقتصادية يعكس مرحلة نضج في التفكير التنموي، حيث لم تعد التجارة قائمة فقط على التصدير والاستيراد، بل على بناء منظومات إنتاجية مشتركة، قادرة على المنافسة الإقليمية والعالمية.
وبالتالي، فإن الاتفاق بين دولة الإمارات والأردن يقدم نموذجا عمليا لتحفيز النمو المستدام، ورفع القيمة المضافة في التجارة، وتعزيز مرونة الاقتصاد في مواجهة التحديات العالمية.. وبالتالي فإن هذا النوع من الشراكة بين البلدين الشقيقين يسير نحو خطى واعدة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة