هذه الزيارة التاريخية هي في حقيقتها قمة عالمية تنفرد بها الإمارات، وبتميز كونها تتحقق على أرض الواقع بعدما كانت فكرة حالمة
عبر التاريخ ظلت منطقة الشرق الأوسط من أكثر المناطق حساسية في العالم، أيديولوجياً وسياسياً وثقافياً واقتصاديا، ولكن الحساسية الأكثر تأثيرا ارتبطت بالأديان السماوية الثلاثة التي التقت على أرض الشرق الأوسط وتنازعت حوله، وانتشرت في العالم من خلاله. هذه المنطقة عبر التاريخ عانت من تناحر بشري كان أبطاله معتنقي تلك الديانات السماوية، وعبر التاريخ لم تكن هناك فرص حقيقية تفتح المسار أمام حوار يجمع هذه الأديان في منطقة نشأتها، فالمفارقة العجيبة أن هذه الديانات السماوية كلها التقت في منطقة امتدت بين شمال الجزيرة العربية ومصر والعراق ولكنها بقيت لتؤثر في كل شبر من هذا الكون دون استثناء.
العالم كله يستعد لحدث تاريخي من المؤكد أنه سيغير معادلة التاريخ بحدوثه على أرض الإمارات المتسامحة في عام التسامح، فأبوظبي بهذه العملية التاريخية بزيارة البابا إليها ولقائه قيادات إسلامية وعالمية، ترسم مسارا مختلفا لفكرة التسامح
لقد تجاوزت الأديان السماوية الثلاثة عمر الألف عام، ولعل أصغرها الإسلام الذي يعيش اليوم قرنه الخامس عشر ويحتل مساحة كبرى من الأتباع على الخارطة السكانية العالمية، فالإسلام اليوم هو ثاني الديانات السماوية من حيث الأتباع، وقد تجاوز عدد المسلمين في العالم اليوم مليارا وستمائة مليون مسلم يشكلون نحو ربع سكان العالم، ومن المتوقع أن يتضاعف عدد المسلمين خلال العقود المقبلة، وفي المقابل تأتي الديانة المسحية على رأس القائمة بأكثر من ملياري معتنق لها.
هذا الثقل البشري الذي يشكله أتباع الإسلام مع المسيحية يتجاوز بالعدد نصف سكان العالم، وهذا ما يطرح الأسئلة المهمة حول تفعيل التسامح وتنشيط الحوار والتفاهم والتقارب بين هذه الأديان. لقد كانت المحاولات تاريخياً كبيرة ومتعددة للوصول إلى تفاهم وتحاور ينشر التسامح بين من يشكلون أكثر من نصف سكان العالم ويجعلهم يفكرون بطريقة تتجه نحو مسار إنساني بعيد عن الخلافات الأيديولوجية.
في الأيام المقبلة، العالم كله يستعد لحدث تاريخي من المؤكد أنه سيغير معادلة التاريخ بحدوثه على أرض الإمارات المتسامحة في عام التسامح، فأبوظبي بهذه العملية التاريخية بزيارة البابا إليها ولقائه قيادات إسلامية وعالمية، ترسم مسارا مختلفا لفكرة التسامح، فبعد حقبة من الحروب انتهت في القرن الرابع عشر الميلادي، يتطلع العالم كله إلى حدث تاريخي انفردت به أبوظبي، هدفه الأول والأخير تأصيل التسامح والتقارب والحوار في العالم، وإحداث تغيير في معادلة العلاقات البشرية بين أتباع الأديان الأكثر انتشارا في العالم.
هذه الزيارة التاريخية هي في حقيقتها قمة عالمية تنفرد بها الإمارات، وبتميز كونها تتحقق على أرض الواقع بعدما كانت فكرة حالمة يصعب التفكير بها خلال العقود الماضية، فعندما تلتقي تلك الرموز الدينية على أرض التسامح، فستغير النتائج المنتظرة لهذا اللقاء مجرى التاريخ، وسوف يستمع العالم كله إلى لغة ترسخ مفهوم أن اختلاف الأديان وتفاوت العقائد لا يلغى التجانس الذي تشترك به البشرية حيث "الإنسانية" التي تتفوق على كل شيء.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة