عام التسامح يعزز دور الإمارات ورسالتها كجسر للحوار والتواصل الحضاري بين الثقافات والحضارات والشعوب.
التسامح قيمة راسخة في وجدان الشعب الإماراتي منذ تأسيس الدولة على يد المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، فهو من بين لآلئ الإرث الخالد للقائد المؤسس، وهو إرث تجذر في مرحلة التمكين عبر إطار تشريعي غير مسبوق يتمثل في قانون مكافحة التمييز والكراهية، الصادر عام 2015، حيث يحظر هذا القانون المهم الإساءة إلى الذات الإلهية أو الأديان أو الأنبياء أو الرسل أو الكتب السماوية أو دور العبادة، كما يحظر التمييز بين الأفراد أو الجماعات على أساس الدين أو العقيدة أو المذهب أو الملة أو الطائفة أو العرق أو اللون أو الأصل الإثني، ويجرم كل قول أو فعل يستهدف إثارة الفتنة أو النعرات أو التمييز بين الأفراد أو الجماعات، عبر النشر من خلال شبكة "الإنترنت"، ما يضع أسساً قانونية واضحة لنشر التسامح وإعلاء قيمة العدل والمساواة وقبول الآخر، وهذه في مجملها الأطر والمعايير الحاكمة لقيمة التسامح، والتي تحصن المجتمعات ضد أي تغول على هذه القيمة الإنسانية والحضارية.
من هنا تبدو ريادة دولة الإمارات في التعاطي مع التسامح باعتباره ركيزة لأمن واستقرار المجتمعات ومن ثم الدول، وربما كانت رؤية قيادتنا الرشيدة لما حدث في منطقتنا العربية من فوضى واضطرابات من عام 2011، عاملا مهما في التركيز على القيم الإنسانية ودورها في بناء المجتمعات وتحقيق السلم، انطلاقاً من دور الإمارات ورسالتها ليس فقط على صعيد صناعة الأمل واستشراف المستقبل وإحياء طموحات ملايين الشباب العرب والمسلمين واستعادة ثقتهم بمقدرة بلادهم على الإسهام في مسيرة الحضارة الإنسانية بعيداً عن التشدد والتطرف والعنف والإرهاب، ولكن أيضاً على صعيد بناء النموذج الذي يمكن أن يقدم إسهاماً جادًّا للبشرية من خلال نسج وترسيخ العلاقات المجتمعية القائمة على الأخوة الإنسانية من دون تفرقة بين دين وجنس ولون وعرق ومذهب.
تبدو ريادة دولة الإمارات في التعاطي مع التسامح باعتباره ركيزة لأمن واستقرار المجتمعات ومن ثم الدول، وربما كانت رؤية قيادتنا الرشيدة لما حدث في منطقتنا العربية من فوضى واضطرابات من عام 2011، عاملا مهما في التركيز على القيم الإنسانية ودورها في بناء المجتمعات وتحقيق السلم
ولاشك أن إعلان صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة-حفظه الله- عام 2019، عاماً للتسامح، لا يأخذ طابعاً بروتوكولياً فالجميع يشهد أن الأعوام السابقة التي حملت أيقونات مثل "عام زايد" و"عام الخير"، قد شهدت إنجازات ومبادرات كبيرة لتحقيق أهداف مدروسة من الاحتفاء بهذه الأيقونات، وبالتالي فإن التسامح حين يحتفى به عقب عام زايد، فإننا بصدد امتداد طبيعي لإرث القائد المؤسس، طيب الله ثراه، وأهداف هذا العام واضحة مدروسة جلية منها ترسيخ مكانة دولة الإمارات عاصمة عالمية للتسامح، وتأكيد قيمة التسامح باعتبارها عملاً مؤسسياً مستداماً من خلال مجموعة من التشريعات والسياسات الهادفة إلى تعميق قيم التسامح والحوار وتقبل الآخر والانفتاح على الثقافات المختلفة، خصوصا لدى الأجيال الجديدة بما تنعكس آثاره الإيجابية على المجتمع بصورة عامة .
وعندما يوجّه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، بتشكيل اللجنة الوطنية العليا لعام التسامح برئاسة سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي، وعضوية عدد من الوزراء في مقدمتهم معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التسامح نائب رئيس اللجنة، وممثلين من الجهات الأهلية الفاعلة في الدولة، فإننا نكون بصدد عمل مؤسسي نتوقع أن تفوق إنجازاته ونتائجه مستوى الطموحات، لما عرف عن قيادة سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان للكثير من المبادرات الوطنية المتميزة، وأحدثها مبادرة "قوة جواز السفر الإماراتي" التي حققت أهدافها ووضعت جواز السفر الإماراتي في المرتبة الأولى عالميا في غضون وقت قياسي وقبل الاستحقاق الزمني لتحقيق أهداف المبادرة وهو رؤية الإمارات 2021.
وقد حدد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم أهدافا واضحة لهذه اللجنة، ومنها أن تكون دولة الإمارات المرجع العالمي الرئيسي في ثقافة التسامح وسياساته وقوانينه وممارساته، وهذا الهدف الحيوي يعني تعزيز مكانة الدولة ومضاعفة قوتها الناعمة وتحويلها إلى أيقونة عالمية للتسامح.
عام التسامح يعزز دور الإمارات ورسالتها كجسر للحوار والتواصل الحضاري بين الثقافات والحضارات والشعوب، ويعمق مكانتها عاصمة عالمية للتسامح مثلما هي عاصمة عالمية للعمل الإنساني.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة