الإمارات ودعم فلسطين.. دبلوماسية واقعية تصعق المتاجرين بالقضية
يبرز هذا الاتفاق التاريخي الدور القيادي للشيخ محمد بن زايد آل نهيان على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي
لا يمكن أن يزايد منصف على مواقف دولة الإمارات الداعمة للقضية الفلسطينية، التي تعد أحد ثوابت السياسة الخارجية الإماراتية.
ومنذ تأسيسها، لعبت الإمارات دورا بارزا في في دعم الشعب الفلسطيني في محاولة استرجاع حقوقه المشروعة مستندة على سياسة تتسم بالواقعية بعيدا عن إستراتيجية الظواهر الصوتية، التي تنتهجها الدول المتاجرة بالقضية الفلسطينية.
وتكللت تلك السياسة الواقعية والدبلوماسية العقلانية بإعلان إسرائيل اليوم الخميس وقف خطة ضم أراض فلسطينية.
وفي أعقاب اتصال هاتفي بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بالإمارات تم الإعلان عن "وقف إسرائيل عن خطة ضم أراض فلسطينية" وذلك بناء على طلب الرئيس ترامب وبدعم من دولة الإمارات.
ويعد التوصل إلى هذا الاتفاق التاريخي الذي منع إسرائيل من ضم غور الأردن والمستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية وهو ما قدره الفلسطينيون بنحو 30% من مساحة الضفة، دليل واضح على الحكمة الدبلوماسية لدولة الإمارات وتجسيداً لمبادئ التسامح والتعايش الإماراتية ونشر ثقافة السلام والمحبة بين شعوب العالم.
أيضا يبرز هذا الاتفاق التاريخي الدور القيادي للشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بالإمارات على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي في رأب الصدع ولم الشمل وتقريب وجهات النظر لأجل أمن واستقرار المنطقة، فهو المبادر الدائم لإيقاف الصراعات بين الدول، وإخماد الفتن وإطفاء النزاعات، والساعي إلى المصالحات، بحثاً عن السلام العالمي وسعياً لحقن الدماء، وحفظاً للإنسان وصوناً لكرامته.
حراك دولي فاعل
ولا يخلو خطاب سياسي لدولة الإمارات في أي محفل دولي أو إقليمي من التأكيد على مركزية القضية الفلسطينة للإمارات والأمة والعربية والإسلامية، والتحذير من مغبة عدم التوصل لحل عادل لتلك القضية، وخطورة استغلالها من من التنظيمات الإرهابية ومن الدول التي اعتادت على المتاجرة بالقضية مثل إيران وقطر وتركيا.
ولم تفوت الإمارات أي محفل أو أي مناسبة إلا وعبرت عن دعمها الحق الفلسطيني.
ففي خطاب الإمارات أمام الدورة الـ 74 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في 28 سبتمبر / إيلول الماضي، أكد الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي إنّ القضية الفلسطينية ستبقى قضية العرب المركزية.
وأوضح أنه "لا يمكن ترسيخ الاستقرار في المنطقة من دون حل عادلٍ، شاملٍ، ودائم يمكّن الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس."
وحذر من أنّ الانتهاكات التي تنتهجها إسرائيل تجاه الفلسطينيين وما تتعرض له مدينة القدس من خلق وقائع جديدة على الأرض، سيمكن الجماعات المتطرفة من استغلال معاناة الشعب الفلسطيني الشقيق.
وخلال مشاركة الإمارات في أكتوبر الماضي بالقمة 18 لحركة عدم الانحياز في العاصمة الأذربيجانية "باكو"، أكد الدكتور أنور بن محمد قرقاش وزير الشؤون الخارجية الإماراتي على أنّ "القضية الفلسطينية ومسيرة السلام في الشرق الأوسط ملف مهم ومركزي" لحركة عد الانحياز، وشدّد على أهمية التوصل إلى حل شامل ودائم للقضية الفلسطينية مبني على حل الدولتين.
وفي ٢٧ نوفمبر الماضي، وفي رسالة وجهها للأمم المتحدة بمناسبة "اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني" الذي يصادف 29 نوفمبر من كل عام، جدّد الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات تآزر بلاده مع تطلعات الشعب الفلسطيني الشقيق في تقرير المصير، وكذلك مساندتها المساعي الإقليمية والدولية المبذولة من أجل التخفيف من معاناته.
وأكد خلالها أن ترسيخ مظاهر السلام العادل والشامل والدائم في المنطقة، لن يتحقق من دون تحقيق حل الدولتين وفقاً لمبادرة السلام العربية، وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة.
وأكد في هذا الصدد "على أن القضية الفلسطينية ستبقى قضية العرب المركزية والهم الذي يشغل وجدانهم ، وبالتالي لا يمكن ترسيخ مظاهر السلام العادل والشامل والدائم في المنطقة، من دون تحقيق حل الدولتين وفقاً لمبادرة السلام العربية، وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، بهدف إعلان الدولة الفلسطينية المستقلة المعترف بها دولياً على حدود عام 1967 وعاصمتها "القدس الشرقية".
وأكد على مواصلة دولة الإمارات في مساندة أشقائنا الفلسطينيين حتى يتم التوصل إلى حل عادل ودائم وشامل لقضيتهم العادلة".
دعم متواصل
على الصعيد البرلماني، أكدت الشعبة البرلمانية الإماراتية للمجلس الوطني الاتحادي، خلال مشاركتها في الاجتماع العاشر للجنة فلسطين، ضمن أعمال الدورة الـ 15 لمؤتمر اتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، الذي عقدت في مدينة واغادوغو– بوركينا فاسو خلال الفترة 27 حتى 30 يناير الماضي: حرص دولة الإمارات على تقديم كل ما يمكن من مساعدة من أجل توفير كافة السبل التي تمكّن الشعب العربي الفلسطيني من العيش حياة كريمة يستحقها.
بينت أن الإمارات ساهمت بنحو 105 ملايين دولار أمريكي لدعم برامج وكالة الأونروا التعليمية، مما مكن الوكالة من توفير بيئة تعليمية مناسبة للأطفال الفلسطينيين.
وتابعت: "وفي شهر يوليو 2019 قدمت الدولة تبرعا بما يقارب 50 مليون دولار أمريكي لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونرو" لتقديم الخدمات الصحية وتنفيذ البرامج التعليمية وتقديم خدمات أخرى لأكثر من خمسة مليون فلسطيني".
وشددت الشعبة البرلمانية الإماراتية في المقترحات التي تقدمت بها بأهمية أن تدعو البرلمانات حكوماتهم الوطنية على الالتزام بدعم الأونروا لضمان استمرار الدعم والدور الذي تقوم به في حماية حقوق اللاجئين الفلسطينيين حتى تتمكن من مواصلة تقديم جميع خدماتها لأكثر من 6 ملايين لاجئ فلسطيني.
وشددت على أهمية دعم القضية الفلسطينية والقدس الشريف في مختلف المحافل البرلمانية باعتبارها القضية المركزية للأمة الإسلامية في المحافل الدولية، بما في ذلك التصويت لصالح القرارات ذات الصلة في جميع المحافل الدولية ودعم حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره كشرط أساسي لدعم الحل القائم على قرارات الشرعية الدولية.
وفي فبراير / شباط الماضي، أكد صقر غباش رئيس المجلس الوطني الاتحادي الإماراتي، أن القضيةَ الفلسطينية كانت ولاتزال، من أهم القضايا المركزية في السياسةِ الخارجيةِ الإماراتية.
وقال رئيس المجلس الوطني الاتحادي الإماراتي- في كلمة له خلال أعمال المؤتمر الثلاثين الطارئ للاتحاد البرلماني العربي الذي عقد في العاصمة الأردنية عمان حول "دعم ومساندة الأشقاء الفلسطينيين في قضيتهم العادلة "قضية العرب والمسلمين": إن دولةَ الامارات العربية المتحدة تعتبرُ نفسَها شريكا للأشقاءِ الفلسطينيين في توفير كل أوجه الدعم عمليا وفعليا.
وأوضح أن ترحيبَ دولة الإمارات بأنْ يقيم على أرضها الكثيرُ من أبناء الشعب الفلسطيني الشقيق منذ سنواتٍ طويلة، يتمتعون بكل سُبل الأمن والأمان، ويعملون في مؤسساتِ الدولة العامة، كما يعملون في منشآت القطاع الخاص، دليلٌ على مكانة هذا الشعب وقضيته في نفوس كل أبناء الإمارات، وهذا كلُه واجبٌ علينا نسعدُ بالقيامِ به حبا وتقديرا لهذا الشعب العظيم، وتوافقا مع سياسة الإمارات الداعمة لكل حقوق أمتنا العربية والإسلامية.
ركائز الحل
وأكد غباش وقوف الإمارات مع ضرورةِ الحل الدائم والعادل والشامل للقضية الفلسطينية، والذي يقومَ على ثلاثِ ركائز أساسية ومترابطة متمثلة ًفي مركزية حل الدولتين بما يضمنُ إقامةَ دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادةٍ كاملة على ترابِها الوطني وعاصمتُها القدس الشرقية، وقرارات مجلس الأمن الداعية إلى الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي العربية المحتلة، ومبادرة السلام العربية التي تمَّ إقرارُها والتمسكُ بها كخيارٍ استراتيجي للسلامِ منذ قمةِ بيروت في عام 2002.
وأوضح إنه: وبناءً على تلك الركائز مُجتمعةً، فإن الإمارات نؤيدُ الحوارَ والتفاوضَ المباشرَ الفلسطيني – الإسرائيلي ودون أنْ يعنىَ ذلك الحوار والتفاوض، تحت أيةِ صورةٍ من الصور، التخلي عن الثوابت العربية لحل القضية الفلسطينية، وحق الشعب الفلسطيني الكامل في دولةٍ ذات سيادة كاملةٍ وعاصمتُها القدس الشرقية.
اتفاق تاريخي
في ضوء تلك الركائز جاء الاتفاق التاريخي الإماراتي الأمريكي الإسرائيلي، الذي يغلب لغة الحوار والتفاوض، دعما للحق الفلسطيني وإعلاء لمصالحه العليا بعيدا عن سياسة الظواهر الصوتية للمتاجرين بالقضية، الذين لم يقدموا أي شئ يذكر للقضية الفلسطينية.
واتفق الرئيس الأمريكي ورئيس الوزراء الإسرائيلي والشيخ محمد بن زايد آل نهيان، على مباشرة العلاقات الثنائية الكاملة بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة.
وهو اتفاق لا يعني بحال من الأحوال التخلي عن الثوابت العربية لحل القضية الفلسطينية، وحق الشعب الفلسطيني الكامل في دولةٍ ذات سيادة كاملةٍ وعاصمتُها القدس الشرقية، بل هو اتفاق يقرب الفلسطينيين أكثر من الحصول على حقوقهم بدعم إماراتي.
ومن شأن هذا الإنجاز الدبلوماسي التاريخي أن يعزز من السلام في منطقة الشرق الأوسط، وهو ما تكلل سريعا بإعلان إسرائيل وقف خطة ضم أراض فلسطينية.